ابن قلبك
نَعَى الزَّمَانُ مَعِينَ الطُّهْرِ حِينَ نُعِي وَغَابَ عَنْهُ الأَسَى السَّاجِي فَكَانَ مَعِي
وَدَّعْتَ يَا أَبَتِ الدُّنْيَا وَوَدَّعَنِي ذَرَفْتُ دَمْعَ فِرَاقٍ غَيرَ مُنْسكِبٍ يَا لِلمَشَاعِرِ كَمْ تَأْسَى لِغُرْبَتِهَا هَلْ غَابَ عَنِّي السَّنَا المُمْتَدَّ فِي أُفُقِي وَهَلْ طَوَتْ صَفْحَةُ الأَيَّامِ مَنْ فَتَحَـتْ بِالأَمْسِ كُنَّا وَصَحْنُ العَيشِ يَجْمَعُنَا مَا زِلْتُ أَذْكُرُ نُورَ الوَجْـهِ مُبْتَسِمًـا وَيَصْطَفِي مِنْ لَذِيذِ القُرْبِ مُبْتَهِجًا آنَستُ فِيهِ الرِّضَا حبًّا يَطِيبُ بِهِ قَدْ كَانَ يَتلُو كِتَابَ اللهِ مُعْتَكِفًا وَكَانَ آخِرَ مَنْ يُدْعَى إِلَى هَرَج أَبَا سَمِيرٍ سَقَـاكَ اللهُ كَـوْثَـرَهُ طُوبَى لِرُوحِكَ عَافَتْ دَارَ مَخْمَصَةٍ نَادَاكَ رَبُّكَ لِلرُّضْوَانِ فَانْتَقَلَتْ وَأَرْهَقَتْكَ سِنِينُ العُمْرِ مُصْطَبِرًا بُشْرَى رَأَيتُـكَ فِيهَا أَهْلَ جَنَّـتِـهِ أَنَا ابْنُ قَلْبِكَ لَمْ تُنْجِبْـهُ مِـنْ رَفَـثٍ لَـولا يَقِينِـي بِحَقِّ اللهِ قَدَّرَهُ لَو يَسْتَرِدُّكَ دَمْعُ العَيـنِ يَـا أَبَتِـي لَكِنَّهَـا سُنَّـةُ الأَيَّـامِ نَجْـرَعُ مِـنْ وَلَـو يُعَمَّـرُ فِيهَـا خَالِـدًا بَشَرٌ لا كُنْتِ يَا نَفْسُ إِنْ أَوْرَدْتِنِي تَلَفًـا وَلا تَكُونِي مِن الأَنْعَامِ مَطْلَبُهَا أَوْ مَنْ تَبِيعُ لأَدْنَى الأَمْرِ نَزْعَتَهَا يَا نَفْسُ لا تَطْلُبِي الدُّنْيَا وَإِنْ ضَحكَتْ شَمْطَاءَ رَقْطَاءَ لا تُبْقِي عَلَـى أَمَلٍ كَأَنَّهَا الكَوْكَبُ الـدُّرِّيُّ زُخْرُفُهَـا فَيَا بْنَ هَـدْيِ رَسُـولِ اللهِ مُحْتَسِبًـا وَالمَوْتُ خَيرُ لِسَـانٍ قَـالَ مَوْعِظَـةً لَنْ تَسْتَقِيمَ لَـكَ الدُّنْيَـا عَلَى دَعَةٍ وَابْذلْ نَدَاكَ إِلَى غَايَاتِ ذِي شَـرَفٍ وَاقْطَعْ رَجَاكَ سوَى مَا كَـانَ هِمَّتُـهُ وَانْظُرْ لأَمْرِكَ دَهْرًا وَالْتَزِمْ سُبُلًا وَاصْبِرْ عَلَى جَفْوَةِ الأَحْبَابِ مَعْـذِرَةً إِلامَ تَصْـدِفُ عَـنْ زَادٍ لآخِرَةٍ وَتَسْحَقُ العَزْمَ فِي أَسْبَـابِ شِقْوَتِـهِ هِيَ الحَيَاةُ إِلَى الأَكْفَانِ تَصْرِفُنَا فَمَا غَدٍ يَرْتَجِـي الإِنْسَـانُ يُدْرِكُـهُ فَأَطْلِقِ اليَوْمَ مِنْ ضِيقِ الدُّنَا جَسَـدًا
