قال العم مسعود مخاطبا أحد زملائه و هو خارج لتو من الإجتماع : هذه القطط حولت مسار حياتي إلى جحيم لا يطاق , صرت أتوقع أن يطردني المدير بسببها شرّ طردة من عملي في أي لحظة غضب , لقد وجه لي اليوم توبيخا بلهجة حادة , بعد أن بلغته شكوى من أحد رجال الأعمال المقيمين بالفندق , كما بلغته شكوى أخرى من أحد رؤساء الدول المقيمين . فقد انتشرت بكثافة غير معهودة في الطوابق العليا و فندقنا ذا سمعة عالمية , و لا يليق أن تقطن فيه القطط جنبا إلى جنب مع رجال الأعمال و رؤساء الدول هكذا خاطبني , تصور لو يقيم ذات مرة بيننا الرئيس (ترمب) و تزعجه قطيطة حتى لو كانت صغيرة ؟ فحتما سوف يحيلونني على محكمة لاهاي الدولية في الحال . هذه القطط حرامية ! بل إرهابية ! لقد رأيتها البارحة بأمّ عيني تلعق الويسكي عند سقوط طبق من الأطعمة و تكسّر قنينة المشروبات الكحولية على بلاط الممر بعد انزلاق العامل , حتما سأقضي عليها قبل أن تقضي على مورد رزقي... كانت الساعة تشير إلى الرابعة صباحا حين جاء العم مسعود لمقر عمله حاملا معه أكياسا من الطعام الممزوج بمواد كيمياوية قاتلة لوزعها بزوايا الطوابق, لقد قرر إرتكاب هذه الجريمة في وقت السحر , الوقت الذي يتنزّل فيه رب العزة للسماء الدنيا و يسأل عباده : هل من داع فأستجيب له ؟ هل من مستغفر فأغفر له ؟.. لقد أعماه الغضب و سيطرت على عقله العصبية , صار يتصرف بدون أي وازع ديني أو أخلاقي , أصبح همه الحفاظ على علاقته بالمدير متجاهلا علاقته برب العالمين ..زرع الطعام المسموم كما تُزرع الألغام أثناء الحرب مع العدوّ في أماكن اختارها بدقة , ثم عاد إلى منزله مرتبكا كأي مجرم ,مضت سويعات قليلة .. بدأت أولى خطوات العاملين تدب في طوابق الفندق , يا إلهي !!هناك قطط تصارع الموت ثم تلفظ أنفاسها الأخيرة لتبقى جثثا هامدة بلا حراك , إنها مجزرة جماعية , ترى من تجرأ على استعمال أسلحة الدمار الشامل المحظورة دوليا ضد هذه القطط ؟ , هل صُنّفت هذه القطط على أنها من الجماعات الإرهابية هي أيضا حتى تعامل بهذه القسوة ؟ .. لكن هناك بالطابق الخامس قطيطة نحيلة أبت أن تفارق الحياة , إنها تتجه نحو اليسار تجرّ نصفها الخلفي المشلول , كأنها تسابق اللحظة الأخيرة من حياتها نحو هدف ما .. كان العامل يراقبها بدهشة حتى دخلت إحدى الزوايا حيث جراءها الصغار , تمددت أمامهم ,فانتدلفوا تحتها فرحين بقدومها باحثين عن ثديها , أما هي فقد أسلمت الروح ..إلتّف حولها جمع من العاملين من بينهم نساء بدأن يبكين موتها و تيتّم صغارها .