مَلَكٌ وَإِنْ سَتَرَ الحَيَاءُ جَنَاحَهْ
مَلَكَ التَّوَاضُعَ فَاسْتَقَلَّ نَجَاحَهْ
أَلقَى عَلَى الجُمَلِ الجَمَالَ بِنُبْلِهِ
فَأَثَابَهُنَّ حَصَافَةً وَفَصَاحَةْ
وَسَعَى إِلَى قِمَمِ العَلاءِ تَأَدُّبًا
فَمُهُ الرَّحِيقُ وَخَيْلُهُ الضَّبَاحَةْ
يَا مَنْ تَجَمَّلَ بِالوَقَارِ فَأَيْنَعَتْ
فِيهِ الخِلالُ حَدَائِقًا فَوَّاحَةْ
أَقْرَى الإِخَاءَ نَدَى الصَّفَاءِ سَجِيَّةً
وَأَقَرَّ مِيثَاقَ الوَفَاءِ سَمَاحَةْ
أَتَرُدَّ عَنِّي العَذلَ فِيكَ تَشَفِّيًا
للهِ قَلْبُكَ مَا أَجَلَّ صَلاحَهْ
لَو شقَّ مِضْمَارُ العُلا لَغَلَبْتَهُمْ
وَلَكُنْتَ أَسْبَقَ فَارِسٍ فِي السَّاحَةْ
غَرِّدْ - رَعَاكَ اللهُ - بَهْجَةَ بُلْبُلٍ
أشْجَى عَلَى فَنَنِ البَيَانِ صُدَاحَهْ
تَرْنُو إِلَيكَ شِعَابُ مَكَّةَ شَاعِرًا
تَتْلُو عَلَى طُولِ المَدَى أَلْوَاحَهْ
وَعَلى بِسَاطِ الطُّهْرِ تَبْذُلُ بِالنَّدَى
دِيَمًا تَخُطُّ وَأَحْرُفًا نَضَّاحَةْ
فَسَنَاكَ أَنْفَسُ مِنْ فُصُوصِ زُمُرُّدٍ
وَهَوَاكَ عَزَّ الكَيدُ أَنْ يَجْتَاحَهْ
مَا شَقَّ بَعْثٌ كُنْتَ فِيهِ مُبَادِرًا
أَو عَقَّ بَابٌ كُنْتَ لِي مِفْتَاحَهْ
وَأَرَاكَ مَحْمُودَ السَّرِيرَةِ سَيِّدًا
عَفَّ الضَمِيرِ المُتَّقِي مُرْتَاحَهْ
وَأَحَقّ مِنْ تَمْرِ القَصِيمِ طَلاوَة
وَأَرَقَّ جَنْبًا مِنْ نَسِيمِ البَاحَةْ
إِنِّي اجْتَبَيتُ الدَّهْرَ أَمْحَضُ أَهْلَهُ
وُدِّي وَأَشْرَحُ لِلوُجُودِ صِحَاحَهْ
وَكَمِ ابْتَلَيتُ مِنَ الرِّجَالِ خَلائِقًا
فَامْتَدَّ يَمِّي وَاشْتَكَى ضِحْضَاحَهْ
صَبُّوا لِقَلْبِي المُرَّ كَأْسَ تَجَهُّمٍ
وَصَبَبْتُ مِنْ كَأْسِ الوُدَادِ قَرَاحَهْ
مَا أَنْتَ إِلا حُجَّتِي لِضَلالِهِمْ
وَأَرَاكَ أَكْرَمَ أُسْوَةٍ فِي الوَاحَةْ
كَمْ أَطْفَأوُا أَمَلِي بِظُلْمَةِ غَدْرِهِمْ
وَأَتَيْتَنِي فَأَضَأْتَ لِي مِصْبَاحَهْ