شاهد احتلال
-20-
محمد ابو ركبة: في العام 1948 ارتكب اليهود مجزرة كبيرة في تل الصافي
في العام 1948 هاجر وعائلته وآخرون من قريتهم زيتا قضاء طولكرم بسبب هجمات العصابات الصهيونية الوحشية على القرية، الأمر الذي دفع سكانها إلى الرحيل..
محمد ذيب ابو ركبة "ابو عمر" ولد في العام 1934 في قرية زيتا التي كان يبلغ عدد سكانها في عام النكبة 1948 حوالي الف نسمة. يسرد لنا ما تحتفظ به ذاكرته من احداث الهجرة.
"بدأ اليهود في صيف العام 1948 بإطلاق النار على اهل القرية والاعتداء على الناس والأملاك مما اضطرنا إلى الرحيل فتوجهنا إلى قرية بيت جبرين – قضاء الخليل. اذكر في ذلك اليوم ان العصابات الصهيونية قتلت عدداً من المواطنين منهم الشهيد عبد اللطيف حسن ابو نبهان وللأسف لم نكن نملك السلاح للتصدي لهذه الهجمات.. واحتل اليهود ايضاً بلدة اسمها بوايك عطا ابو مريزيق الواقعة بين عراق المنشية وبين جبرين. اقمنا في بيت جبرين شهرا تقريبا ثم هجم اليهود على القرية واحتلوها إلى جانب قرى اخرى مجاورة، فرحلنا إلى مدينة الخليل واقمنا فيها سنتين ثم إلى مخيم بير السفلى الواقعة بين اذنا وترقوميا.
عشنا حياة مرة وصعبة في الخيام بينما كنا في قريتنا زيتا نعيش في بيوت نملكها ونعمل في اراضينا، نزرعها ونجني ثمارها…. اقمنا في مخيم بير السفلى سنتين ثم انتقلنا منه إلى مخيم الفوار، اقمنا في الخيام ايضاً، ولم نجد عملا على الإطلاق، لكن توكلنا على الله والمساعدات البسيطة التي كانت توزعها وكالة الغوث، بعد سنتين من هذه المعاناة في الفوار رحلنا إلى اريحا، إلى مخيم عين السلطان الذي اقمنا فيه حتى العام 1967.
كان اليهود المتوحشون يلاحقوننا اينما ذهبنا ويهاجموننا في ساعات الفجر، حيث يبدأون بإطلاق النار بواسطة الرشاشات، الأمر الذي اضطرنا للجوز إلى تل الصافي، فقد كانت قرية مرتفعة تقع على قمة جبل ولا يمكن الصعود اليها إلى مشياً على الأقدام، ألا ان اليهود هاجموها وارتكبوا فيها مذبحة كبيرة.
في عين السلطان كنا نعمل في المزارع من ساعات الفجر حتى المساء بأجر يومي لا يتجاوز الثلاثة عشر قرشاً.
ثم رحلنا من عين السلطان إلى الكرامة – شرقي النهر حيث اقمنا في مخيم في غور نمرين حوالي ثلاثة أشهر، وكنا نعيش على تموين الوكالة ايضاً. ثم هاجم اليهود المخيم فتوجهنا إلى عمان.. إلى مخيم البقعة.. إلى هذا البيت نفسه الذي كان مكانه خيمتنا.
عشنا حياة صعبة جداً، لم نشبع الخبز، حيث لم نكن نملك أي شيء من المال أو الأكل فقد رحلنا من قريتا زيتا لا نحمل معنا ألا ملابسنا التي علينا، مشيا على الأقدام الى بيت جبرين "لا معنا حلال ولا حتى مطرة ماء"، وكان الواحد منا يضع حذاءه تحت رأسه عندما ينام والذي لم يملك حذاء آنذاك كان يضع حجراً تحت رأسه وانا واحد منهم".
عندما وصلنا مخيم البقعة لم يكن هناك عمل أو شغل لنقتات منه، فكنا ننزل يوميا إلى عمان مشيا على الأقدام باحثين عن عمل، حيث لم يكن معنا أجرة نقلنا اليها.
عشنا عشرة أفراد في خيمة واحدة والوكالة تعطينا الطحين فقط والذي كان يملك نقوداً كان يشتري تمراً ليأكل مع الخبز. اضطررنا لبيع الصوف الذي كان داخل فرشتنا التي ننام عليها في عمان كي نشتري بثمنه تمراً. وكنا نسير لمدة اربع ساعات يومياً لإحضار مياه الشرب من ام الدنانير ورميمين. حياة صعبة عشناها في المخيم ولو خيرونا بالرجوع لرجعنا فوراً.