مرايا الربيع
لإشراقةِ الفجرِ تغريدةٌ
لم تزلْ تًطرِبُ الروحَ
مُذْ مولد الحُلمِ،
مصحوبةٌ بالأنينِ المعتقِ
من طعنةٍ غائرةْ ..
ونبضٌ كنقرِ العصافيرِ
يطرقُ أجفانَ حُلمٍ
غفا مثلُ طفلٍ
تثاءبَ في مقلةِ الفجرِ
وانسلَّ منها
على وصوصاتِ
المُنى النافرةْ ..
يُقَلِّبُ كفيهِ
يمسحُ طيفاً توهَّمَهُ عالقاً بالجفونِ،
يطلُّ بنظَّارةِ الوقتِ مستشرفاً؛
فَيُلفي الضحى
في ثيابِ الأصيلْ؛
تدثَّرَ بالغيمِ
حزناً عليهْ ..
غريبٌ
يحدِّقُ في كلِّ شيءٍ
فيصعقُهُ منظرُ الوردِ؛
شاختْ بأكمامِها،
ودَمٍ سَحَّ
في تربةِ الياسمينْ ..
يحدِّقُ في كلِّ شيءٍ
كطيرٍ على شرفةِ الموتِ
يرجفُ خوفاً،
وجوعاً،
وينكرُ ما حولَهُ؛
ويدُ الليلِ تغتالُ عُمرَ الصباحِ
وتصنعُ عكازةً للربيعْ ..
تطاردُهُ أعينُ الليلِ
ألْسِنَةُ النارِ
حقدُ الذئابِ
وحُمقُ القطيعْ ..
وتغتالُهُ في عيونِ الصغارِ
وضعفِ الكبارِ؛
بِصَبِّ الدمارِ
وطيشِ القرارِ
وعقمِ الحِوارْ ..
على شرفةِ الموتِ
يبكي فقيداً،
يزفُّ شهيداً،
يواسي طريداً،
ويؤوي شريدا ..
يُغَنِّي
يكابرُ أحزانَهُ،
ثُمَّ يُصغي كأمٍّ
لِـ(نَوحِ الطيورْ) ..
كفُلكٍ على صفحةِ الماءِ
يمخرُ أحزانَهُ
هازئا بالرياحْ ..
ويخنقُ آهاتِهِ بالغناءِ
ويستنهضُ العزمَ
رغمَ الجراحْ ..
فيا حلمُ
رفقاً بقلبٍ تمزَّقَ
شوقاً وعصفا،
ويا يأسُ غادرْ
ولا تقربِ الأعينِ الساهرةْ ..
لِحُزنِ المرايا هنا ظاهرٌ
تَدَثَّرَ باليأسِ مِن فجرِهِ
وتخفي الظواهرُ أسرارَها
ولم يُفصحِ الفجرُ عن سِرِّهِ
غداً ييأسُ الليلُ مِن يأسِنا
وينهارُ باليأسِ مِن نَصرِهِ
***
ياسين عبدالعزيز
4/7/2013م