أحدث المشاركات
صفحة 1 من 2 12 الأخيرةالأخيرة
النتائج 1 إلى 10 من 19

الموضوع: صــــــــابر

  1. #1
    قلم نشيط
    تاريخ التسجيل : Apr 2013
    الدولة : مصر
    المشاركات : 362
    المواضيع : 47
    الردود : 362
    المعدل اليومي : 0.09

    افتراضي صــــــــابر

    " صـــــــــــــــابر "


    يتأرجح العصفور على سلك المصباح ، ينشد لعصفورته أنشودة المبيت ، تتوافد نسمات الربيع تداعب
    الأغصان الوارفـة خلف النافذة ، تنثر في الغرفــة عبق اخضرار السنابل ، تتربـع شمس الأصيل على
    الملاءة الحمراء ، تذيب ثلج سنين الوحدة من وسادته الخالية .

    يهندم صابر جلباب زفافه وهو شجي بالعصفورين وهمـا يسويان نومتهمـا على شفـا فجـوة من بوص
    سقف حجرته ؛ منشرحا بهما .. ومسنرحمـا .. كأنما يريد أن يتلطف بهما ، ويهيئ لهمـا مخدعا طريا .
    وقبل أن يرتدي طاقيته الصوف الجديدة ، راح يقلب نثار شعراته البيضاء ، وقـد ارتسمت على وجهـه
    ابتسامة ملبدة بالعبوس .. ! وسرعان ماتجاهل هذا الأمر محتسبا هذا البياض وقارا ورسولا ...
    ولما فرغ من هندامه ولمساته الأخيرة ، بدا له مظهره ملائما أنيقا .

    وبقيت أسئلته على نفسه تطارد أفكـاره : يا تـــــرى ما شكل عروسي .. ملامحهـــا .. ما شعورهـــــا
    تجاهي ...؟ يلعن تقاليد بلديهما ...؟! يتساءل ويتساءل ... حتى انقطـــع عن شـروده فور هبوب صخب
    الموكب ، فالتفت مسرورا ، يتتبع فدوم الهـودج المتبختر على الطريق الترابي المحصور بين ترعتين ؛
    ما أجمله وهو يتمايل مع رقصات الأشجار ، وما أطرب قعقعة السواقي وهي تتناغم مع ضرب الدفوف ،
    وما أبهى غانيات الريف وهن يرقصن البلدي على استحياء ..

    يتداني الهودج .. يدنو من سور حديقته . ترفع الناقة عنقهـا الطويل وتشمر أشلافها الغليظة ، فتتكشف
    أسنانها الضخمة ، لتصدر رغاء ينذر برضوخهــا ؛ وعلى التو تتزايد الجموع فيمتلئ الفناء حول الـدار
    بالكبار والصغار ، ويمتلئ الفضاء بزغاريد النسوة ورصاصات مدافع الفتيان ، فيتوالد جلبـا مبهجـــــا ،
    يفجر سكون وحدته القاسية ، وليحرره من حصار الصمت ، ويذهب به إلى حصار مشاعره ..

    أنفرجت أستـار الهودج ، تبعهــا على الفور انفــــــراج شفتيْه .. وانبهارات عينيْه .. وانصهار خلجاتـه
    عيناه تخترق الزحام ، تترقبها وهي تتدلل بخطوات غزالة .. ولما لامست أقدامهــا نجيل بستانه المزهر ،
    تابعت السير على استحياء ، متجهه نحو البهـو المتبرج ، وصوب عيْنيْه اللامعتيْن في ضوء أنوثتهـــا
    المتدفقة .. تلك العينان التائهتان عن مواطن الجمـال والمفاتن لسنون وسنون .. وعلى لهف تطل روحه
    من جسده ــ متعجلة ــ لترمي وثاق العنوسة تحت أحذية الزحـام ، ولترحب بقـدوم الأنس والسكينة على
    بوادر اعتناق الروح بالروح .. ويبقى جسده مشتعلا حتى ترطبه جرعـات الأنوثة الماثلة أمام عينيه في
    قوام سمهري .. وعلى استعجال منه راح يشربها ــ عن بعد ــ جرعة واحدة ، يعيدها جرعات وجرعات ..
    ثم وقف قليـلا على الليل النائم في عينيها .. وتزحزح قليلا إلى شفتيها القانيتين ، الذي كـاد أن يشعلهما
    وهي على شفــة التلاق .. بينما هي على خطوتها الأخيرة ، تفكك دلالها بين ذراعيه ، مثلما تفككت بقايا
    أعصاب ساقيه من وقفته القصيرة ؛ فخـر على الفور جالسا منهكا .. فتسمرت فرحتهـا وعيناهـــا تحملق
    بشدة في كرسيه المتحرك .. ؟! ثم فرت حتى بلعتها الخمائل

    عبدالله عيسى

    الثلاثا : 2 / 12 / 2014


  2. #2
    الصورة الرمزية خلود محمد جمعة أديبة
    تاريخ التسجيل : Sep 2013
    المشاركات : 7,724
    المواضيع : 79
    الردود : 7724
    المعدل اليومي : 2.00

    افتراضي

    اراها هي التي ستكون صابرة على ما ابتليت به
    والقصد ليس الكرسي او الاعاقة الجسدية بل في إخفاء الأمر عنها وفي ذلك حرمة حللتها تقاليدهم
    عادات فيها ظلم لكلا الطرفين
    عادات وتقاليد تقود المجتمع الى المضي خلفا بثبات وسرعة
    طرح طيب وحبكة محكمة بسرد ماتع واسلوب مشوق
    كل التقدير

  3. #3
    مشرف قسم القصة
    مشرف قسم الشعر
    شاعر

    تاريخ التسجيل : May 2011
    المشاركات : 7,009
    المواضيع : 130
    الردود : 7009
    المعدل اليومي : 1.49

    افتراضي

    قصة جميلة و بسرد جميل ..
    هذه واحدة من صور الخداع والغبن تجبر فيه الفتاة على الزواج دون مشورتها.. بينما هم الطرف الآخر إرضاء رغبته حتى وإن كان من ذوي الإعاقة مثلما أشارت الأديبة خلود.
    ممتع هذا النص أستاذ عبد الله عيسى .


    تحياتي.

    (لسنين وسنين)
    وقل لعبادي يقولوا التي هي أحسن

  4. #4
    قلم نشيط
    تاريخ التسجيل : Apr 2013
    الدولة : مصر
    المشاركات : 362
    المواضيع : 47
    الردود : 362
    المعدل اليومي : 0.09

    افتراضي

    من فضل جواركم ، وحضوركم ، وتشجيعكم .. جاء طوعا لي هذا النص
    واحمد الله أنـه نال منكم الرضـــــا والاعجاب . أشكر لك مفتتحك للنص ..
    كل الود والتحايا للمحبوبة الأخت ، الأديبة . خلـــــــود

  5. #5
    الصورة الرمزية خليل حلاوجي مفكر أديب
    تاريخ التسجيل : Jul 2005
    الدولة : نبض الكون
    العمر : 57
    المشاركات : 12,545
    المواضيع : 378
    الردود : 12545
    المعدل اليومي : 1.83

    افتراضي

    هذا النص يستغرق في السرد المحلى بأدبية وشاعرية مميزة تجعل المتلقي يشعر أنه يقرأ لقصيدة في حكاية أو حكاية في قصيدة .. ثمة مقصد آخر لهذا الاستغراق بأن يتعمد الكاتب تسليط الضوء على ( الحبكة ) الشديدة الظهور وهو يختصرها في الكلمات الأخيرة .. النص يطرح مشهدًا مكررًا في دفاتر الأدب ومن أجل ذلك تعمد الكاتب المزج بين سرديته والحدث ..

    مما يؤخذ على النص استعجال المراجعة النحوية والإملائية .. والاستعانة ببعض من الألفاظ عامية .. وكم كنت متشوقًا لقراءة وجهة نظر البطلة المغلوبة على أمرها لعل النص يؤثث برؤية فلسفية تخص الواقع الإجتماعي لحاضرنا المخيف .. ليؤدي الأدب رسالته .. فالفكر قبل الشعر والنثر شعارنا في واحتنا المباركة ..


    أنا فخور بهذا القلم السيّال .. وأنتظر من أديبنا المزيد من الروعة والدهشة ..



    تقديري.
    الإنسان : موقف

  6. #6
    قلم نشيط
    تاريخ التسجيل : Apr 2013
    الدولة : مصر
    المشاركات : 362
    المواضيع : 47
    الردود : 362
    المعدل اليومي : 0.09

    افتراضي

    سلام الله عليكم

    بعد التنبيه من مفكرنا الأديب الرائع . خليل حلاوجي ، مررت مرورا سريعا ، وتبينت الأتي :
    ــ مسنرحما = مسترحما . جأت سهوا خطأ كبوردي وضعت ألـ ن بدل ألـ ت .
    ــ فدوم = قدوم . سهوا أيضا ، وضعت ألـ ف بدل ألـ ق
    ــ متجهه = متجهة . سهوا لم أضف النقطتين على الحرف الأخير .
    ــ ملائما = ملاءما . خطأ مني لم أنتبه إليه جيدا .

    أما عن الألفاظ العامية :
    ــ بوص
    / أراهما صحيحين ــ والله أعلم ــ على حسب نطقنا المصري ، العامي والفصيح .
    ــ نجيل

    أما الأخطاء اللغوية :
    ــ ويبقى جسده مشتعلا . مرتاب فيها ويبقى جسده مشتعل .
    ــ لسنون وسنون . أفهم أن سنون = سنين في الجمع . أرجو التوضيح من كل متفضل طوعا
    لعمل الخير . وأناشد حضور أديبنا الجميل " خليل حلاوجي " بالتشريف من جديد . تحياتي




  7. #7
    الصورة الرمزية خليل حلاوجي مفكر أديب
    تاريخ التسجيل : Jul 2005
    الدولة : نبض الكون
    العمر : 57
    المشاركات : 12,545
    المواضيع : 378
    الردود : 12545
    المعدل اليومي : 1.83

    افتراضي

    عبد الله عيسى .. أديبنا ..



    قلبي يحبكم ..

  8. #8
    قلم نشيط
    تاريخ التسجيل : Apr 2013
    الدولة : مصر
    المشاركات : 362
    المواضيع : 47
    الردود : 362
    المعدل اليومي : 0.09

    افتراضي

    مرحبا بأخي الفاضل الأديب . عبدالسلام دغمش
    شرفت بهذا الحضور الذي تمهلت عليه باللقاء . رغم إعجابي بمثل هذا الرد الذي
    يضبط ، دون أن يترك الحال على عوج . يسعدني حضوركم دومــــا . التحايا كلها

  9. #9
    الصورة الرمزية آمال المصري عضو الإدارة العليا
    أمينة سر الإدارة
    أديبة

    تاريخ التسجيل : Jul 2008
    الدولة : Egypt
    المشاركات : 23,786
    المواضيع : 391
    الردود : 23786
    المعدل اليومي : 4.14

    افتراضي

    اللغة جدا رائعة والحبكة قوية والسرد شائق تطرق من خلالها أديبنا الفاضل لحالة اجتماعية ترفض فيها القيم مايبيحه العرف والتقاليد من تزويج الفتاة رغما لمن يغدق العطاء وإن كان عاجزا
    تصوير ناطق كأني أشاهد عملا سينمائيا بدقيق الوصف للجو الريفي الأصيل والطقوس المتبعة في الأعراس الشعبية مصحوبة بحالة البطل النفسية مع قدوم موكب العروس
    كنت رائعا بقوة هنا فشكرا لك هذا الجمال
    تقديري الكبير
    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي

  10. #10
    الصورة الرمزية الفرحان بوعزة أديب
    تاريخ التسجيل : Aug 2012
    المشاركات : 2,366
    المواضيع : 199
    الردود : 2366
    المعدل اليومي : 0.55

    افتراضي

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة عبدالله عيسى مشاهدة المشاركة
    " صـــــــــــــــابر "
    يتأرجح العصفور على سلك المصباح ، ينشد لعصفورته أنشودة المبيت ، تتوافد نسمات الربيع تداعب الأغصان الوارفـة خلف النافذة ، تنثر في الغرفــة عبق اخضرار السنابل ، تتربـع شمس الأصيل على
    الملاءة الحمراء ، تذيب ثلج سنين الوحدة من وسادته الخالية .
    يهندم صابر جلباب زفافه وهو شجي بالعصفورين وهمـا يسويان نومتهمـا على شفـا فجـوة من بوص سقف حجرته ؛ منشرحا بهما .. ومسترحمـا .. كأنما يريد أن يتلطف بهما ، ويهيئ لهمـا مخدعا طريا .
    وقبل أن يرتدي طاقية الصوف الجديدة ، راح يقلب نثار شعراته البيضاء ، وقـد ارتسمت على وجهـه ابتسامة ملبدة بالعبوس .. ! وسرعان ماتجاهل هذا الأمر محتسبا هذا البياض وقارا ورسولا ...
    ولما فرغ من هندامه ولمساته الأخيرة ، بدا له مظهره ملاءما أنيقا .
    وبقيت أسئلته على نفسه تطارد أفكـاره : يا تـــــرى ما شكل عروسي .. ملامحهـــا .. ما شعورهـــــا تجاهي ...؟ يلعن تقاليد بلديهما ...؟! يتساءل ويتساءل ... حتى انقطـــع عن شـروده فور هبوب صخب
    الموكب ، فالتفت مسرورا ، يتتبع قدوم الهـودج المتبختر على الطريق الترابي المحصور بين ترعتين ؛ ما أجمله وهو يتمايل مع رقصات الأشجار ، وما أطرب قعقعة السواقي وهي تتناغم مع ضرب الدفوف ،وما أبهى غانيات الريف وهن يرقصن البلدي على استحياء ..
    يتداني الهودج .. يدنو من سور حديقته . ترفع الناقة عنقهـا الطويل وتشمر أشلافها الغليظة ، فتتكشف أسنانها الضخمة ، لتصدر رغاء ينذر برضوخهــا ؛ وعلى التو تتزايد الجموع فيمتلئ الفناء حول الـداربالكبار والصغار ، ويمتلئ الفضاء بزغاريد النسوة ورصاصات مدافع الفتيان ، فيتوالد جلبـا مبهجـــــا ، يفجر سكون وحدته القاسية ، وليحرره من حصار الصمت ، ويذهب به إلى حصار مشاعره ..
    أنفرجت أستـار الهودج ، تبعهــا على الفور انفــــــراج شفتيْه .. وانبهارات عينيْه .. وانصهار خلجاته عيناه تخترق الزحام ، تترقبها وهي تتدلل بخطوات غزالة .. ولما لامست أقدامهــا نجيل بستانه المزهر،
    تابعت السير على استحياء ، متجهة نحو البهـو المتبرج ، وصوب عيْنيْه اللامعتيْن في ضوء أنوثتهـــا المتدفقة .. تلك العينان التائهتان عن مواطن الجمـال والمفاتن لسنين وسنين .. وعلى لهف تطل روحه من جسده ــ متعجلة ــ لترمي وثاق العنوسة تحت أحذية الزحـام ، ولترحب بقـدوم الأنس والسكينة على بوادر اعتناق الروح بالروح .. ويبقى جسده مشتعلا حتى ترطبه جرعـات الأنوثة الماثلة أمام عينيه في قوام سمهري .. وعلى استعجال منه راح يشربها ــ عن بعد ــ جرعة واحدة ، يعيدها جرعات وجرعات ..
    ثم وقف قليـلا على الليل النائم في عينيها .. وتزحزح قليلا إلى شفتيها القانيتين ، الذي كـاد أن يشعلهما وهي على شفــة التلاق .. بينما هي على خطوتها الأخيرة ، تفكك دلالها بين ذراعيه ، مثلما تفككت بقايا أعصاب ساقيه من وقفته القصيرة ؛ فخـر على الفور جالسا منهكا .. فتسمرت فرحتهـا وعيناهـــا تحملق بشدة في كرسيه المتحرك .. ؟! ثم فرت حتى بلعتها الخمائل

    عبدالله عيسى

    الثلاثاء : 2 / 12 / 2014
    إذا تأملنا تركيبة النص السردية فإننا نجد شخصية البطل " صابر " تتفاعل مع محيطها الداخلي بنوع من الإحساس بالتهميش والضياع ، فحالته داخل فضاء ضيق لم تتغير ،كأنه يعيش لنفسه وذاته من أجل البقاء والاستمرار في الحياة ..
    لكن السارد عمل على إعطائها هذه الشخصية المختلفة نفساً جديداً من خلال رؤية العصفور وهو يتأرجح على سلك الكهرباء ، رؤية بصرية يمكن اعتبارها محفزاً لتغيير هذه الوضعية والانتقال من حالة الجمود إلى حياة الحركة ..فالحالة الأولى عبر عنها الكاتب " سنين الوحدة من وسادته الخالية " أما الحالة الثانية فقد أشر عليها بالجملة السردية التالية " يهندم صابر جلباب زفافه .." إنه انتقال سريع من حالة اللامبالاة بالذات والنفس إلى الاهتمام بالجسد والمظهر الخارجي مع شحن نفسه بأمل مشكوك فيه " ابتسامة ملبدة بالعبوس "
    بطل يحاول أن يقنع نفسه بأن حلمه سوف يتحقق كما تحقق حلم العصفورين فكأنه ينقل حالتهما التي تحققت على أرضية الواقع إلى نفسه وذاته عن طريق المشابهة والمقارنة رغم ما يوجد من معيقات لتحقيق هدفه ..
    كان البطل " صابر " يعيش حالة نفسية مستقرة وهادئة رغم رتابتها ، فيها نوع من الاقتناع بحياته التي وجد عليها ، لكنه أصبح يعيش في فوضى فكرية ونفسية تتميز بالشك والارتياب وانعدام الثقة ،والتساؤل " يا ترى ما شكل عروسي " فهو يغلب حالة الرفض على حالة القبول ومع ذلك فهو مصمم على تجاوز تقاليد وعادات البلد وإخراج نفسه من حالة العزوبة إلى حالة الزواج ..
    تجاوز السارد عن بعض التفاصيل باللجوء إلى اختصار مسافات الزمن / زمن رؤية العصفورين / زمن الأناقة والتجميل / زمن إقبال الموكب / زمن دخول الموكب إلى الدار / زمن لقاء عروسه / ...
    هي حالات متسلسلة ومتعاقبة جسدها السارد في مشاهد يرصدها البطل " صابر " وهو محصور في فضاء ضيق يتحرك فيه بمقدار ،فكأن " صابر " كاميرا مثبتة تتحرك في كل الاتجاهات تلتقط المشاهد المتاحة للرؤية وتسجل ما تسمعه ،فهو لا يمتلك الرؤية الكاملة للمشاهد بدقة ، ولكنه يسجل ويتفاعل مع ما يمس ذاته ونفسه وشعوره وإحساسه وعاطفته واضعاً نصب عينيه هدفه المنشود وهو اقترانه بعروسه التي تزف إليه رغم أنه يجهل ملامحها وصفاتها وشكلها الأنثوي .. والعروس كذلك تجهل بمن سوف تتزوج .. فانعدام التعارف بينهما هي إشكالية تتعلق بالتقاليد المتحجرة في البلد ...
    عمل السارد على صياغة برنامج سردي محوره شخصية لم تكن فاعلة في كل الأحداث ، فرغم التحول الذي قام به على مستوى أناقته واستعداده للظفر بعروس فإنه لم يكن إجرائياً في موضوع زواجه ، ولم يكن مؤهلا بالقيام بدور المنفذ ،بمعنى أنه كان منفصلا عن الموضوع الذي وكل إلى شخصيات أخرى تعمل في الخفاء ..أما هو فقد كان يتابع ويرصد من بعيد ، ولكي لا يسقط السارد في التناقض ، كيف حالة مجيء العروس لتتناسب مع حالة البطل " صابر " الفاقد لكل حركة وقدرة على التحرك والمشاركة الفعلية في طقوس الزواج ،ومع ذلك جعله السارد أن يتصل بالموضوع في زمن قصير لينفصل عنه بعدما اطلعت العروس على حالته فهربت منه ..
    قصة اجتماعية استندت على تشكيل موضوع يمكن أن يتحقق وقد لا يتحقق في الواقع ، فالسارد خرق المألوف والمتعارف عليه ، فالهدف من الفكرة هو استنفار الشفقة والعطف في قلوب الناس من أجل الوقوف مع هذه الشريحة الاجتماعية التي تعاني من عاهات تحرمهم من الحق في الحياة ..
    نص جميل على مستوى التعبير والأسلوب اللغوي الجيد ،تكمن جماليته أكثر في الصياغة والرسم الشيق للمشاهد الخارجية التي تلتصق بنفسية البطل " صابر " أكثر ..
    محبتي وتقديري أخي المبدع المتألق عبد الله .
    الفرحان بوعزة

صفحة 1 من 2 12 الأخيرةالأخيرة