|
لامَتْكِ عَيني والفُؤادُ قَريرُ |
فالنُّطْقُ شَهْدٌ والكلامُ مَريرُ |
أَلْجمْتِ رَدِّي واستبَحْتِ تَصَبُّري |
ثُمَّ التزمْتِ الصَّمتَ وهْوَ نَذيرُ |
لا تَعْذِرينَ إذا شَكَوتُ صَبابةً |
وتُعَزِّرينَ إذا الصَّوابُ يَطيرُ |
أغْراكِ مِنِّي بالـمَلامةِ هَدْأةٌ |
وأنا بعِشْقِكِ ثائرٌ وأسيرُ |
وظَننتِ أنّي في سُكوتي عاجِزٌ |
وأنا بأكْبالِ الغرامِ أسيرُ |
أَشْفَقْتُ مِنْ قَوْلي عَلَيْكِ ترؤّفًا |
ولَدَيَّ مِنْ فَنِّ المقَالِ كَثيرُ |
هلّا سَألتِ النَّاظِمينَ مَليكَتي |
للشِّعرِ أنِّي في القَريضِ خَطيرُ |
لو شِئْتُ قُلتُ مِنَ القَوافي مِثلَما |
فَخَرَ الفرزدقُ أو أبانَ جَريرُ |
إنَّ الذي رَفَعَ السَّماءَ يُذِلُّ لي |
شُهُبَ البَيانِ أَصُوغُها ويَخيرُ |
ناحَتْ بِقُرْبي ألفُ ألفِ حَمامةٍ |
وأنا بِوَصْلكِ في الإسارِ جَديرُ |
لو تَعلَمينَ بما لَقيتُ أوَيتِ لي |
وَعَلِمتِ أنِّي للهَلاكِ أصيرُ |
مُضْناكِ جافتهُ المراقِدُ في الدُّجى |
وبَكَى ورَحَّمَ عائِدٌ وخَفيُر |
إنْ كان سَرَّكِ ما لَقيتُ مِنَ الجَوى |
لا جُرْحَ عِندي في رِضاكِ يَضيرُ |
ما كان ضَرَّكِ لو غَفَرتِ رُعونَتي |
في لَوْمِ صَدِّكِ والكريمُ عَذيرُ |
أو لانَ قَلبُكِ لَحظةً في لَحظةٍ |
لينالَ قَلبيَ مِنْ رِضاهُ يَسيرُ |
سَلَبتْ عُيونُكِ مِنْ جُفُوني غُمْضَها |
ما للسَّليبِ مِنَ الفُتونِ مُجيرُ |
في مَيْدِ قَدِّكِ رَوعةٌ وبَراعةٌ |
ولِقَيْدِ صَدِّكِ حَزَّةٌ وصَريرُ |
إنْ غِبْتِ أصْرُخُ في ظَلامي حَسْرَةً |
فإذا طَلَعْتِ فأبكمٌ وبَصيرٌ |
وأنا الـمُنادَى في البِعادِ لـِمَحشَرٍ |
وخَواءُ صَمْتِكِ مَوْقِفٌ وسَعيرُ |
ليتَ الملامةَ إذ أهَلَّتْ أكمَلَتْ |
والرَّعد بَيْنَ البارِقاتِ بَشيرُ |
تَربُو قِفارِي مِنْ مَعينِكِ نَضْرةً |
وَيَطيبُ مِنِّي مَبْسِمٌ ونمَيرُ |
ويَسيلُ طِيبُكِ في وَريدِي نَشوةً |
وزَفيرُ صَدري مِنْ شَذاكِ عَبيرُ |
فاشْدِي كما شِئْتِ الحُروفَ وغَرِّدي |
فنَعيمُ صَوتِكِ جَنَّةٌ وحَريرُ |
إنِّي رَضيتُ مِنَ الوِصَالِ بما رَضيتِ |
وإنْ يَكُنْ مِنْ عَذْبِكِ التَّقْطيرُ |
فَبِهِ أغيثي يا حَبيبةُ زَهْرَةً |
ذَبَلَتْ فَعَيْشُ العاشِقينَ قَصيرُ |