خطاب مُفزع هذا الذى ألقاه الفريق أول عبد الفتاح السيسى قبيل جمعة 17 رمضان القادم ، مطالباً أنصاره للنزول وتفويضه باتخاذ اجراءات ضد الملايين من المصريين المعارضين له ولما اتخذه من اجراءات منذ 3 يوليو الى اليوم .
تهديد الأمن القومى – الذى تحدث عنه الفريق السيسى - هو انغماس الجيش أكثر فى الصراع السياسى الداخلى ، والذى وصلَ ذروته اليوم بذروة التهديد باستخدام القوة العسكرية ضد طرف سياسى وقطاع واسع من الشعب بسبب موقفه السياسى مما ينذر بعواقب وخيمة ومآس لا قبل للشعب المصرى بها ، تلقى بظلال السيناريوهات الجزائرية والليبية والسورية على الواقع المصرى .
وتهديد الأمن القومى هو اجهاض المسار الديمقراطى واسقاط الشرعية الدستورية واصابة ارادة الأمة فى مقتل والغاء حقوق غالبية المصريين ومطالبهم فى دولة مدنية ديمقراطية مستقرة ومستقلة .
وتهديد الأمن القومى هو انحياز الجيش لطرف على حساب طرف ومن يومئذ وصل الانقسام الى مستوى غير مسبوق .
يصل الانقسام لذروته بطلب الفريق السيسى نزول فريق من الشعب لتفويضه فى اتخاذ اجراءات غير واضحة المعالم مع الملايين من الشعب الذين سينزلون كالعادة بسلمية تامة للمطالبة بعودة الشرعية ورفض الانقلاب ويطلق عليهم أحكاماً بدون شواهد وبراهين مقنعة أنهم مصدر الارهاب والعنف .
قيادة الجيش لم تكن فى حاجة لهذا التفويض من جماهير ميدان التحرير وهى تصدر أوامرها بالتعامل مع المظاهرات والاعتصامات السلمية طيلة الأيام الماضية ، بما يُوحى أن الفريق السيسى يجهز لما هو أكبر وأضخم وأبشع مما حدث أمام الحرس الجمهورى ورمسيس والنهضة ، ويريد للتغطية عما ينوى فعله حشداً جماهيرياً يؤيده ويصفق له لتمرير ما فعله دولياً واعلامياً .
والمُلفت فى الخطاب الأخير أنه لم يُبادر بالرجوع خطوة للوراء ولم يُعط للملايين فى الشوارع والبيوت ممن يعارضونه بادرة للثقة والحل كأن يخاطبهم ويعتذر لهم عن المجازر التى حدثت بحق أبنائهم أو يطالبهم حتى بالانصراف وفض الاعتصامات مع اعطاء وعود بالحوار وامكانية التوصل لحلول وسط ترضى جميع الاطراف كقبول مبادرة حزب البناء والتنمية أو العلماء والمفكرين أو غيرها ، لكنه لم يفعل وخاطب باصرار على التفرقة البغيضة عجيب جماهيره المؤيدة للانقلاب للحشد المضاد فى تصرف يدل على أن الفريق السيسى لا يفكر فى حلول مرضية ولا حلول سياسية انما فقط حلول أمنية وهذا برهان على أن الأمن القومى لمصر هو آخر ما يفكر فيه الفريق السيسى الذى أثبت بطريقة طرحه وهيئته ومظهره الماريشالى أنه لا يتمنى لمصر - كما يردد - أن تكون قد الدنيا ، انما يفكر فقط فى مجد شخصى كمجد عبد الناصر وأن يكون هو " قد الدنيا " وملئ السمع والبصر على حساب مصلحة الوطن وأمنه واستقراره .
الواضح من تحركات اليومين الأخيرين والتى توجت بخطاب الفريق السيسى أن هناك قلق عارم من حشود ومظاهرات الجمعة القادمة والتى من المتوقع أن تكون غير مسبوقة بما يمثل تهديد وضغط دولى واقليمى ومحلى كبير على قيادة الجيش لتتراجع وتلبى مطالب جميع المصريين ، وما جاء فى الخطاب من تهديد وما سبق من اطلاق ليد البلطجية والشرطة للاعتداء على المتظاهرين السلميين ، كلها شواهد تؤكد على الخوف الشديد من نتائجها لوضع حد للمممارسات العنيفة ، ولمعاملة غالبية المصريين كأنهم الهنود الحمر الذين يجب استئصالهم والقضاء عليهم لتهنأ النخبة العسكرية والعلمانية بالعيش فى سلام .
فى النهاية استحضرتُ وأنا أرى الفريق السيسى بهذا المظهر وهذا الطرح الأحادى أولَ ما ستحضرت صورة العقيد القذافى ؛ فماذا بوسعه أن يفعل الفريق السيسى مع الملايين من المصريين الذين يطالبون بعودة دولتهم بعد كل ما فعل معهم من انتهاكات أدانتها المنظمات الدولية ؛ هل سيلاحقهم زنقة زنقة ودار دار .