أحدث المشاركات
صفحة 2 من 3 الأولىالأولى 123 الأخيرةالأخيرة
النتائج 11 إلى 20 من 26

الموضوع: ليلة القّدْر

  1. #11

  2. #12
    الصورة الرمزية أحلام أحمد قلم فعال
    تاريخ التسجيل : Apr 2012
    المشاركات : 2,289
    المواضيع : 41
    الردود : 2289
    المعدل اليومي : 0.52

    افتراضي

    بمناسبة ليلة القدر
    الشيخ علي الطنطاوي -رحمه الله-

    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي

    بمناسبة ليلة القدر، وما أدراك ما ليلة القدر؟!
    إنَّ الحديث عنها مُتَعَدِّد الجوانب:
    أمَّا قَدْرُها ومكانَتُها؛ فقد نَوَّه القُرآن عن ذلك {لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ} [القدر: 3]، وعن خصائِصِها فقد أشار القرآن إلى اختِصاصها بإنزال القرآن، وبتفضيلها على ألف شهر، وتَتَنَزَّل الملائكة والرُّوح فيها، بإذن ربهم من كل أمر؛ أي من أمور القدر على العباد، وما يُقَدّره الله في تلك الليلة المنصوص عليها في قوله: {فِيهَا يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ} [الدخان: 4].
    أمَّا فضائلها، وهو ما يَعْنينا في التكليف والعمل؛ فقد جاء عنه أنه كان يعتكف من أجلها، ويكفي مِن فضائلها أنَّ مَن قامَهَا، فَكَأَنَّمَا قام -أو خير مِن قيام- ألف شهر؛ أي أكثر مِن ثمانينَ سَنَة، وهو عمر من أطول أعمار هذه الأمَّة.
    ونَحنُ -معاشرَ المسلمين- إذ نذْكُر هذه الليلة في حياتِنا، وخصائِصَها في دينِنا، لحقٌّ علَيْنا أن نُفاخرَ العالم، ونُطاوِل الأمم، حيثُ إنَّها لم تكنْ للأمم قبلَنا، وإن صاموا كما نصوم.
    وما أجدرنا أنْ نَتَحَرَّى هذه الليْلة الَّتي رَبَطَنا الله فيها بوَحْيِ السماء، والتي يُجَدِّد فيها القدر أقدار العباد، والتي تعلن وتدعو للسلام حتى مطلع الفجر.
    إنَّها ليلة لا يعرف حقيقة قدْرِها إلاَّ الله، ليلة استضافةِ الأرض لِمَلائكة الملأ الأعلى، ليلة تلقى الأرض فيه بركات السماء، ليلةٌ تَتَفَتَّحُ فيها الأبواب لاستجابة الدعاء، ليلةٌ يَتَضَاعَف فيها ما لله -سبحانه- من عُتَقاء، ليلةٌ يُشَمَّر فيها عن ساعد الجِدِّ والاجتهاد، ويُطْوَى فيها الفراش والمهاد، وتُشَد فيها المآزر، ولا يَنْبَغِي فيها الرقاد، ليلةٌ في العام كلِّه.
    أمَّا موقعها فقد أخْفَاهَا الله ليجتهدَ في طَلَبِها العباد، وكان في بادئ الأمر يعتكف العشر الأوائل من أجلها، ثم اعتكفَ العشر الوسطى[1]، ثم أُتِيَ فقيل له: إنَّها أمامه؛ أي في العشر الأواخر، ثم جاءت أحاديثُ كلُّها صحاح، بعضها يُعينُ ليلة إحدى وعشرين، وبعضها ثلاث وعشرين، وبعضها خمس وعشرين، وأخرى لسبع وعشرين -وهي أكثرها وأكثر قائل بها- وبعضها تسع وعشرين[2]، واتَّفَقُوا على أنَّها لا تَخْرُج عن ليالي الوتر من العشر الأواخر لهذه النصوص.
    وعند بعض العلماء -جمعًا لهذه الأحاديث- أنَّها ليستْ مُستَقِرَّة في واحدة من تلك الليالي، وإنَّما هي دائرةٌ بينها؛ ففي سنة تكون مثلاً في ليلة سبع، وفي سنة أخرى قد تكون في ليلة خمس، أو ثلاث وهكذا. ومن هُنا كان وهو الذي أخبر عنها بكل هذه الأحاديث - كان مع ذلك يعتكفُ العشر كلها؛ رجاءَ مُصَادفتها وتعليمًا لنا.
    والسُّؤال الأخير عنها: ماذا ينبغي لِمَن صَادَفَها، أو ظَنَّها أن يفعلَ؟
    لقد سألتْ أم المؤمنين عائشة -رضي الله عنها- هذا السؤال لرسول الله ، فأجَابَهَا بقوله: "قولي: اللهمَّ إنَّكَ عَفُوٌّ، تُحبُّ العفوَ فاعفُ عني"[3].
    وبتأمُّل هذا الدعاء نجده من جوامع الكلم؛ لأنَّه أوَّلاً تَوَسُّلٌ إلى الله -تعالى- بصفته التي تناسب المطلوب، وهو "عَفُوٌّ"، وامتداحه بها "تُحِبُّ العَفْوَ"، ثم طلب العفو وهو جامع لخيري الدنيا والآخرة، معافاة البدن منَ الوَجَع، والدِّين منَ البِدَع، ومَن عُوفِيَ فلْيَحْمَدِ الله، أمَّا في الآخرة فمَن عُوفِيَ من الحساب والعقاب، فقد فاز بِحُسْن المآب.
    ----------------------
    [1] أخرجه البخاري (2016)، وليس فيه ذكر اعتكاف العشر الأول.
    [2] انظر الأحاديث في "تفسير ابن كثير" (4/726- 730).
    [3] أخرجه ابن ماجه (3850)، والترمذي (3513)، وقال: حديث حسن صحيح، ووافَقَه الألباني في السلسلة الصحيحة (3337).


  3. #13
  4. #14
    الصورة الرمزية أحلام أحمد قلم فعال
    تاريخ التسجيل : Apr 2012
    المشاركات : 2,289
    المواضيع : 41
    الردود : 2289
    المعدل اليومي : 0.52

    افتراضي

    أطِلّي ليلةَ القدرِ
    د.عبد المعطي الدالاتي

    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي

    أطلّّي غُرّةَ الدهرِ...أطلي ليلةَ القدرِ
    أطلي درّةَ الأيام مثلَ الكوكب الدرّي
    أطلّي في سماء العمر إشراقاً مع البدرِ
    سلامٌ أنتِ في الليل وحتى مطلعِ الفجرِ
    سلامٌ يغمرُ الدنيا يُغشّي الكونَ بالطهرِ
    وينشرُ نفحةَ القرآنِ والإيمانِ والخيرِ
    لأنكِ منتهى أمري فإني اليوم لا أدري
    أفي حلُمٍ..أفي وعيٍ..أنا! يا حِيرةَ الفكرِ!
    فماقيسٌ وما ليلى وما ذاك الهوى العُذري!
    حفظتُ هواكِ في سري،فباحتْ مهجةُ السرِّ
    وصنتُ سناكِ في صدري فشعّتْ خفقةُ الصدرِ
    أداريهِ وأسكبُهُ بقلبِ زجاجةِ العطرِ
    وأصحَبهُ مدى عمري.. وأحملُه إلى قبري
    لأنكِ أنت أمنيتي فرشتُ الحبَّ في قصري
    لأجلكِ صُغتُ قافيتي ، وصغتُ قصيدةَ العمرِ
    أرتّلها وأنشدُها فأرحلُ في مدى الشعرِ
    فمن شطرٍ إلى شطرِ ومن سطرٍ إلى سطرِ
    ويصغي الكونُ في شغفٍ لقافيةٍ على ثغري
    لقافيةٍ ملوّنةٍ بلونِ خمائلِ الزهرِ
    فحرفٌ لونهُ يُغوي ، وحرفٌ حسنهُ يغري
    وليس الفضلُ لي أبداً فما عندي سوى فقري
    وكلّ الفضل والنُعمى لربٍّ مالكٍ أمري
    ومنْ يدري! بما قد رانَ من وزرٍ على ظهري
    فيا رباهُ فارحمني..فوزري ..آهِ من وزري
    لأنكِ أنت أمنيتي.. لأنك ليلة القدرِ

  5. #15
  6. #16
  7. #17
    الصورة الرمزية أحلام أحمد قلم فعال
    تاريخ التسجيل : Apr 2012
    المشاركات : 2,289
    المواضيع : 41
    الردود : 2289
    المعدل اليومي : 0.52

    افتراضي

    أعـظـم لـيـلــة..!
    يسري صابر فنجر

    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي

    ليلة مباركة فيها أنزلت المعجزة الخالدة التي لا ريب فيها ولا شك؛ مهما تعاقبت السنون والأجيال، ففيها الهدى والنور للمتقين، فهم المتقدمون لإمامة المسلمين أجمعين، فلهم قدم السبق عمن سواهم، وهم في الأمة باقون كثّر الله سوادهم، فيحمل هذا القرآن الكريم من كل خلف عدوله.
    فالمتقون هم الذين فازوا بالهدى: {ذَلِكَ الْكِتَابُ لا رَيْبَ فِيهِ هُدىً لِلْمُتَّقِينَ} [البقرة:2]
    وقد نزل الكتاب في ليلة من وتر العشر الأواخر من شهر رمضان المبارك وقد قال ربنا سبحانه:
    {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ} [البقرة:183]
    فالصيام غايته ومآله وأثره التقوى، وأُنزل القرآن الكريم هدى للصائمين المتقين لأنهم بصيامهم وتقواهم هيؤوا أنفسهم لفهم القرآن وتدبر معانيه والالتزام به قولاً وعملاً.
    ليلة القدر نزل فيها كتاب ذو قدر، على رسول ذي قدر، في أمة ذات قدر.
    ليلة ليست كالأيام ولا الشهور ولا سنة أو سنتين ولا ألف شهر؛ بل هي خير من ألف شهر، خير من غالب أعمار بني الإنسان، خير من ثلاث وثمانين سنة وأربعة أشهر، مَن حرم خيرها فقد حرم، ومن أدركها أدرك الخير كله، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه أن رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ:
    "أَتَاكُمْ رَمَضَانُ شَهْرٌ مُبَارَكٌ فَرَضَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ عَلَيْكُمْ صِيَامَهُ تُفْتَحُ فِيهِ أَبْوَابُ السَّمَاءِ وَتُغْلَقُ فِيهِ أَبْوَابُ الْجَحِيمِ وَتُغَلُّ فِيهِ مَرَدَةُ الشَّيَاطِينِ لِلَّهِ فِيهِ لَيْلَةٌ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ مَنْ حُرِمَ خَيْرَهَا فَقَدْ حُرِمَ" (رواه النسائي 2106 وغيره).
    ليلة ساكنة هادئة شمس صبيحتها بيضاء نقية، فيها قلوب خاشعة، ووجوه لربها ساجدة، ما سألت شيئاً إلا أعطيت، تشهدها الملائكة {تَنَزَّلُ الْمَلائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِمْ مِنْ كُلِّ أَمْرٍ} [القدر:4]
    أي: يكثر تنـزل الملائكة في هذه الليلة لكثرة بركتها، والملائكة ينـزلون مع تنـزل البركة والرحمة، كما يتنـزلون عند تلاوة القرآن، ويحيطون بحلق الذكر، ويضعون أجنحتهم لطالب العلم بصدق، تعظيماً له.
    ليلة أوصى فيها النبي صلى الله عليه وسلم من أدركها بطلب العفو، عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها قَالَتْ قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَرَأَيْتَ إِنْ عَلِمْتُ أَيُّ لَيْلَةٍ لَيْلَةُ الْقَدْرِ مَا أَقُولُ فِيهَا قَالَ قُولِي "اللَّهُمَّ إِنَّكَ عُفُوٌّ كَرِيمٌ تُحِبُّ الْعَفْوَ فَاعْفُ عَنِّي" (رواه الترمذي وغيره).
    ليلة ينزل فيها العفو والمغفرة الذي به تتنزل بركات السماء وتفتح به كنوز الأرض، ليلة تهفو إليها كل نفس مؤمنة وتتمنى إدراكها، فتخلص لربها وتحتسب، وتتخلص من شواغل الدنيا وتجتهد في الدعاء وتتبع هدي نبيها، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّه ُعَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ:
    "مَنْ قَامَ لَيْلَةَ الْقَدْرِ إِيمَانً وَاحْتِسَابًا غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ وَمَنْ صَام َرَمَضَانَ إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِن ْذَنْبِهِ" (رواه البخاري ومسلم).
    وقفة:
    أليس مغبوناً من أضاع هذه الليالي وخيرها وبركاتها في الأسواق والمحلات التجارية؟!
    أليس محروما من قضاها في القيل والقال والسهر مع الأصحاب؟!
    أليس محروماً من قضاها أمام الشاشات والقنوات؟!
    إن المساجد في الجزء الأخير من الليل تناديك فأقبل عليها لتعمرها مع إخوانك بالصلاة والتسبيح والدعاء والتهليل.
    اللهم إنك عفو تحب العفو فاعفُ عنا.
    وصلّى الله وسلّم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.


  8. #18
  9. #19
    الصورة الرمزية أحلام أحمد قلم فعال
    تاريخ التسجيل : Apr 2012
    المشاركات : 2,289
    المواضيع : 41
    الردود : 2289
    المعدل اليومي : 0.52

    افتراضي

    وقت ليلة القدر
    أ. همام عبد المعبود

    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي

    وما أدراك ما ليلة القدر
    بسم الله، والحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:
    الراجح الذي عليه جمهور العلماء أن ليلة القدر تكون في شهر رمضان، وأنها في العشر الأواخر منه، وأما تحديدها في العشر الأواخر فمختلف فيه تبعًا لاختلاف الروايات الصحيحة، والأرجح أنها في الليالي الوتر من العشر الأواخر، وأرجح ليلة لها هي ليلة السابع والعشرين.
    وفضلها عظيم لمن أحياها، وإحياؤها يكون بالصلاة، والقرآن، والذكر، والاستغفار، والدعاء من غروب الشمس إلى طلوع الفجر، وصلاة التراويح في رمضان إحياء لها.
    يقول فضيلة الشيخ سيد سابق رحمه الله:
    للعلماء آراء في تعيين هذه الليلة؛ فمنهم من يرى أنها ليلة الحادي والعشرين، ومنهم من يرى أنها ليلة الثالث والعشرين، ومنهم من يرى أنها ليلة الخامس والعشرين، ومنهم من ذهب إلى أنها ليلة التاسع والعشرين، ومنهم من قال: إنها تنتقل في ليالي الوتر من العشر الأواخر.
    وأكثرهم على أنها ليلة السابع والعشرين، روى أحمد -بإسناد صحيح- عن ابن عمر (رضي الله عنهما) قال: قال رسول الله :
    "من كان متحريها فليتحرّها ليلة السابع والعشرين".
    وروي مسلم وأحمد وأبو داود والترمذي وصححه، عن أبيِّ بن كعب أنه قال:
    "والله الذي لا إله إلا هو إنها لفي رمضان -يحلف ما يستثني- والله إني لأعلم أي ليلة هي، هي الليلة التي أمرنا رسول الله بقيامها، هي ليلة سبع وعشرين، وأمارتها أن تطلع الشمس في صبيحة يومها بيضاء لا شعاع لها".
    ويقول فضيلة الشيخ الدكتور يوسف القرضاوي:
    قد نَوَّه القرآن، ونَوَّهَت السُّنَّة بفضل هذه الليلة العظيمة، وأنزل الله فيها سورة كاملة:
    {إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ * وَمَا أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ * لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ * تَنَزَّلُ الْمَلائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِمْ مِنْ كُلِّ أَمْرٍ * سَلامٌ هِيَ حَتَّى مَطْلَعِ الْفَجْرِ} [القدر: 1-5].
    عَظَّمَ القرآنُ شأنَ هذه الليلة، فأضافها إلى (القدر) أي المقام والشرف، وأيُّ مقام وشرف أكثر من أن تكون خيرًا وأفضل من ألف شهر! أي الطاعة والعبادة فيها خير من العبادة في ألف شهر ليس فيها ليلة القدر.
    وألف شهر تساوي ثلاثًا وثمانين سنة وأربعة أشهر، أي أن هذه الليلة الواحدة أفضل من عمر طويل يعيشه إنسان عمره ما يقارب مائة سنة، إذا أضفنا إليه سنوات ما قبل البلوغ والتكليف.
    وهي ليلة تتنزَّل فيها الملائكة برحمة الله وسلامه وبركاته، ويرفرف فيها السلام حتى مطلع الفجر. وفي السُّنَّة جاءت أحاديث جمة في فضل ليلة القدر، والتماسها في العشر الأواخر؛ ففي صحيح البخاري من حديث أبي هريرة:
    "من قام ليلة القدر إيمانًا واحتسابًا غُفر له ما تقدم من ذنبه"[1].
    ويحذر النبي من الغفلة عن هذه الليلة وإهمال إحيائها، فيحرم المسلم من خيرها وثوابها، فيقول لأصحابه، وقد أظلهم شهر رمضان:
    "إن هذا الشهر قد حضركم، وفيه ليلة خير من ألف شهر، من حُرِمَها فقد حُرِم الخيرَ كله، ولا يُحرم خيرها إلا محروم"[2].
    وكيف لا يكون محرومًا من ضيّع فرصة هي خير من ثلاثين ألف فرصة؟
    إن من ضيع صفقة كان سيربح فيها 100% يتحسر على فواتها أيّما تحسر، فكيف بمن ضيع صفقة كان سيربح فيها 3000000% ثلاثة ملايين في المائة؟!
    أي ليلة هي؟
    ليلة القدر في شهر رمضان يقينًا؛ لأنها الليلة التي أنزل فيها القرآن، وهو أنزل في رمضان، لقوله تعالى:
    {شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآَنُ هُدًى لِلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ} [البقرة: 185].
    والواضح من جملة الأحاديث الواردة أنها في العشر الأواخر؛ لما صح عن عائشة قالت: كان رسول الله يجاور في العشر الأواخر من رمضان، ويقول:
    "تحرّوا ليلة القدر في العشر الأواخر من رمضان"[3].
    وعن أبي سعيد أن النبي ، خرج إليهم صبيحة عشرين فخطبهم، وقال:
    "إني أريت ليلة القدر ثم أنسيتها -أو نسيتها- فالتمسوها في العشر الأواخر، في الوتر"[4].
    ومعنى (يجاور): أي يعتكف في المسجد. والمراد بالوتر في الحديث: الليالي الوترية، أي الفردية، مثل ليالي: 21، 23، 25، 27، 29.
    وإذا كان دخول رمضان يختلف -كما نشاهد اليوم- من بلد لآخر، فالليالي الوترية في بعض الأقطار، تكون زوجية في أقطار أُخرى، فالاحتياط التماس ليلة القدر في جميع ليالي العشر.
    ويتأكد التماسها وطلبها في الليالي السبع الأخيرة من رمضان؛ فعن ابن عمر: أن رجالاً من أصحاب النبي رأوا ليلة القدر في المنام، في السبع الأواخر، فقال رسول الله :
    "أرى رؤياكم قد تواطأت (أي توافقت) في السبع الأواخر، فمن كان متحريها، فليتحرها في السبع الأواخر"[5].
    وعن ابن عمر أيضًا:
    "التمسوها في العشر الأواخر، فإن ضعف أحدكم أو عجز، فلا يُغلبن على السبع البواقي"[6].
    والسبع الأواخر تبدأ من ليلة 23 إن كان الشهر 29، ومن ليلة 24 إن كان الشهر 30 يومًا.
    ورأي أبي بن كعب وابن عباس من الصحابة أنها ليلة السابع والعشرين من رمضان، وكان أُبَىُّ يحلف على ذلك لعلامات رآها، واشتهر ذلك لدى جمهور المسلمين، حتى غدا يحتفل بهذه الليلة احتفالاً رسميًّا.
    والصحيح: أن لا يقين في ذلك، وقد تعددت الأقوال في تحديدها حتى بلغ بها الحافظ ابن حجر 46 قولاً.
    وبعضها يمكن رَدُّه إلى بعض.
    وأرجحها كلها: أنها في وتر من العشر الأخير، وأنها تنتقل، كما يفهم من أحاديث هذا الباب، وأرجاها أوتار العشر، وأرجى أوتار العشر عند الشافعية ليلة إحدى وعشرين، وعند الجمهور ليلة سبع وعشرين[7].
    ولله حكمة بالغة في إخفائها عنا، فلو تيقنا أي ليلة هي لتراخت العزائم طوال رمضان، واكتفت بإحياء تلك الليلة، فكان إخفاؤها حافزًا للعمل في الشهر كله، ومضاعفته في العشر الأواخر منه، وفي هذا خيرٌ كثير للفرد وللجماعة.
    وهذا كما أخفى الله تعالى عنا ساعة الإجابة في يوم الجمعة، لندعوه في اليوم كله، وأخفى اسمه الأعظم الذي إذا دعي به أجاب؛ لندعوه بأسمائه الحسنى جميعًا[8].
    روى البخاري عن عبادة بن الصامت قال: خرج النبي ليخبرنا بليلة القدر، فتلاحى رجلان من المسلمين (أي تنازعا وتخاصما)، فقال: "خرجت لأخبركم بليلة القدر، فتلاحى فلان وفلان، فرفعت (أي من قلبي فنسيت تعيينها)، وعسى أن يكون خيرًا لكم".
    ----------------------------
    [1] رواه البخاري في كتاب الصوم.
    [2] رواه ابن ماجه من حديث أنس، وإسناده حسن كما في صحيح الجامع الصغير وزيادته (2247).
    [3] متفق عليه، اللؤلؤ والمرجان -726.
    [4] متفق عليه، المصدر نفسه -724. وفي رواية: "ابتغوها في كل وتر" (نفسه 725).
    [5] متفق عليه، عن ابن عمر، المصدر السابق -723.
    [6] رواه أحمد ومسلم والطيالسي عن ابن عمر، كما في صحيح الجامع الصغير (1242).
    [7] ابن حجر: فتح الباري 5/171 ط. الحلبي.
    [8] موقع إسلام أون لاين.


  10. #20
صفحة 2 من 3 الأولىالأولى 123 الأخيرةالأخيرة

المواضيع المتشابهه

  1. ليلة من ألف ليلة و ليلة
    بواسطة المختار محمد الدرعي في المنتدى الأَدَبُ السَّاخِرُ
    مشاركات: 2
    آخر مشاركة: 05-09-2015, 08:46 PM
  2. يا ليلة القدر : عودي ذَكِّري
    بواسطة سيد سليم في المنتدى فِي مِحْرَابِ الشِّعْرِ
    مشاركات: 19
    آخر مشاركة: 17-10-2006, 02:26 AM
  3. ليلة القدر . . منقول
    بواسطة قلب الليل في المنتدى الحِوَارُ الإِسْلامِي
    مشاركات: 8
    آخر مشاركة: 03-11-2005, 12:45 AM
  4. ليلة أم ليال ... القدر
    بواسطة خليل حلاوجي في المنتدى الحِوَارُ الإِسْلامِي
    مشاركات: 4
    آخر مشاركة: 30-10-2005, 06:55 AM
  5. ليلة ُ القدر ....
    بواسطة بكاء الياسمين في المنتدى فِي مِحْرَابِ الشِّعْرِ
    مشاركات: 6
    آخر مشاركة: 04-11-2004, 05:29 AM