أحدث المشاركات
النتائج 1 إلى 8 من 8

الموضوع: دِرَاسَاتٌ عَروضِيَّةٌ رَائِدَة- المستشرقون

  1. #1
    الصورة الرمزية د.عمر خَلّوف العروضي
    تاريخ التسجيل : Feb 2006
    المشاركات : 566
    المواضيع : 79
    الردود : 566
    المعدل اليومي : 0.09

    افتراضي دِرَاسَاتٌ عَروضِيَّةٌ رَائِدَة- المستشرقون

    دعوات المستشرقين في العروض العربي:

    تأثُّرًا بالأبحاث الصوتية الحديثة، ودعوات المستشرقين، فقد دعت بعض الدراسات العروضية الحديثة إلى استخدام المقاطع اللغوية بدل المتحرك والساكن في تحليل الإيقاع الشعري. حيث يرى هؤلاء أن مصطلحَ الساكن في العروض ليس دقيقاً، لأنه يدلّ على شيئين مختلفين هما: الأحرف الصامتة (كالهمزة والباء)، والحركات الطويلة (المدود)، بينما يُفرّقُ مصطلح المقطع اللغوي بينهما.

    ومعلوم أن الأصوات في اللغة العربية ثلاثة أنواعٍ هي :
    1. الحركات القصيرة؛ وهي (الفتحة والضمّة والكسرة).
    2. الحركات الطويلة؛ وهي المدود (الألف والواو والياء). وهي تُعادل زمنيًّا مقدارَ حركتين قصيرتين.
    3. الصوامت؛ وهي أصوات الحروف الأخرى، كالباء والتاء والثاء...إلخ
    .

    ومن المعروف في العربية أنّ أيًّا من الحركات أو الصوامت لا يمكن أن يقوم بذاته أبدًا. ولا بدَّ لأحَدِهِما من وجود الآخر، حيث تشكِّل الحركاتُ مع الصوامِتِ نوعين رئيسيين من المقاطع اللغوية ذات الكيان المستقلّ، وهما :
    1. المقطع القصير: ويتألف من (صامت+حركة قصيرة) نحو: ( بَـ ، بُـ ، بِـ ) .ويُرمز له بالرمز (ن).
    2. المقطع الطويل: وهو نوعان متساويان زمنيّاً:
    أ - المفتوح: ويتألف من (صامت+حركة طويلة) نحو: ( با ، بو ، بي).
    ب- المغلق: ويتألف من (صامت+حركة قصيرة+صامت) نحو: ( بَلْ ، بُدْ ، بِتْ ).
    ويرمزون إليهما معًا بالرمز (-) دون تفريق.

  2. #2
    الصورة الرمزية د.عمر خَلّوف العروضي
    تاريخ التسجيل : Feb 2006
    المشاركات : 566
    المواضيع : 79
    الردود : 566
    المعدل اليومي : 0.09

    افتراضي

    والعاتبون على الخليل يتوهّمون أنه يعتبر الوزنَ "تتابُعًا في الحرَكات والسَّكَنات"، وأنه "لم يدلّنا على وحدة الكلام وهي المقطع" لأنه "لم يفطنْ [!] إلى أن الحروف الصائتة القصيرة [الحركات] تُكوِّن مع الحرف الصامت الذي توضع فوقه كحركة مقطعاً تامّاً مستقلاً، ولهذا اكتفى في تقطيع التفعيل بالحروف التي تُكتب، مُمَيّزًا بينها بالحركة والسكون" كما يقول مندور.

    وهذا إطلاقٌ للكلامِ على عواهنه.
    فالخليل رحمه الله كان يعتبر الوزنَ تتابعًا في "المتحركات والسواكن"، لا تتابعًا في الحركات والسكنات كما يقول مندور، وفرقٌ كبيرٌ طبعًا بين الاصطلاحين وإن أدَّيا معاً ذات المهمة في تحديد الأوزان.


    فلقد عرَفَ الخليلُ الحركةَ كما عرفَ الصوامت وميَّزَ بينهما. لأن المتحرِّكَ عنده هو: "كلُّ حرفٍ مضمومٍ أو مكسورٍ أو مفتوح" فهو"حرفٌ وحركة" كما يقول الأخفش. وعرَفَ الخليل أيضاً أن "الحركةَ لا تكون إلاّ في حرف" فلا قِيامَ لأحدهما بدون الآخر.

    بل عرفَ أكثر من ذلك؛ فبيّن أن الحرفَ المتحركَ ذاته (المقطع القصير) لا يُحقّقُ وجودَه إيقاعيّاً إلاّ عندما يندمج مع غيره، مكوِّناً معه كياناتٍ مستقلّةً هي: (السبب والوتد والفاصلة). يقول الأخفش: "وأقلّ ما ينفصل من الأصوات... حرفان"؛ متحركٌ فساكن، "ولا تصل إلى أن تُفْرِدَ من الأصوات أقلّ من ذا... نحو: (ها) و(قَطْ)".

    ولقد نسيَ هؤلاء أوّلاً أن الخليلَ رحمه الله كان يتعامل مع الأوزانِ إيقاعيًّا لا لغويّاً. ولذلك لم يكتفِ في تقطيع التفعيل بالحروف التي تُكتب كما ادّعى مندور، بل إنه أغفلَ شكلَ الكتابةِ تماماً، وعوّلَ على الأصوات الجارية على اللسان، المسموعة في الآذان.

  3. #3
    الصورة الرمزية د.عمر خَلّوف العروضي
    تاريخ التسجيل : Feb 2006
    المشاركات : 566
    المواضيع : 79
    الردود : 566
    المعدل اليومي : 0.09

    افتراضي

    أضف إلى ذلك أن الخليلَ لم يكن يرمز إلى الحركات، ولكنه رمَزَ إلى المتحرّكات (أي إلى المقاطع)، لأنّ الرمز ( / ) كان يعني عنده (حرفًا متحركًا).

    وواضح طبعاً أن المقطع القصير هو ذات المتحرك في العروض الخليلي، لا يزيد عليه ولا ينقص.
    بينما يُقابل المقطع الطويل -بنوعيه؛ المفتوح والمغلق- السببَ الخفيفَ عند الخليل، دون تفريقٍ بين النوعين.
    * ونظرًا للتعادل الزمني بين المقطعين؛ المغلق والمفتوح
    * ونظرًا إلى أن الحركةَ الطويلةَ تُعادل حركتين قصيرتين
    فإنّ المقطع المفتوح يساوي: (صامت+حركة قصيرة+حركة قصيرة) أي: (متحرك+حركة قصيرة).
    بينما يُساوي المقطع المغلق: (صامت+حركة قصيرة+صامت) فهو يساوي: (متحرك+صامت).
    وبالتالي تتعادل الحركة القصيرة مع الصامت زمنيًّا.
    فكأن الحركة القصيرة التي ينتهي بها المقطع المفتوح حرفٌ صامت (أي: ساكن).
    وبالتالي فإن إحساس الخليل بكون المقطع المفتوح -كالمغلق- يُساوي: متحركٌ فساكن هو إحساسٌ صحيح، سيما وأنه يَدْرس الأوزان لا اللغة كما أشرنا آنفًا.

    بل إن الرمزَ (/ه) -وإنْ كانَ ثُنائيّ الإشارة- كان يعتبره الخليل مقطعًا تامًّا مستقلاًّ سمّاه (السبب الخفيف).
    وهو في رأينا أفضل من الرمز المفرد الإشارة (-) الذي يستخدمه المحدثون، لأنّ رمز السبب الخفيف يدلُّنا على ما يتألف منه المقطع من جهة، ويُنبّهنا عند الزحاف إلى أن ما سقطَ منه هو الساكن، وما بقيَ هو المتحرك.


  4. #4
    الصورة الرمزية د.عمر خَلّوف العروضي
    تاريخ التسجيل : Feb 2006
    المشاركات : 566
    المواضيع : 79
    الردود : 566
    المعدل اليومي : 0.09

    افتراضي

    ولا بأسَ عندنا من استخدام المقاطع اللغوية أحياناً لتفسير بعض الظواهر اللغوية في الشعر، إلاّ أن كفّةَ المقاطع العروضية ترجح عندنا في دراسة الإيقاع في الشعر.
    فمن المعلوم أن الحرفَ المتحركَ المفردَ يُشكِّلُ غالباً مع السبب الذي يليه مقطعًا عروضيّاً ثابتاً لا يتزحزح بزحاف، مما يجعله عماد الإيقاعِ الشعر، وهو ما سمّاه الخليل بالوتد (//ه).

    ولذلك تُعتبر (مستفعلن /ه /ه //ه) عكسَ (مفاعيلن //ه /ه /ه) إيقاعيّاً، حيث تتركّب الأولى من سببين فوتد، بينما تتركب الثانية من وتدٍ فسببين. كما تُعتبر (فاعلن /ه //ه) عكسَ (فعولن //ه /ه) و(متَفاعلن ///ه //ه) عكسَ (مفاعَلَتن //ه ///ه) لنفس السبب.

    وأمّا بطريقة المقاطع اللغوية؛ فينشطر الوتد إلى نصفين، فتصبح (مستفعلن /ه/ه//ه) عكس (فاعلاتن /ه//ه/ه)، لأنّ الأولى تتألف من مقطعٍ (طويل+طويل+قصير+طويل)، بينما تتألف الثانية من مقطعٍ (طويل+قصير+طويل+طويل).
    كما تصبح (مفاعيلن //ه/ه/ه) عكسَ(مفعولاتُ /ه/ه/ه/)، و(فعولن //ه/ه) عكس (مفعولُ /ه/ه/).


    وأسوأ من ذلك أن تصبح (فاعلن /ه//ه) عكس ذاتِها!!
    فإنْ صحَّ ذلكَ في الدرس اللغوي مقطعيّاً، فمن غير الممكن أن يصحَّ إيقاعيّاً كما ترى

  5. #5
    الصورة الرمزية د.عمر خَلّوف العروضي
    تاريخ التسجيل : Feb 2006
    المشاركات : 566
    المواضيع : 79
    الردود : 566
    المعدل اليومي : 0.09

    افتراضي

    وتأثرًا بأبحاث المستشرقين أيضًا، فقد دعت بعض الدراسات الأخرى إلى تحليل إيقاعِ الشعر العربي اعتمادًا -مطلقاً- على ظاهرة النبر اللغوي( )، أو إعطاء النبر دورَ المنظِّمِ الإيقاعي الرئيسي( )، أو حتى إعطائه دورًا ما في تمييز الأوزان( ).

    فقد رأى محمد مندور أن الارتكازَ (النبر) عنصرٌ أساسيٌّ في الشعر العربي، ومن تردُّدِه يتولّد الإيقاع، وهو "يقعُ على كلِّ تفعيل، ويعودُ في نفس الموضع على التفعيل التالي"! وأنه لا يقع إلاّ على مقطعٍ طويل، يُشكّل المقطعَ الثاني للوتد المجموع (//ه)، فالوتد هو النواة الموسيقية التي تحمل الارتكاز، ولا ينكسر الوزن إلاّ إذا أدّى الزحاف إلى فقدان النواة التي تحمله.

    وليس النبرُ ظاهرةً مطّردةً في الشعر العربي -بل ولا في النثر العربي- وليس له فاعلية إيقاعية بحيث يمكن الاعتماد عليها في تكوينِ نظامٍ إيقاعي. بل ليس للنبر في اللغة العربية فاعليةٌ معنوية واضحة، إذْ لا تتأثّر معاني الكلمات العربية بتغيّر أماكن النبر عليها. وكثيرًا ما تختلف مواقع النبر في نفس الكلمات تبعًا للّهجات العربية المتعددة، أو المناطق المختلفة، دون أن يؤثر ذلك على قراءة أهلها للشعر موزونًا ومفهومًا. ولا نرى للنبر في العربية أكثر من وظيفة تعبيرية، كالتأكيد على معنى أو التنبيه إليه.

    يقول د.شكري عيّاد: "النبر في اللغة العربية ليس صفةً جوهريّةً في بنية الكلمة، وإن يكن ظاهرة مطّردةً يمكن ملاحظتها وضبْطها. وإذا صحّ ذلك، فإنّ القولَ بأن الشعرَ العربي شعرٌ ارتكازيٌّ [نبري] كالشعر الإنكليزي أو الألماني قولٌ ليس له -حتى الآن- ما يسنده من نتائج البحث اللغوي. ولعلّ وصفَ جمهور المستشرقين للشعر العربي بأنه شعرٌ كمّيٌّ أن يكون أدنى إلى الصواب"( ).

    وفي دراسةٍ عمليّةٍ استقرائية؛ تبيّن للدكتور علي يونس أن النبرَ في الشعر العربي -كما في النثر- لا يُشكّل أيَّ نظامٍ إيقاعيٍّ. فتوزيعُ النبر غيرُ منتظمٍ ولا ثابت.كما لم تكن الأوتادُ مواضعَ للنبر في كلّ الحالات، ولا في أكثر الحالات( ).

  6. #6
    الصورة الرمزية د.عمر خَلّوف العروضي
    تاريخ التسجيل : Feb 2006
    المشاركات : 566
    المواضيع : 79
    الردود : 566
    المعدل اليومي : 0.09

    افتراضي

    وفي الدراسة التي قام بها عن الكم والنبر في الشعر العربي( )، حاول د.كمال أبو ديب تأسيسَ نظامٍ عروضيٍّ يعتمد بصورةٍ رئيسيةٍ على النبر.
    إلاّ أن اعتماده شبه المطلق على ملاحظة النبر الواقع على الوحدات الإيقاعية (التفاعيل)، لا على الواقع الشعري، جعلَ دراسته نظريّةً بحتةً، وتفتقر إلى التطبيق العملي.
    فالانتظام النموذجي للبحر الكامل عنده مثلاً هو:
    متفاعلن متفاعلن متفاعلن
    ...×...^...×..^....×...^
    حيث تشير العلامة (×) إلى موقع النبر القوي، والعلامة (^) إلى موقع النبر الضعيف.

    إلاّ أن البحر الكامل لا يرِد دائمًا بصيغته (السيمترية) تلك.
    فمن المعلوم أن وزن البحر الكامل يتحقّقُ عمليّاً بمئات الأشكال من الكلمات اللغوية، حيث يمكن للنبر أن يقع على أماكن أخرى مختلفة جذريّاً عن الأماكن التي حدّدها.
    خذ مثلاً قولَ ناجي:
    وقفَ الشبابُ فداءَ محرابِ الحمى
    .///ه //ه ///ه //ه /ه /ه //ه
    .^....^....^.....^....^
    وتجمّعَ الأشبالُ بينَ يدَيْكِ
    ///ه //ه /ه /ه //ه ///ه /ه
    .....^.....^..^....^
    فتلفّتي تجِدي عرينَكِ عامِرًا
    ///ه//ه ///ه //ه ///ه //ه
    ....^..^........^...^
    وتسمّعي كَمْ قائلٍ لبَّيْكِ
    ///ه //ه /ه /ه//ه /ه/ه/ه
    .....^........^.....^


    ويشير السهم (^) إلى مكان النبر كما تحقّق عمليًّا في قراءةٍ للشاعر (فاروق شوشة) في برنامج لغتنا الجميلة.

    حيث يتضح تمامًا اختلاف مواقع النبر بين شطر وآخر، وعدم تطابق أيٍّ منها مع نموذج أبي ديب النظري.

    بل يُضاف إلى ذلك إمكانية قراءة هذه الأبيات بنبْرٍ يقع على مواضعَ أخرى دون أن يؤثّر ذلك على الوزن أو المعنى.

  7. #7
    شاعر
    تاريخ التسجيل : Dec 2002
    المشاركات : 2,235
    المواضيع : 384
    الردود : 2235
    المعدل اليومي : 0.29

    افتراضي


    اخي واستاذي الكريم

    أتمنى أن تجد هذه الإضاءة مفيدة حول موضوع النبر وعلاقته بالوزن :


    English is a stress-timed language, French is syllable-timed. Poets in both languages made efforts to import the quantitative metres from classical Greek and Latin. In French these attempts failed in a very short time, and became mere historical curiosities. French poetry remained with the syllabic versification system, which is congenial to a syllable-timed language. English Renaissance poets thought they succeeded in the adaptation of the quantitative metre. But they were doing something that was very different from what they thought they were doing: working in a stress timed language, they based their metre on the more or less regular alternation of stressed and unstressed syllables, and not as they thought, on the regular alternation of longer and shorter syllables. They used the same names and graphic notation for the various metres, but the system was utterly different, and well- suited to the nature of a stress-timed language

    from:


    https://www2.bc.edu/~richarad/lcb/fe...mpmetrics.html

    ترجمة ما تقدم

    الإنجليزية لغة نبرية، والفرنسية لغة مقطعية، وقد بذل شعراء اللغتين جهدهم لاستيراد الميزان الكمي من اللغتين اليونانية الكلاسيكية واللاتينية.

    ولم يمض طويل وقت حتى اتضح فشل هذه المحاولات في الفرنسية، ولم يبق منها إلا طرفتها التاريخية. وبقي الشعر الفرنسي قائما على نظام مقطعي متجانس مع تلك اللغة ذات التوقيت المقطعي.

    أما الشعراء الإنجليز في عصر النهضة فقد ظنوا أنهم نجحوا في تكييف الميزان الكمي، ولكن ما كانوا يقومون به كان مختلفا عما ظنوا أنهم يقومون به، ونظرا لأنهم كانوا يتناولون لغة نبرية فقد قعّدوا ميزانهم على التبادل المنتظم – بشكل أو آخر – للمقاطع المنبورة وغير المنبورة، وليس كما وهموه تبادلا بين المقطع القصيرة [1] والطويلة [2]

    لقد استعملوا نفس الأسماء والرموز لكافة الأوزان ولكن النظام العروضي كان مختلفا كليا، فقد كان نبريا مناسبا للغة قائمة على النبر. [ وليس كميا ]


    ______

    يحضرني الآن ما تقدم من جهود كل من العروضيين فايل وغالب الغول، حيث تناولا العروض العربي نبريا. أما فايل فاعتبر الوتد موضعا للنبر، واعتبر الأستاذ الغول السبب السابق للوتد موضعا له. ويبدو وجه الشبه بين محاولات العروضين الإنجليز في عصر النهضة ومحاولات من يقيمون الميزان العربي على اساس نبري جليا وإن كان معكوسا الاتجاه.

    وخطر لي أن خير توصيف لذلك هو إعادة صياغة الفقرة المتقدمة على النحو التالي:

    العربية لغة كمية أساسا، والإنجليزية لغة نبرية، وقد بذل بعض العروضيين جهدهم لاستيراد الميزان النبري من اللغة الإنجليزية للعربية. فأقام فايل النبر على الوتد وأقام الأستاذ الغول النبر على السبب السابق للوتد.

    وهكذا ظنوا أنهم نجحوا في تكييف الميزان النبري، ولكن ما كانوا يقومون به كان مختلفا عما ظنوا أنهم يقومون به، ونظرا لأنهم كانوا يتناولون لغة كمية فقد قعّدوا ميزانهم على التبادل المنتظم – بشكل أو آخر – للأسباب والأوتاد أو المقاطع القصيرة [1] والطويلة [2] وليس كما وهموه تبادلا بين المنبور وغير المنبور.
    ودليل ذلك اقتران النبر لدى كل منهم بوتد أو سبب بعينه لا يعدوه.

    لقد استعملوا نفس الأسماء والرموز لكافة الأوزان ولكن النظام العروضي كان مختلفا كليا، فقد كان كميا مناسبا للغة قائمة على الكم. [ وليس نبريا]

    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي

  8. #8
    الصورة الرمزية د.عمر خَلّوف العروضي
    تاريخ التسجيل : Feb 2006
    المشاركات : 566
    المواضيع : 79
    الردود : 566
    المعدل اليومي : 0.09

    افتراضي

    بل إن من الباحثين المعاصرين، مَنْ نعى على الخليل -والعروضيين من بعده- "نظرتهم الشكلية إلى الحرف العربي"، "دون الانتباه إلى نوعية كلِّ متحركٍ وساكن"! فلم يفرّقوا -في الرمز- بين المدلولات الصوتية المختلفة للمقاطع مثل (با ، بو ، برْ ، شش .. إلخ)، ولا بين الأنغام المختلفة للحركات، ولا بين الشحنات الصوتية -وما يتبع ذلكَ من فروقٍ في الشحنات الوجدانية المعنوية- للحروف المختلفة!!. معتبرًا ذلك "ثغرةً عروضية" و"شرخًا كبيرًا بين الواقع الإيقاعي والافتراضي العروضي"!!

    ومع صحّة الكلام عن الفروق بين المدلولات الصوتية للمقاطع والحروف والحركات، إلا أنّ في ذلك (مغالطة كبيرة) و(ثغرةً) كان على الباحث أن لا يقع فيها.
    فعلم العروض -كما هو معروف- هو علم موسيقى الشعر. ولدراسة الموسيقى، والوصول إلى مكوناتها الإيقاعية الظاهرة، أي (الموسيقى الخارجية)، لابدّ من التجريد الرياضي لواقع الحروف والكلمات.. بل لا يمكن الوصول إلى هذه المكونات بدون ذلك التجريد. وذلك ما فعَلَه علماء الموسيقى، وهو ما فعَلَه الخليل في موسيقى الشعر.


    وأما مكونات الإيقاع الشعري (الداخلية)، كنغم الحرف وجرسه، والشحنة، والمدلول الصوتي لكل حرف، فإبرازُها يقع على عاتق الشاعر المبدع والموسيقي الفنّان، ولدراستِها مكانٌ آخر غير علم العروض.
    إنه لدى فقهاء اللغة، والخليلُ أحدهم.

    ولنتصور معًا حالَ العروض إذا ما أضفنا إلى مصطلحاته ما يُفيد التفريقَ بين كلّ حرفٍ وآخر في نغمته، وشحنته، ومدلوله الصوتي.

المواضيع المتشابهه

  1. دِرَاسَاتٌ عَروضِيَّةٌ رَائِدَة
    بواسطة د.عمر خَلّوف في المنتدى العرُوضُ وَالقَافِيَةُ
    مشاركات: 2
    آخر مشاركة: 17-09-2013, 12:57 AM
  2. دِرَاسَاتٌ عَروضِيَّةٌ رَائِدَة- ابن القطاع
    بواسطة د.عمر خَلّوف في المنتدى العرُوضُ وَالقَافِيَةُ
    مشاركات: 5
    آخر مشاركة: 10-09-2013, 06:40 PM
  3. دِرَاسَاتٌ عَروضِيَّةٌ رَائِدَة- الزمخشري
    بواسطة د.عمر خَلّوف في المنتدى العرُوضُ وَالقَافِيَةُ
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 07-09-2013, 10:43 PM
  4. دِرَاسَاتٌ عَروضِيَّةٌ رَائِدَة-الجوهري
    بواسطة د.عمر خَلّوف في المنتدى العرُوضُ وَالقَافِيَةُ
    مشاركات: 1
    آخر مشاركة: 02-09-2013, 07:06 AM
  5. دِرَاسَاتٌ عَروضِيَّةٌ رَائِدَة-الخليل
    بواسطة د.عمر خَلّوف في المنتدى العرُوضُ وَالقَافِيَةُ
    مشاركات: 5
    آخر مشاركة: 31-08-2013, 11:16 PM