( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِن جَاءكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَأٍ فَتَبَيَّنُوا أَن تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ )

نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي


قال تعالى:
( وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُّبِينًا ) الأحزاب-58

و عن أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها قالت : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لأصحابه : أي الربا أربى عند الله ؟ ، قالوا الله ورسوله أعلم ، قال أربى الربا عند الله استحلال عرض امرئ مسلم ثم قرأ ( وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُّبِينًا ) .

مما أبتلينا به في عصرنا الخوض في الأعراض بهتاناً ؛ عمداً أو ترديداً لما يقوله الآخرون .
و لقد قامت الشريعة الإسلامية على حفظ مقاصد خمسة ؛ يسميها العلماء مقاصد الشريعة و هي : حفظ الدين ، و النفس ، و العرض ، و العقل ، و المال .
فالإسلام يحرص كل الحرص على أن يحفظ للمسلمين أعراضهم ، و يحرم انتهاكها ويشدد في ذلك ، و لقد كان آخر ما أوصى به نبينا محمد صلى الله عليه و سلم في حجة الوداع : ( إن دماءكم وأموالكم وأعراضكم عليكم حرام كحرمة يومكم هذا في بلدكم هذا في شهركم هذا فأعادها مرارا ثم رفع رأسه فقال اللهم هل بلغت اللهم هل بلغت – قال ابن عباس رضي الله عنهما فوالذي نفسي بيده إنها لوصيته إلى أمته - فليبلغ الشاهد الغائب لا ترجعوا بعدي كفارً يضرب بعضكم رقاب بعض ) .
وقال صلى الله عليه وسلم : ( كل المسلم على المسلم حرام عرضه وماله ودمه ) .
ونظر ابن عمر رضي الله عنهما يوما إلى الكعبة فقال : ( ما أعظمك وأعظم حرمتك ، والمؤمن أعظم حرمة عند الله منك ) .

و النصوص في تعظيم حرمة أعراض المسلمين كثيرة ، و معظمنا يحفظها .. إلا أنني أردتُ هنا التطرق للموضوع من زاوية أخرى و هي زاوية المستمع لا المتكلم .. ذلك الذي يصغي للخوض في عرض أخيه المسلم دون أن يحفظ غيبته ، و هذا أقول له : يا أخي المسلم عليك بالتدبر في الآتي :

- لا تأخذ إلا بالبينة و لتطالب محدثك أن يأتي بالبينة قبل أن يخوض في عرض أخيك المسلم ..
قال تعالى : ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِن جَاءكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَأٍ فَتَبَيَّنُوا أَن تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ ) الحجرات-6
فالأصل في الشرع البراءة و هي يقين لا يزول إلا بيقين و لا يصلح معه الشك أو الظن .
و هنا نذكر موقف سيدنا على بن أبي طالب رضي الله عنهما عندما أتاه أمير المؤمنين سيدنا عمر بن الخطاب رضي الله عنه فسأله : أترى لو أخبرتك أن فلاناً زنى ، هل تقيم عليه الحد ؟ فقال له سيدنا علي : أمع الأمير ثلاثة شهود ؟ فقال له : لا ، قال : إذن أقيم على الأمير حد القذف .
ياالله ما أروع هذا الدين و ما أعظمه و ما أعدله ، أمير المؤمنين عمر بن الخطاب العادل الفاروق الذي فرق الله به بين الحق و الباطل و الذي أخبر عنه النبي صلى الله عليه و سلم أنه لو سلك طريقاً لسلك الشيطان طريقاً آخر ، لم يشفع له كل هذا ليقذف مسلماً دون أن يأتي بالبينية .
فماذا أنت قائلٌ لربك أخي الكريم عندما يجيء بك يوم القيامة ليقتص منك في عرض أخيك المسلم ؟!
هل تقول له : " سمعته من فلان " ؟!
فبماذا تجيبه لو سألك : أفتسمع لقول فلان و لا تسمع لقول الله و قول الرسول إذ حرما عليك عرض أخيك المسلم ؟!

فعلينا التحق قبل أن نشيع المنكر قذفاً ، و علينا أن نطالب محدثنا بالبينة إذا ما خاض لغواً في عرض أخِ لنا .


- رد عن أخيك غيبته :
على المسلم أن يرد غيبة أخيه و أن يشهد له بما يعرفه عنه ، فكم منا من لا يرد غيبة أخيه مع يقينه ببراءته مما يقال عنه موافقة لجلسائه أو محدثيه أو حتى لا يقطع حديثهم أو ثقة في المتحدث ، -و ليس منا من يرقى في الثقة به إلى مقام عمر بن الخطاب و رغم هذا طالبه سيدنا علي بالبينة .

- احذر من الانسياق وراء من يخوضون في أعراض الغير أو الانجراف في تيارهم أو الغرق في أوحالهم بترديد ما يقولون فتضّيع دينك و دنياك ، و عليك الحذر فإنه كما تدين تُدان .
- عليك بإتباع النهج القرآني إذا ما تعرضت لمجالسة من ابتلاهم الله بالخوض في أعراض الآخرين ، قال تعالى : ( وَإِذَا رَأَيْتَ الَّذِينَ يَخُوضُونَ فِي آيَاتِنَا فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ حَتَّى يَخُوضُواْ فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ وَإِمَّا يُنسِيَنَّكَ الشَّيْطَانُ فَلاَ تَقْعُدْ بَعْدَ الذِّكْرَى مَعَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ ) الأنعام:68 ، ففي هذا النجاة و السلامة لك .

فيا من ابتلاك الله بترديد ما يقال من قذف في عرض أخيك : هل توقفت للحظات لتسأل نفسك - قبل أن يسألك الله - إن كنت اتبعت هدي الإسلام في هذا ؟

و أخيراً ليس ما نقوله لمن يخوض في عرض أخيه المسلم بهتاناً إلا ما قاله صلى الله عليه وسلم : ( افعل ما شئت ، فكما تدين تُدان ) .. و أن الدين لا ينقضي بل يورث .


نسأل الله العفو و العافية


إسلام شمس الدين