أحدث المشاركات
صفحة 1 من 3 123 الأخيرةالأخيرة
النتائج 1 إلى 10 من 26

الموضوع: موعد

  1. #1
    الصورة الرمزية هشام النجار أديب
    تاريخ التسجيل : May 2013
    المشاركات : 959
    المواضيع : 359
    الردود : 959
    المعدل اليومي : 0.24

    افتراضي موعد

    كان وجهُها ينطق بالأمل ويدُها تعانق يدَه بشدة ، وعندما تشابكتْ اليدان فوق المنضدة البيضاء المستديرة تباطأت ارتعاشتهما ، كان كأنه يُمنيها بموعد ما ، وقد عقدا الاتفاق وحلفا اليمين بابتسامة راضية وبلغة العيون .
    لم يحفلا بأحد ولم يلتفتا الى نظرات الأطباء والعاملين بمركز علاج ورعاية المسنين ، وماذا لو علق أحدهم بسخرية ، أو تطاول آخر بجرأة جارحة على هذه المراهقة التى تأخرت كثيراً جداً .
    كانا صامتيْن تعاندُ ابتسامتهما الحالمة كَرْمَشة تجاعيدها ، وتصنعُ مع لون شعره الأبيض الفضى لوحة فنية مجهولة العنوان والنسب والمصير .
    فلا أسئلة كثيرة عن كيف ينتميان الى بعضهما وما الذى جذبَ أحدهما للآخر بدون تاريخ ولا ماض ولا جذور ؟
    ولا كيف يلتقيان مرضاً على مرض ووهناً على وهن وشيخوخة على شيخوخة ، وما الجدوى وما الهدف والى أين المسير ؟
    كان هناك اللقاء وتوطدتْ العلاقة الصامتة ، وتشابكت الأيدى وضحكت العيون .
    حضرَ ابنه وكان فى نهاية العقد الرابع بلحية أنيقة ووجه مُرهق وضمير مُنهك من التفكير .
    تنتظره زوجته فى السيارة فى شموخ وتأفف ، وقد طلبَ الابنُ من أحد العاملين مساعدته فى نقل أبيه المستغرق فى نومه الى السيارة ، وعندما ناوله بقشيشاً نهَرته زوجته باستعلاء ، مُذكرة اياه بالمبلغ الذى يدفعانه شهرياً للمركز .
    قالَ بصوت خافت وتأدب أنه أرادَ له النزهة وقليلاً من الترفيه بعيداً عن مناخ المركز ، عندما تساءلت الزوجة مُبدية امتعاضها عن جدوى اصطحابه ما دامَ مُستغرقاً فى نومه ، وهى تشير فى خبث الى شقيقة زوجها التى لا تزور أباها ولا تصطحبه فى نزهات .
    تمنى عليها أن تخفض صوتها حتى يهنأ الوالدُ بالراحة قبل موعد الغذاء .
    على طاولة السفرة أجْلسَ أباه فى مكانه القديم فى الواجهة ، وجلسَ هو الى جوار زوجته فى مقابلة شقيقته وزوجها .
    وضعَ طبقاً أمامَ أبيه .
    سألته زوجته عن السبب ما دامَ نائماً لا يستيقظ ؟
    قالَ ربما استيقظ ليجدَ طبقه أمامه .
    أعادتْ الزوجة عامدة ما قالته فى السيارة حول تقاعس الشقيقة وزوجها ، وعدم قيامهما بواجب زيارة الوالد واصطحابه فى نزهة .
    أنهى الابنُ العراك بصرخة مكتومة بعدَ أن تلقى طلباً بترك البيت المُتنازع عليه وتأنيباً على سوء خلق زوجته ، وفوطتين من فوط السفرة على وجهه .
    نهضَ بصعوبة وحملَ والدَه المستغرق فى نومه بمفرده الى السيارة .
    فى المركز وضعَ والده بمساعدة أحد العاملين على كرسى نقال .
    وفى منتصف الصالة بجوار مائدة بيضاء مستديرة ، التقى بشاب يدفع والدته النائمة وعلى وجهها ابتسامة هادئة .
    تركاهما بجوار بعضهما نائمين تماماً وقد ارتختْ يداهما .. وابتسامتهما الغامضة .
    قالَ له .. لقد ظلتْ نائمة طوالَ النزهة .
    افترقا وشرعَا فى الانطلاق بسيارتهما .
    توقفا وعادا معاً فجأة وركضا مذعورين الى داخل المركز بعد استدعاء طوارئ .

  2. #2
    الصورة الرمزية محمد الشرادي أديب
    تاريخ التسجيل : Nov 2012
    الدولة : المغرب
    المشاركات : 721
    المواضيع : 35
    الردود : 721
    المعدل اليومي : 0.17

    افتراضي

    أهلا اخي هشام
    جمعتهما عزلة دور المسنين،و الأبناء الجاحدين الذي باتوا يسلمون في آبائهم إرضاء لزوجاتهم...جمعهم المصير المشترك و المحنة المشتركة، و مناجاتهما ما هي إلا تنفيس عن النفس من عذر الزمان و الأولاد. ارتبطا في مأساتهما و كان ارتباطهما أبديا.
    تحياتي

  3. #3
    الصورة الرمزية سامية الحربي أديبة
    غصن الحربي

    تاريخ التسجيل : Sep 2011
    المشاركات : 1,578
    المواضيع : 60
    الردود : 1578
    المعدل اليومي : 0.34

    افتراضي

    أن استيقض يومًا بعد عمر طويل وكدح مرير لأجد نفسي وحيد قد انفض عني الزوج والولد شعور مخيف كيف وقد وصلت لأوهن العمر ولاح أفوله .هذان الراحلين وجدا في تشابه محطتهما موعدٌ للوداع بعد أن تناسى الأبناء قيمة أيام الوداع الأخير. قصة طرقت جحود الأبناء بعزف مختلف. تقديري الكبير.

  4. #4

  5. #5
    الصورة الرمزية آمال المصري عضو الإدارة العليا
    أمينة سر الإدارة
    أديبة

    تاريخ التسجيل : Jul 2008
    الدولة : Egypt
    المشاركات : 23,786
    المواضيع : 391
    الردود : 23786
    المعدل اليومي : 4.14

    افتراضي

    جحود الأبناء وقسوة قلوبهم من صنعت هذا اللقاء الذي لايعترف بتاريخ ولا ماضٍ ولا جذور للبحث عن احتواء ربما درجة احتياج الآباء له في تلك الفترة من العمر تفوق ماسبق بتفاوت كبير لم يدركوا معناها إلا بعد فوات الأوان حيث لاينفع الندم
    مرض على مرض ووهن على وهن وشيخوخة على شيخوخة ... وابتسامة غامضة رسمت مصائر آباء كثيرة صنعها الأبناء ندعوا الله أن لا ينالنا عقوقهم رحمة بهم قبلنا
    مؤثرة أبكتني أديبنا الفاضل بسرد جميل ولغة انطاع لها ألق البيان وخاتمة زادت من روعة النص
    بوركت واليراع
    تحاياي
    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي

  6. #6

  7. #7
    الصورة الرمزية عبد السلام هلالي أديب
    تاريخ التسجيل : Sep 2012
    الدولة : المغرب
    العمر : 42
    المشاركات : 983
    المواضيع : 44
    الردود : 983
    المعدل اليومي : 0.23

    افتراضي

    جمعهما جحود الأبناء و المرض و المنفى المقنع ، ولم يفرقهما الموت .
    لغة أنيقة متينة لعبت على استدعاء عاطفة القارئ و أسلوب جميل في السرد.
    لكني شعرت - لست أدري لماذا - أن النص بدأ قويا ثم سرعان ما بدأ يتراخى و يحيد عن خطه ، مسألة اعتقاد " الأقارب" بنوم الإثنين طوال اليوم لا تبدو منطقية ، و لم تساهم في قوة الحبكة.
    تحيتي و تقديري أخي هشام.
    اللهم اهدنا إلى ماتحبه وترضاه

  8. #8
    الصورة الرمزية هشام النجار أديب
    تاريخ التسجيل : May 2013
    المشاركات : 959
    المواضيع : 359
    الردود : 959
    المعدل اليومي : 0.24

    افتراضي

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة آمال المصري مشاهدة المشاركة
    جحود الأبناء وقسوة قلوبهم من صنعت هذا اللقاء الذي لايعترف بتاريخ ولا ماضٍ ولا جذور للبحث عن احتواء ربما درجة احتياج الآباء له في تلك الفترة من العمر تفوق ماسبق بتفاوت كبير لم يدركوا معناها إلا بعد فوات الأوان حيث لاينفع الندم
    مرض على مرض ووهن على وهن وشيخوخة على شيخوخة ... وابتسامة غامضة رسمت مصائر آباء كثيرة صنعها الأبناء ندعوا الله أن لا ينالنا عقوقهم رحمة بهم قبلنا
    مؤثرة أبكتني أديبنا الفاضل بسرد جميل ولغة انطاع لها ألق البيان وخاتمة زادت من روعة النص
    بوركت واليراع
    تحاياي
    باقة شكر وامتنان لأستاذتنا المبدعة الكبيرة آمال المصرى .. أسأل الله أن يستجيب لدعائها ؛ فاللهم لا تكتب لنا ولأبنائنا هذا المصير أو ما يشابهه .
    تحياتى وتقديرى

  9. #9
    الصورة الرمزية خلود محمد جمعة أديبة
    تاريخ التسجيل : Sep 2013
    المشاركات : 7,724
    المواضيع : 79
    الردود : 7724
    المعدل اليومي : 2.00

    افتراضي

    الحب لايعترف بالسنين ما دام القلب ينبض
    الأرواح يجمعها سر لا يعلمه الا من يملكون مفاتيح القلب
    يكفي ارواحهم فرحا انها تلاصقت الى الأبد
    سرد جميل وقصة قاسية رقيقة
    دمت
    مودتي وتقديري

  10. #10
    الصورة الرمزية هشام النجار أديب
    تاريخ التسجيل : May 2013
    المشاركات : 959
    المواضيع : 359
    الردود : 959
    المعدل اليومي : 0.24

    افتراضي

    أخى الأديب الكبير عبد السلام الهلالى .. عدتُ لقراءة النص بعد ملاحظتك الدقيقة عليه ، ويبدو أنه بسبب الصراع والمنازعة بين رغبتى فى التكثيف وعدم المط وانهاء النص سريعاً بحبكة مدهشة وقوية ، وبين رغبة أخرى فى ضرورة سرد الخلفيات الدالة على اهمال الابناء ومنازعاتهم الفارغة على متاع الدنيا وعراكهم على الميراث والوالد معهم على سفرة الطعام يظنونه حى وهو ميت .
    تقبل سيدى بالغ امتنانى وتقديرى .

صفحة 1 من 3 123 الأخيرةالأخيرة

المواضيع المتشابهه

  1. ماذا تفعل/تفعلين " عندما يحين موعد زواجك" تجدة /تجدينه (معاق)
    بواسطة حسنية تدركيت في المنتدى النَادِى التَّرْبَوِي الاجْتِمَاعِي
    مشاركات: 11
    آخر مشاركة: 11-02-2006, 03:42 PM
  2. موعد حب في شارع الحزن
    بواسطة حنين عمر في المنتدى فِي مِحْرَابِ الشِّعْرِ
    مشاركات: 13
    آخر مشاركة: 10-01-2006, 12:18 AM
  3. موعد احتفال
    بواسطة بنت بجيلة في المنتدى النَّثْرُ الأَدَبِيُّ
    مشاركات: 7
    آخر مشاركة: 03-01-2006, 05:17 PM