تزوج تاجر ميسور من أرملة أحدهم. وكان، كل ظهيرة، يرسل لها قفة الحاجيات مملوءة عن آخرها بالخيرات من خضر وفاكهة ولحم ضأن ولحم طير. وكلما دخل عليها في آخر النهار وسألها عن القفة وهل كانت راضية عنها أجابته : " يعني .... ليست كقفة المرحوم ... لكن الحمد لله على كل حال ... "
أصبح التاجر كل يوم يكثر من المشتريات، وكل يوم يكون للزوجة نفس الجواب. احتار الرجل ولم يترك شيئا من ثمار وفاكهة وطرائد إلا وملأ به القفة، لكن دون جدوى. وصار يشتكي أمره لكل من يجالسه من أصحاب وتجار في السوق إلى أن هداه أحدهم إلى معرفة من يكون زوجها السابق المرحوم، فربما كان بحارا يأتي بما تزخر به الجزر البعيدة من طيب الفواكه وغريب الطرائد، أو كان اميرا ذا خدم وحشم تأتيه العطايا من كل جهات المعمورة.
هكذا صار التاجر يتقصى أخبار الزوج المرحوم حتى وقف على حقيقته. وكم كانت دهشته كبيرة عندما علم أنه كان سقاءً معروفا في مدينة قريبة. لم يطل به التفكير هذه المرة، فاهتدى إلى السقاء الذي يجوب دكاكين التجار، وطلب منه ان يبيعه قفة حاجياته التي يرجع بها آخر النهار إلى بيته. وافق السقاء على بيع قفته بدريهمات قليلة، فأخذها التاجر ودخل بها على زوجته. وما أن فتحت الزوجة القفة حتى انفرجت أساريرها وهللت من الفرحة قائلة : " ها قد تعلمت كيف تنفق يارجل" .