|
لَمْ يَبْقَ إِلا أَسَى يَعْوِي وَأَشْبَاحُ |
فَكَيفَ عُدْتَ وَأَغْلَى النَّاسِ قَدْ رَاحُوا |
وَكَيفَ يَا عِيدُ تُهْدِي ثَوْبَ مُبْتَهِجٍ |
وَأَنْتَ مِنْ كَفَنِ الأَيَّامِ تَمْتَاحُ؟ |
مَا زِلْتَ تَدْفَعُ فِي كَفَيكَ أُمْنِيَتِي |
لَكِنَّ دَفْعَكَ بِالإخْفَاقِ ضَبَّاحُ |
وَجِئْتَ تَسْفَعُ أَحْلامِي بِنَاصِيَتِي |
وَتَقْلَعُ العَينَ مِنْ دَمْعِي فَيَنْسَاحُ |
وَسُقْتَ أَجْمَلَ أَيَّامِي لِمَنْ جَحَدُوا |
مَعْنَى الوَفَاءِ وَفِي آثَامِهِمْ طَاحُوا |
كَأّنَّ يُوسُفَ لَمْ يَرْأَفْ بِإِخْوَتِهِ |
وَلَمْ يَنُحْ مِنْ أَسَاهُمْ قَبْلَّمَا نَاحُوا |
تَكَادُ تَخْنُقُنِي الذِّكْرَى التِي ارْتَجَفَتْ |
لا البَالُ يَسْلُو وَلا البَلبَالُ يَنْزَاحُ |
كَأَنَّ فِي المَوْتِ مِنْدِيلٌ وَفِي رِئَتِي |
نَقْعُ الأَنِينِ وَفِي الأَنْفَاسِ جَرَّاحُ |
وَالسَّعْدُ يَا عِيدُ تَرْوِيحٌ لِأًفْئِدَةٍ |
فَكَيفَ يَأتِي وَحُزْنُ القَلْبِ ذَبَّاحُ |
أَزْلَفْتُ بَهْجَةَ مِشْكَاتِي إِلَى نَدَمٍ |
أَنْ كُنْتُ أَحْسَبُ أَنَّ الفَضْلَ مِصْبَاحُ |
لَمْ أَعْلَمِ الحُبَّ يُؤْذِي كُلَّ مَنْ مَحَضُوا |
وَأَيْكَةَ الهَدْءِ تُؤْوِي أَضْبُعًا صَاحُوا |
وَهَا جَرَعْتُ مِن الخِذْلانِ مَا سَكَبُوا |
وَبِتُّ أَخْشَى الرَّزَايَا كُلَّمَا لاحُوا |
مَا ارْتَدَّ قَلْبِي وَلَكِنْ شَفَّهُ شَجَنٌ |
فَبُلْبُلُ النَّبْضِ فِي الحَالَينِ نَوَّاحُ |
حَيرَانَ لا تَأْلَفُ الأفْنَان غُرْبَتهُ |
ثَكْلانَ لا يَذْرفُ الوجْدَانَ إِفْصَاحُ |
أَنَا المُجَرَّمُ يَا عِيدِي عَلَى رَشَدِي |
وَكُلُّ مَا شِئْتُهُ صَفْحٌ وَإِصْلاحُ |
أَمُنْصِفِيَّ وَعَينُ العَدْلِ زَائِغَةٌ |
وَمُصْرِخِيَّ وَمَوْجُ الجَهْلِ يَجْتَاحُ؟ |
كَيفَ النَّجَاةُ إِذَا خَانَ الحِمَى ثِقَةٌ |
أَو مَانَ فِي البَحْرِ رُبَّانٌ وَمَلَّاحُ؟ |
وَكَيفَ يُصْلِحُ مَيْلَ السَّرْجِ ذُو عِوَجٍ |
وَكَيفَ يُصْبِحُ بِالإِفْشَالِ إِنْجَاحُ؟ |
فِي كُلِّ طُهْرٍ تَمَادَى العُهْرُ مُنْتَفِجًا |
وَكُلِّ قُطْرٍ تَوَلَّى المُلْكَ سَفَّاحُ |
أَضْحَى الأَمِينَ عَلَى الحُجَّاجِ أَبْرَهَةٌ |
وَأَصْدَقَ القَوْمِ فِيمَنْ قَالَ سَجَّاحُ |
وَهَامَ يَدْعُو إِلَى الإِيمَانِ قِرْدُ هَوَى |
وَقَامَ يَبْكِي عَلَى الأَوْطَانِ تِمْسَاحُ |
لَمْ يَبْقَ يَا عِيدُ إِلَّا فِتْنَةٌ نَفَشَتْ |
وَلَيسَ ثَمَّةَ إِلا الرِّيحُ وَالرَّاحُ |
فَفِي المَشَاعِرِ سَادِيٌّ وَحَانِيَةٌ |
وَفِي المَحَاجِرِ أَحْلامٌ وَأَمْلاحُ |
وفِي الضَّمَائِرِ حَجَّاجٌ وَأُحْجِيَةٌ |
وَفِي المَنَابِرِ نَحَّابٌ ونَبَّاحُ |
تَجْرِي الدِّمَاءُ كَأَنَّ الأَرْضَ مِنْ جُثَثٍ |
وَالمُجْرِمُونَ عَلَى أَشْلائِهَا ارْتَاحُوا |
لَمْ يَنْجُ مِنْ غَدْرِهِمْ شَامٌ وَلا يَمَنٌ |
وَلَيسَ فِي مِصْرَ لِلفِرْعَونِ أَلْوَاحُ |
أَغْرُوا المَطَامِعَ فِي الأَوْرَاقِ فَاخْتَلَطَتْ |
وَلا يُقَرِّرُ إَلَّا الشَّعْبُ وَالسَّاحُ |
تَفَاخَرُوا بِالذِي يُزْرِي بِصَاحِبِهِ |
كَمَا تَفَاخَرَ فِي الضَّحْضَاحِ سَبَّاحُ |
بَاعُوا وَعَابُوا وَعَبُّوا الكَأسَ مِنْ خَتَلٍ |
الوَرْدُ فِيهِا قَذًى وَالشَّوْكُ تُفَّاحُ |
وَمَا شَرِبْتُ وَلَكْنَّ النُّهَى ثَمِلَتْ |
بِصَدْعِ مَنْ أَنْتَنُوا الدُّنْيَا وَمَنْ فَاحُوا |
لَمْ يُحْرِزِ الصِّدْقُ إِلَّا غَمْطَ صَاحِبِهِ |
وَفَازَ بِالقَدْرِ خَتَّالٌ وَمَدَّاحُ |
فَكُلُّ حزْبٍ مَحَضْتُ الرَّأْيَ يَرْكُلُهُ |
وَكُلُّ ثَوْبٍ كَسَوْتُ النُّصْحَ يَنْصَاحُ |
يَا عِيدُ عُدْنِي وَقَلْبُ الطِّفْلِ يَسْكُنُنِي |
فَقَدْ سَئِمْتُ نِفَاقًا ظَلَّ يَنْدَاحُ |
عُدْ لِي بَرَاءَةَ إِحْسَاسٍ فَيُسْعِدُنِي |
صَفْوُ القُلُوبِ رِضًا وَالعَيشُ رَحْرَاحُ |
أَيَّامَ لا مَرْكَبِي بُؤْسٌ وَلا لُغَتِي |
يَأْسٌ وَلا أَمَلِي الوسْوَاسَ يَلْتَاحُ |
عُدْ لِي بِبَسْمَةِ يَومٍ لَمْ يَمُتْ غَدُهُ |
وَبِائْتِلافِ قُلُوبٍ فِيكَ تَرْتَاحُ |
إِنَّ الحَيَاةَ غَدَتْ لِلحُرِّ مُوجِعَةً |
حَتَّى تَوَلَّتْ عَنِ الأَجْسَادِ أَرْوَاحُ |
وَهَلْ أَمَرُّ عَلَى الإِحْسَاسِ مِنْ خَدَرٍ |
أَنْ لَيسَ فِي الدَّهْرِ أَفْرَاحٌ وَأَتَرَاحُ؟ |
وَهَلْ أَشَقُّ مِنَ الشَّكْوَى إِلَى مُهَجٍ |
تَذْوِي وَهُنَّ لِدَمْعِ العَينِ أَقْدَاحُ؟ |
أَوْصَدْت يَا عِيدُ دُونَ البِشْرِ بَابَ غَدِي |
فَهَلْ لَدَيكَ لِهَذَا البَابِ مِفْتَاحُ؟ |