أحدث المشاركات
صفحة 2 من 2 الأولىالأولى 12
النتائج 11 إلى 17 من 17

الموضوع: دِرَاسَاتٌ عَروضِيَّةٌ رَائِدَة- أبو ديب

  1. #11
    الصورة الرمزية د.عمر خَلّوف العروضي
    تاريخ التسجيل : Feb 2006
    المشاركات : 566
    المواضيع : 79
    الردود : 566
    المعدل اليومي : 0.09

    افتراضي

    وإذ حاول أبو ديب منذ البداية أن يصف البحور باستخدام النواتين الإيقاعيتين (علن/فا) فقط، مستميتًا في الوصول بها إلى الانتظام الرياضي المطلق، فقد كان الوافر والكامل يعملان دائمًا على عرقلة هذه المحاولة، لأنهما تَشكُّلان مختلفان لا يخضعان لذلك الوصف، لما فيهما من الفواصل.
    لذلك، وبعد محاولات عديدة لقسرهما على الخضوع لذلك الوصف، يضطر أبو ديب إلى الاعتراف بوجود نواةٍ إيقاعيةٍ ثالثة هي: (علتن)، تلعب دورًا حيويًّا في تكوين هذين البحرين، ويضطر بالتالي إلى "إعادة صياغة الأساس النظري المطروح لتقرير: أن الإيقاع في الشعر العربي ينبع من الحدوث التتابعي لاثنتن من ثلاث نوى مكوِّنة هي: ( ـ ـ ـ ه) و (ـ ـ ه) و (ـ ه )"( ).
    ومع ذلك، ربّما لتصوّرٍ ذهنيّ مسبق لديه، فقد سيطرت عليه فكرة استخدام نواتين إيقاعيتين لا ثلاثة، فحاول قسر الوافر والكامل على تقبّل فكرته بأكثر من طريقة واحدة.

    ففي الوافر والكامل؛ تنقص القيمة العددية للوحدات المكونة لهما بمقدار (1)، فتتحول بذلك الوحدة (5) إلى (4)، مما يعني نقصان القيمة العددية لشطر الكامل بمقدار (3)، مع بقاء الإيقاع منسجمًا. وقد تنقص قيمة الشطر الواحد في الخبب بمقدار (4)، بل إنها هنا قد تزيد أيضًا، ويبقى إيقاع الخبب منسجمًا.

  2. #12
    الصورة الرمزية د.عمر خَلّوف العروضي
    تاريخ التسجيل : Feb 2006
    المشاركات : 566
    المواضيع : 79
    الردود : 566
    المعدل اليومي : 0.09

    افتراضي

    وإذ يدخل أبو ديب مجالَ التطبيق العملي، ينعى على الخليل طريقته في تحليل بيت من الشعر لمعرفة بحره. لأن المبتدئ بحاجة إلى معرفة طريقة التمثيل العروضي لوضع رموز البيت من حركة وسكون ثمّ هو بحاجةٍ إلى معرفة التفاعيل المكونة لكل بحر، ومعرفة بدائل (أو زحافات) كل تفعيلة.

    ومن الطبيعي -في كل العلوم- أن يتعلم المبتدئ أوّلاً أساسيات هذا العلم. وأساسيات العروض معرفةُ المتحرك والساكن، ثم المقاطع والتفاعيل وبدائلها. ويظن أبو ديب أن المبتدئ -في طريقته- ليس في حاجةٍ إلى مثل ذلك.
    إلاّ أنه يُقرّ منذ البداية أن الخطوة الأولى الضرورية هي معرفة طريقة التمثيل العروضي، لتحليل البيت إلى مكوناته الأولية من الحركات والسكنات( ).
    وكيف للمبتدئ أن يعرف هذه الطريقة دون معرفةٍ بأساسياتها؟؟
    ثم أليس على المبتدئ -في طريقته- أن يعرف كنْهَ الأنوية (المقاطع) المكونة لكل إيقاع، وقيمها العددية؟؟
    ثم أليس عليه أيضًا أن يعرفَ (أو يتذكر) الوحدات الإيقاعية (التفاعيل) المكونة لكل بحر، وقيمها العددية؟
    وأخيرًا أليس على المبتدئ -في طريقته- أن (يتذكر) أسماء البحور؟ إذ لا بدّ من ذلك لتمييز إيقاعٍ من آخر على الأقل.

    وفي أكثر من موضع، يؤكد أبو ديب على وجود فكرة مسبقة في أذهان العروضيين، مفادها أن الزحاف نقص!. ولم نجد أحدًا من العروضيين قال ذلك، مالم يكن الزحاف ذاته قبيحاً أو غير مقبول. بل لقد أشار العروضيون إلى أن "الزحافَ جائزٌ كالأصل" بل "ربّما كان الزحاف في الذوق أطيب من الأصل"( ). أي ربما كان الزحافُ "زيادةً لا نقصًا" كما يحب أبو ديب أن يقول( ).

  3. #13
    الصورة الرمزية د.عمر خَلّوف العروضي
    تاريخ التسجيل : Feb 2006
    المشاركات : 566
    المواضيع : 79
    الردود : 566
    المعدل اليومي : 0.09

    افتراضي

    ومن تناقضات أبي ديب العديدة قوله: إن الأخفش قد رفض بحرين من بحور الخليل (المضارع والمقتضب) على أساس منهجية أصيلة في الدراسة، ذلك أنهما لم يُستعملا بنسبةٍ تسمح بتقبلهما من قبل العرب أنفسهم. ولكنه -وبعد سطرين فقط- يقرر أن الأخفش قد اكتشفَ -بحيويةٍ فكريةٍ كذلك- تشكُّلاً إيقاعيًّا لم يتنبّه إليه الخليل! هو المتدارك. فأين منهجية الأخفش الأصيلة، والتي رفضت بحرين ضئيلي الاستخدام، ثم قبلت -بحيوية فكرية!- بحرًا لم توجد عليه أية شواهد حقيقية؟

    ومن الناحية التعليمية؛ فإن من المهم للمتعلم أن يعرف ما يحدث داخل البيت من تحوّلات. ولذلك فإن القول بوجود النموذج ثم البدائل الإيقاعية للوحدة يُعين على مثل هذه المعرفة. وأما أن يعرفَ المتعلمُ أن البيتَ منسجمٌ فقط بسبب تناظر القيم الإيقاعية للوحدات فيه فإننا لم نقدم له شيئًا ذا بال، خاصة وأن بعض الوحدات متّحدة القيم الرياضية حتى في البحر الواحد مثل (مستفعلن وفاعلاتن) في المجتث والمديد. ولو كانت معرفة الانسجام من عدمه كافيةً، كان الاعتماد على الحس المرهف كافيًا إلى حدٍّ ما.

    ومع إيمانه شبه الأكيد بأن اتحاد الدور الإيقاعي لوحدتين إيقاعيتين مشروطٌ بتوحّد القيمة العددية لهما من جهة، وتناظر موقعَيْ النواة (علن //ه) فيهما من جهة أخرى، وتأسيسه نظريته على ذلك، فإنه لا يلبث أن يهدمَ شرطه الثاني، ليقبل ما لم يقبله أحدٌ قبلَه من قصائدَ مختلّة الإيقاع (كقصيدة عبيد بن الأبرص المشهورة)، وبعض أنماط الشعر الأحادي (الحر). والأغرب من ذلك أن يعد مثل هذه الأنماط "تستجيب للأسس الإيقاعية عند العرب" لأنها -فقط- "تنبع من الحدوث التتابعي للنوى الإيقاعية الجزرية ذاتها" كما يقول. ولعلّ أيّ حدوثٍ تتابعي لهذه النوى الثلاث، سوفَ يعتبر -فيما بعد- مستجيبًا للأسس الإيقاعية ذاتها!!

  4. #14
    الصورة الرمزية د.عمر خَلّوف العروضي
    تاريخ التسجيل : Feb 2006
    المشاركات : 566
    المواضيع : 79
    الردود : 566
    المعدل اليومي : 0.09

    افتراضي

    إنّ أشدّ ما ينتقده أبو ديب على محمد طارق الكاتب، تأكيده على أهمية التساوي في عدد المتحركات بين التفعيلتين، دون تنبيهه على موقع النواة فيهما، مما يجعل (فاعلاتن /ه//ه/ه) تساوي (مستفعلن /ه/ه//ه و مفاعيلن //ه/ه/ه)، "وهذا مناقضٌ لروح الإيقاع في الشعر العربي" كما يقول أبو ديب( ).

    ومع ذلك؛ ينقض أبو ديب في آخر الدراسة كلَّ ما تبنّاه، فهدم الأساسَ الذي بنى عليه بحثه الشائق، فأعطى الشاعرَ الحريّة المطلقةَ "لأَنْ يُبدعَ إيقاعَه الذاتي".
    والغريب أنه يشترط عليه استخدامَ النواتين (1 و 2) أو (2 ، 3)، لأنّ "أيّ حدوثٍ للنواتين هو شكلٌ من أشكال الإيقاع العربي" كما يقول.

  5. #15
    الصورة الرمزية د.عمر خَلّوف العروضي
    تاريخ التسجيل : Feb 2006
    المشاركات : 566
    المواضيع : 79
    الردود : 566
    المعدل اليومي : 0.09

    افتراضي

    ويُلاحظ أنّ في ذهن أبي ديب دائمًا إعطاء (الشعر الأحادي) مبررًا لوجوده.
    ففي تحليله لأبيات من مجمهرة عبيد بن الأبرص، والتي أجمعَ النقاد على ما فيها من خلل إيقاعي، فإنه يعتبرها "أول قصيدة من الشعر الحرّ في الشعر العربي"!! لأنها "تستغلّ الإمكانيات الإيقاعية الممكنة في التشكل 4/4 و 3/4" إذْ "لا يهمّ كثيرًا أن نسمّي البحر، الأهمّ أن نرى هذه القدرة العجيبة على خلق إيقاع مرهف، تتشابك فيه عناصر إيقاعية أساسية، ذات قيم مختلفة بعض الشيء، لكنها تسهم في إغناء البنية الإيقاعية". "وما فعله أدونيس وصلاح عبد الصبور ... فعله عبيد ببراعة فائقة وتنويعٍ مدهش" (كذا)!!

    ولا ريبَ أن قصيدة عبيد بن الأبرص من (الشعر التناظري)، وتستجيب معظم شطورها -مفردةً- لإيقاع الشعر العربي، إلاّ أنّ ما فيها من خلل يعود إلى استعمال أكثر من بحر واحد، وإلى وجود بعض الأبيات المختلة أصلاً.
    ويدل على ما فيها من تنافر؛ ما استشهد به أبو ديب نفسه من أبيات:

     فشطرٌ يساوي 4 4 4 (وهو من الرجز).
     وآخر يساوي 4 3 4 (وهو من مجزوء البسيط).
     وغيره يساوي 4 3 3 (وهو من المخلع)
     وغيره يساوي 4 4 2 (وهو مختل)

  6. #16
    الصورة الرمزية د.عمر خَلّوف العروضي
    تاريخ التسجيل : Feb 2006
    المشاركات : 566
    المواضيع : 79
    الردود : 566
    المعدل اليومي : 0.09

    افتراضي

    ولكي يؤكد أبو ديب أن نظامه الجديد قادر على الإحاطة بكل تشكّل جديد، عمَدَ إلى نموذجٍ مكسور للدوبيت، فقطّعه إلى وحداتٍ، كانت قيَمُها في الشطر الأول هي: (5 3 4) وفي الثاني (5 4 4).
    ومع أن قيم الوحدات هذه تشير إلى ذلك الكسر -كما هو واضح- فإن الكاتب لم يعلّق عليه بأكثر من اعتباره تشكّلاً جديدًا لا يمكن أن يُعاد إلى أي بحرٍ خليلي.
    ولا ندري كيف قبل ورود (3) مكان (4)، مع أنهما في الحشو.
    والدوبيت شعرٌ تناظري لا يقبل مثل هذا الكسر. كما أنه قد يرد على أشكال مختلفة جدًا عما مثّل به الكاتب.
    فهل يعني بقبوله قبولَ أي تشكّل ما دامَ تتابعًا عشوائيًّا للأسباب والأوتاد؟!

    والشعرَ العربي لم يقبل إيقاعًا مثل (مستفعلن مفاعيلن) على قربه الشديد من الرجز.

    إن النموذج الأول الذي أورده الكاتب لأدونيس، يستجيب حقًّا للأسس الإيقاعية للشعر العربي، على الرغم من استخدامه تفعيلتي (فعولن و فاعلن) في الضرب. ذلك أن النموذج يعتمد على إيقاعي الرجز والسريع معًا، وليس على السريع فقط.
    أي أن أدونيس لم يخرج فيه على الأسس الإيقاعية للشعر العربي، لكنه فقط حاول العزفَ على إيقاعين متقاربين.
    ومثل هذا التنويع يقبله الشعر الحر، لأنه (شعرٌ حر) لايلتزم بعدد واحدٍ للتفاعيل، ولا يلتزم بقافية واحدة.
    بينما لا يقبل الشعر التناظري ذلك، لأنه (شعرٌ تناظري) موحّد التفاعيل والقوافي ..
    ويستطيع العروض الخليلي -طبعًا- أن يصفَ بسهولة مثل هذا النموذج وغيره، كما استطاع نظام أبي ديب أن يصفه.

  7. #17
    الصورة الرمزية د.عمر خَلّوف العروضي
    تاريخ التسجيل : Feb 2006
    المشاركات : 566
    المواضيع : 79
    الردود : 566
    المعدل اليومي : 0.09

    افتراضي

    هكذا.. وبعد قوله إن نظامه المقترح "لايُحاول أن يرسم ما يجب أن يكون عليه إيقاع الشعر، وإنما يحاول أن يصف ما هو عليه .."، ينتهي إلى وصف هذا النظام بأنه "تطلُّعٌ إلى ما سيكون، بقدر ما هو وصفٌ لما هو كائن"!!، وأنه "طريقة في اكتشاف الطاقات الإيقاعية"!! وأنه "تجاوزٌ للحدود"!! وبالتالي فإن الشاعر "يمتلك حريةً مطلقةً لأن يبدعَ إيقاعه الذاتي"!!، "بتشكيل التتابعات التي ترضيه"!!، "وأنه ليس هناك حدود لما يمكن أن يتركب من تتابعات وعلاقات لا كميّاً ولا كيفيّاً "!!، وأن أي تغيّر في علاقات هذه النوى يصبح إيقاعًا جديدًا متميزًا!!!.

    وهكذا يعود أبو ديب، فيحاول إضفاء الشرعية على كل ما جاء على لسان شعراء اليوم، والذي لا يعدو أن يكون تتابعًا للأنوية الجذرية في الشعر العربي، بغض النظر عن كيفية هذا التتابع، أو كميته، بل إنه بذلك يضفي الشرعية على ما يسمّى "قصيدة النثر". بل لعلّ النثر ذاته ينطبق على هذه المقولة.

    لاحظ معي المكونات الإيقاعية لهذا القولٌ النثري لأبي ديب ذاته:

    الشـاعرُ هـكذا يمتلكُ حريّةً مطلقةً لأنْ يُبدعَ إيقاعه الذاتي
    /ه/ه ///ه //ه /ه ////ه /ه //ه /ه ///ه //ه /ه///ه /ه //ه /ه /ه


    أليس ذلك شعرٌ؟* أو شكلٌ من أشكال الإيقاع الشعري العربي؟*
    بلى .. ولكن على طريقة أبي ديب وليس على طريقة الخليل!.

صفحة 2 من 2 الأولىالأولى 12

المواضيع المتشابهه

  1. دِرَاسَاتٌ عَروضِيَّةٌ رَائِدَة
    بواسطة د.عمر خَلّوف في المنتدى العرُوضُ وَالقَافِيَةُ
    مشاركات: 2
    آخر مشاركة: 17-09-2013, 12:57 AM
  2. دِرَاسَاتٌ عَروضِيَّةٌ رَائِدَة- ابن القطاع
    بواسطة د.عمر خَلّوف في المنتدى العرُوضُ وَالقَافِيَةُ
    مشاركات: 5
    آخر مشاركة: 10-09-2013, 06:40 PM
  3. دِرَاسَاتٌ عَروضِيَّةٌ رَائِدَة- الزمخشري
    بواسطة د.عمر خَلّوف في المنتدى العرُوضُ وَالقَافِيَةُ
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 07-09-2013, 10:43 PM
  4. دِرَاسَاتٌ عَروضِيَّةٌ رَائِدَة-الجوهري
    بواسطة د.عمر خَلّوف في المنتدى العرُوضُ وَالقَافِيَةُ
    مشاركات: 1
    آخر مشاركة: 02-09-2013, 07:06 AM
  5. دِرَاسَاتٌ عَروضِيَّةٌ رَائِدَة-الخليل
    بواسطة د.عمر خَلّوف في المنتدى العرُوضُ وَالقَافِيَةُ
    مشاركات: 5
    آخر مشاركة: 31-08-2013, 11:16 PM