السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أسعد الله مساءكم جميعاً
الورقة التي بين يديّ الليلة حول فن الردود وآدابها ، وللأمانة العلميّة أبدأ فأقول إن أصلَ هذا الموضوع مأخوذٌ من موقع في الشبكة العنكبوتيّة ، وللأمانة العلميّة أيضاً وللحق فإنني تصرفتُ فيه تصرّفاً كبيراً ، حذفتُ وأضفتُ ، ونسقت ، حتى خرجت ورقة بحثيّة أظن وأرجو أن تقدّم ما هو مفيد وممتع في هذه السهرة .
* فن الردود وآدابُها *
======================
* لا شك بأن كتابة الردود على المواضيع فن وعلم وإبداع ، وهي تحتاج إلى مهارة وعلم لا يقلان – ربما - عما عند كاتب الموضوع الأساس . هي نقد خفيف أو ثقيل ، وهي تَبَعٌ للمواضيع ، بينهما ارتباط فكري وموضوعيّ . وقد يولّد الردّ أفكاراً تُطور أفكار الموضوع المردود عليه ، وتُغنيه . وقد يأتي الردّ بصيغة أدبيّة أحلى وأروع بلاغة من صيغة النص الأصلي ، وقد يأتي – بالمقابل- بكلامٍ يهدر دمَ النص أو يُقيم عليه الحدّ أو الجلد ! وذلك حين يُسطح فكرتَه ، أو أسلوبه ، ويغمطه حقه فيهما . والأسوأ من ذلك أن يترك أو ينحرف عن الرد على النص وينساه ؛ ليستلم شخصَ كاتبه فيُسفّه رأيه وموقفه، ويُقبّح أسلوبه ومنهجه !
إن لكل عضو مهارةً وأسلوباً خاصاً به ، وبه يُعرَف ويمتاز عن غيره ، سواء أكان ردّه جيّداً أم غير جيّد ، فالأسلوب – في النهاية – هو الرجل .
فما هو الردّ المنشود الذي نُريده في واحتنا هنا وفي كل مكان في الواقع ، فالقيمة نحملها معنا أينما نذهب ، ولا نحملها إلى مكان ، وننساها في آخر ..
هو الردّ ذو الفكرة القيّمة المبنيّة على دلائل منطقيّة ، والموقف الواضح الموضوعيّ المستند إلى قرائن سليمة .. وإلى ذلك البعيدُ عن الظن وحسب ، على أن يُعبّر عه بالتعبير البليغ ، أو الفصيح الحسن على أقلّ تقدير . هذا عن الرد بوجه عامّ ، وهو تعريف يصح بل يجب أن يصح على كل أنواع الردود .
بطبيعة الحال تختلف الردود بحسب المواضيع ، كما في الحياة ؛ فإن لكل سؤال جواباً ، ولكلّ مقام مقالاً .. فما هي أنواع المواضيع ، وكيف تختلف الردود عليها ؟
تختلف المواضيع بحسب مادتها ، وبحسب طرحها وغايتها ، وتختلف معها نوعية الردود المناسبة لها . ولكل نوع من المواضيع طريقة للرد عليه
وإليكم بعضَ الأمثلة عى ذلك :
أولاً- المواضيع الحوارية والنقاشية:
وهي القضايا العامة التي يطرحها الكاتب لمعرفة آراء القارئين بها وموقفهم منها . وهنا تكون الردود المناسبة لها أن يُبدي مَنْ يردّ رأيَه وفكرَه بالموضوع المطروح ، سواءٌ أكانَ موافقاً لما جاء فيه أو غيرَ موافق ، يُناسبُ اتجاهه أم لا يُناسب . وعليه ألاّ ينسى أن الكاتب- هنا - لا يريد شكراً وثناءً فقط على ما طرح ، لأن الشكر والثناء فقط – دون إبداء الرأي والفكر - يُشعر الكاتب بأن موضوعه لم يصل للآخرين ، وأنّ من ردّ قدْ أتى لمجاملته ليسَ إلاّ !
ثانياً - المواضيع الثقافيّة العامّة :
وهي التي ينقل بها الكاتب معلوماتٍ وأخباراً متنوّعة . والردود المناسبة لها قد تكون بإبداء الآراء حولها ، أو بإسداء الشكر والثناء للكاتب تقديراً له على الفائدة التي طرحها .
ثالثاً - المواضيع الترفيهيّة :
وهي المواضيع التي غايتُها إدخالُ البهجة والسرور إلى نفوس القارئين . والردود المناسبة لها تكون بالتعليق على ما ورد فيها من مواقف وطرائف ومفارقات ، وكذلك بتقديم الشكر لصاحبها وبيان حال البهجة والسعادة التي أحدثها الموضوع .
رابعاً - مواضيع المسابقات الترفيهية:
وهي المواضيع التي تُطرح بهدف المشاركة والالتقاء بين الأعضاء ؛ للترفيه والتسلية والفائدة . والردود المناسبة لها هي التقيد بما طرح في المسابقة من شروط وأسس ، مع محاولة التفاعل مع المشاركين بأسلوب شيق ومرح .
خامساً - مواضيع البرامج والتكنولوجيا والاتصالات:
وهي المواضيعُ التي يتم طرحها لإفادة الأعضاء عن آخر ما توصلت إليه التكنولوجيا ، وكذلك إعلامهم عن البرامج المهمة والمفيدة في استخداماتهم الإلكترونية . وهذه الردودُ المناسبة لها تكون بالشكر والتقدير لكاتب الموضوع ، وإن لزم الأمرُ يستفسر الرادّ ويطلب بعض التوضيح والبيان عن نقاط غُمّت عليه في الموضوع .
سادساً - مواضيع الاستفسار وطلب المساعدة:
وهي التي يطرحها كاتب الموضوع يستفسر بها عن أمر ما ، أو يطلب مساعدة في حل مشكلة أو قضية أو مشكلة تعترضه . والردود المناسبة لها تتمثّلُ بالإجابة على الاستفسارات أو تقديم المساعدة بقدر الاستطاعة ، أو بالإرشاد إلى الطرق التي تفيده ، أو بإبداء الرأي المناسب المفيد .
سابعاً - مواضيع الترحيب بالأعضاء الجدد :
وهي المواضيع التي يتم طرحها من قبل عضو جديد ينتسب للواحة ويريد أن يرى إن كان مرغوباً به أم لا ، أو يودّ التعرّفَ إلى ميثاق الواحة ونهجها . والردود المناسبة عليها هي الردود التي تشعر العضو بأنه مرحب به ، والتي تُظهر السعادة بانضمامه إلى الواحة ، مّا يعكس روح الصفاء والودّ والإخاء التي ترفرف في فضاء الواحة .
* الردود الغريبة المرفوضة *
- وهي الردود غير المناسبة ، وفي غير محلّها ، والتي لا علاقة لها بالموضوع ،وتدلّ إما على جهل كاتب الردّ بمادّة الموضوع ، وإمّا على أنّه لم يقرأه كاملاً أو لم يقرأ منه كلمة واحدة !
وهذان مثالان على سبيل الإيضاح :
مثال أول :
موضوع يطرح قضيّة العنوسة – مثلاً – بمحاور وأفكار رئيسة وفرعيّة ، وختام وتوصيات فيأتي أحدهم ويكتب ردّاً كله ثناء على كاتب الموضوع وكفى ! ويتجاهل بشكل ما كُتب في الموضوع ! ليترك الكاتب يائساً بائساً لاعناً ساعة كتب ولحظة نشر !!
مثالٌ ثانٍ :
أحد الكتّاب يطرحُ موضوعاً حول تسرب الطلاب من المدرسة ؛ فتأتيه ردود تتحدث عن ظاهرة التدخين عند الطلاب ، أو الضعف في التحصيل الدراسي .. هنا بلا شك نلاحظ مشكلة عند كاتب الرد في فهم الموضوع ومحاوره ،إذ ليس الهدف من طرح الموضوع إثراءَ الموضوع بالمعلومات العامة وإنما الهدف هو التحدث في جزيئة معينة من الموضوع .
- ومن هذه الردود المرفوضة ، الردود بعبارات جاهزة فضفاضة تعكس أول ما تعكس اللامبالاة وعدم الاكتراث ممن كتبه ، من مثل : ( أحسنت ما شاء الله ) ، ( رااااااائع ) ( بارك الله بك) وأمثالها .
* نصائح وإرشادات *
نقف الآن في الختام – مع بعض النصائح والإرشادات المقدمة لن يكتب ردّاً
* لا تنسَ عندما تهمّ بكتابة ردّك أنّه مرآة فكرك وأخلاقِك لدى الآخرين ؛ فأحسن صورتها تَحْسُنْ صورتك لديهم
* لا تنماز الردود بطولها أو قصرها ولا بتنسيقها ، بل بما تنطوي عليه من قيمة في معانيها وأفكارها .
* وكذلك ، فإن العضوَ لا يتميز بكثرة ردوده ، وإنما بقيمتها .
* إنّ تقدير الكاتب والثناء عليه يكونان بإعطاء موضوعه حقه من الرد المناسب .
* إن لم تجد الوقت الكافي لإعطاء الموضوع ؛ فالأفضلُ ألاّ ترد عليه .
* ركّز في ردّك على النقاط التي تشعر بأنها جذبتك أكثر من غيرها في الموضوع .
هذا ، مع شكري الجزيل لحسن استماعكم ، ومع أطيب الأمنيات في قراءة ردود تنافس الموضوعات في التفكير والإبداع ؛ أدعكم برعاية الله وحفظه
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته