أحدث المشاركات
النتائج 1 إلى 5 من 5

الموضوع: في ذكرى وفاة درويش

  1. #1
    قلم منتسب
    تاريخ التسجيل : Aug 2013
    الدولة : لندن
    المشاركات : 8
    المواضيع : 5
    الردود : 8
    المعدل اليومي : 0.00

    Post في ذكرى وفاة درويش



    الى صديق لا يعرفني:



    التقينا صدفة, أصر الجابري على ان نجلس أمامه وبدأ يقرأ من ديوان محمود درويش الجديد( احد عشر كوكباً).


    كنت اعرف محمود درويش كأي فلسطيني او عربي, لا احفظ شيء من شعره ولكن من منا لم يسمع ب "سجل انا عربي" او "احن الى خبز أمي" !

    كنت محبا للشعر, احفظه واقرأه بنهم, ولكن الشعر العامودي فقط. لم اكن من محبي الشعر الحر, كنت اعتبره عجزا عند الشاعر في اللفظ والقدرة على ركوب خضم الشعر العامودي. ولكن لا انكر انني انسجمت معه بسرعة, شدني مطلع القصيدة :

    أتعلم يا ابي ما حل بي
    لا باب يغلقه علي البحر
    لا مرأة اكسرها لينتشر الطريق امامي
    حصى او زبد..

    هل يتحدث عني, لكنه لا يعرفني! لم نلتق يوما واحداً رغم ان المكان جمعنا مرات عديدية, في بيروت ودمشق وعمان, ولكن لم نلتق, فهل من المعقول انه يتحدث عني...

    بعد هذه البداية تهت عن باقي القصيدة, استمر عدنان في القراءة وانا في السرحان, تجتذبني كلمة وتلفظني أخرى, اقفز من فقرة إلى فقرة فلا انا في القصيدة ولا انا خارجها!

    والبحر هذا البحر لا يحتله احد
    سأمشي فوقه وأطحن ملحه وأسك فضته بيدي

    بدأت اجترُّ الذكريات, أعود بمخيلتي, متى جلسنا, متى التقينا, متى تحادثنا, متى اجتمعنا, لم اجد شيء, لكن كان الكثير يجمعنا.. فهو يتحدث عني, عاودني التركيز وعدت إلى القصيدة

    أتى كسرى وفرعون وقيصر والنجاشي وأخرون
    ليكتبوا أسمائهم بيدي
    فكتبت لإسم الارض وأسم الأرض الهةً تشاركني مقامي
    في المقعد الحجري
    فأنا لم أذهب ولم أرجع مع الزمن الهلامي
    وانا انا ولو انكسرت رأيت ايامي امامي


    هل قلت اني لم التق بدرويش, نعم اظن اني ذكرت ذلك, ولكن الشك اصبح يشبه اليقين, اما اننا التقينا وتحادثنا او ان اكون انا من كتب هذه القصيدة, رغم اني لا احب الشعر الحر خصوصا, ولا اكتب الشعر عموماً !



    هكذا كان لقائنا صدفة, واستمرت العلاقة وترسخت, جمعني شعره بأصدقاء جدد, مارسيل خليفة, سميح شقير,
    ازددت قربا من فيروز,
    ازددت حبا لفلسطين,
    ازددت ادمانا للقهوة
    أصبحت اقرب لنفسي
    اصبحت أكثر حزناً..

    ومثل كل العلاقات الإنسانية, تغيرنا. جرى الزمان بنا, ابتعدت مرة أخرى عن الشعر بمجمله, اخذني الشغف بالقراءة إلى علومٍ أخرى وأصحاب جدد.

    كنت اتفقد درويش بين الحين والآخر, اجده يزداد سوداوية ورمزية, يبتعد عن "الانا" الفلسطيني التي جمعتني به, ويستطرد في "الانا" الإنساني او "الانا" الشخصي, والاثنان اكرهما: اكره نفسي, وهذه الإنسانية التي اوصلتني إلى هذا الكره.

    وانا أيضاً لا احب اخذ النصح من الاخرين, ولا اقبل الاوامر من احد, وشِعره وان كان صديقي فهذا لا يعطيه أي حق بالإملاء علي! واعتقد انه ادرك ذلك, فكتب لي معتذرا:

    من أنا لأقول لكم ما أقول لكم؟
    وأنا لم أكن حجراً صقلته المياه
    فأصبح وجها
    ولا قصبا ثقبته الرياح
    فأصبح نايا..
    أنا لاعب النرد
    اربح حيناً.. وأخسر حيناً
    انا مثلكم او أقل قليلاً..


    لم يكن هذا هو السبب الوحيد الذي اعاد الصداقة إلى ما كانت عليه, فرغم تباعدنا الا اننا حقيقةً لم نفترق, كنا معا دون ان نشعر, كان حاضرا رغم غيابه, كان كالظل!

    لا ذكر ولا أنثى
    يتبعُني، ويكبرُ ثُمَّ يصغرُ
    كنت أمشي. كان يمشي
    كنت أجلسُ. كان يجلسُ
    كنت أركضُ. كان يركضُ
    قلتُ: أخدعُهُ وأخلعُ معطفي الكُحْليَّ ...
    قلَّدني، وألقي عنده معطفَهُ الرماديَّ...
    قلتُ: أخدعُهُ وأخرجُ من غروب مدينتي
    فرأيتُهُ يمشي أمامي ...في غروب مدينةٍ أخرى...


    كيف نهرب من هذا الشيء, من هذه اللعنة, من هذه التعويذة التي نلبسها في كينونتنا الفلسطينية والعربية! كلما انهزمنا, كلما اشتد حصارنا, كلما سقط طاغية او انتصر طاغية, كلما مرت من امامي جنازة شهيد.. تعود الذاكرة الى هذه الكلمات..
    فمديح الظل العالي لم تقتصر على بيروت, بل امتدت إلى بغداد, والآن في دمشق. وملك الاحتضار كانت حاضرة في كل الاتفاقيات من كامب ديفيد إلى شرم الشيخ.. واللقاء كان يتجدد مع تردد ابريل, مع رائحة الخبز في الفجر.. والحنين إلى الام حاضر في كل لحظة, والحب يزداد كلما طار الحمام او حط الحمام..

    عندما امشط الذاكرة أُيقن اننا لم نلتق, ولكن عندما أقرأ كلماته أعرف اننا لابد اجتمعنا في مكان ما, انا وهو, في مقهى باريسي, او على شاطئ بحر بيروت, او تحت الشجرات الثلاث الوحيدات إلى جانب البئر, او على أبواب غابة السنديان.. جلسنا معا وتناولنا القهوة معا, فكلانا يحبها بنفس الطريقة, وكلانا يحب ان يصنعها بنفسه.. وتبادلنا الحديث عن الذكريات, عن الوطن, وعن الحبيبة.. ثم قمنا ومشى كلٌ منا إلى موته- همه- حلمه!

    عجيب انت يا صديقي- كلما ازددت حزنا ازددت جمالاً، وكلما ازددت موتاً، ازددت حياةً!








  2. #2
    الصورة الرمزية محمد كمال الدين شاعر
    تاريخ التسجيل : Jun 2012
    الدولة : في ملكوت الله
    العمر : 38
    المشاركات : 1,492
    المواضيع : 85
    الردود : 1492
    المعدل اليومي : 0.34

    افتراضي

    يقولون أن درويش هو متنبئ هذا العصر وأنا أقول أن هذا الرجل غلبه شعرا وانسانية

    من أنا لأقول لكم ما أقول لكم؟
    وكثير من الاقتباسات تسكنني فلله دره .

    شكرا لك أخي , جعلتني أشتاق إلى قصائده , سأقرأ قصيدة له حالا .

    خالص تقديري
    حينما تهـوي ظنـوني ... في التفاصيلِ البعيدَةْ
    يا تـرى من يحتويـني ... غيرَ حُزْني والقصيدة؟!

  3. #3
    الصورة الرمزية خليل حلاوجي مفكر أديب
    تاريخ التسجيل : Jul 2005
    الدولة : نبض الكون
    العمر : 57
    المشاركات : 12,545
    المواضيع : 378
    الردود : 12545
    المعدل اليومي : 1.83

    افتراضي

    درويش ... مرآة هزائمنا .
    والمتحدث الرسمي بالتيه الذي يرسم أحلامنا ..


    لم يسرقه الموت .. بل أحياه بيننا..






    تقديري.
    الإنسان : موقف

  4. #4
    شاعرة
    تاريخ التسجيل : Jan 2010
    الدولة : على أرض العروبة
    المشاركات : 34,923
    المواضيع : 293
    الردود : 34923
    المعدل اليومي : 6.71

    افتراضي

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة أحمد بكر مشاهدة المشاركة
    كنت اعرف محمود درويش كأي فلسطيني او عربي, لا احفظ شيء من شعره ولكن من منا لم يسمع ب "سجل انا عربي" او "احن الى خبز أمي" !

    كنت محبا للشعر, احفظه واقرأه بنهم, ولكن الشعر العامودي فقط. لم اكن من محبي الشعر الحر, كنت اعتبره عجزا عند الشاعر في اللفظ والقدرة على ركوب خضم الشعر العامودي.
    كنت في ظلال دفقات الوفاء أحييه رغم تحفظي على شخصية الرجل موضوع النص وما يقال فيه

    تحاياي
    تستطيع أن ترى الصورة بحجمها الطبيعي بعد الضغط عليها

  5. #5
    أديبة
    تاريخ التسجيل : Jan 2006
    المشاركات : 6,061
    المواضيع : 182
    الردود : 6061
    المعدل اليومي : 0.91

    افتراضي

    عجيب انت يا صديقي- كلما ازددت حزنا ازددت جمالاً، وكلما ازددت موتاً، ازددت حياةً!

    السلام عليكم
    أجمل الشعراء هو الذي يكتبك من الداخل ,
    وأجمل الأصوات هو الذي يرتّل مشاعر قلبك وروحك,
    والمسألة متفاوتة بين الأفراد ,
    لذلك يُقال
    لولا تعدد الأذواق,, لانقطعت الأرزاق
    أما محمود درويش رحمه الله ,فقد كان فعلا صوت الفلسطيني وضميره ومصائبه
    أشكرك أخي
    موضوعك جميل
    ماسة

المواضيع المتشابهه

  1. ذكرى وفاة الشاعر عمر البرناوي
    بواسطة شكيب ارسلان في المنتدى النَّقْدُ الأَدَبِي وَالدِّرَاسَاتُ النَّقْدِيَّةُ
    مشاركات: 2
    آخر مشاركة: 08-03-2010, 10:18 AM
  2. عام مضى .. ذكرى وفاة والدتي ..
    بواسطة د. عمر جلال الدين هزاع في المنتدى فِي مِحْرَابِ الشِّعْرِ
    مشاركات: 44
    آخر مشاركة: 19-09-2008, 03:45 PM
  3. وفاة الشاعر الفلسطيني محمود درويش
    بواسطة وفاء شوكت خضر في المنتدى الاسْترَاحَةُ
    مشاركات: 13
    آخر مشاركة: 20-08-2008, 11:51 AM
  4. في ذكرى وفاة الشيخ زايد ( رحمه الله ) رئيس دولة الإمارات
    بواسطة أديب قبلان في المنتدى النَّثْرُ الأَدَبِيُّ
    مشاركات: 1
    آخر مشاركة: 28-10-2006, 02:58 PM
  5. متى يعلنون وفاة العرب ؟ اليوم نعلن وفاة العرب
    بواسطة جمال النجار في المنتدى النَّثْرُ الأَدَبِيُّ
    مشاركات: 3
    آخر مشاركة: 10-11-2004, 07:34 PM