أحدث المشاركات
النتائج 1 إلى 2 من 2

الموضوع: تعاطفا مع أبو تريكة

  1. #1
    الصورة الرمزية هشام النجار أديب
    تاريخ التسجيل : May 2013
    المشاركات : 959
    المواضيع : 359
    الردود : 959
    المعدل اليومي : 0.24

    افتراضي تعاطفا مع أبو تريكة

    هو صاحب القميص رقم 22، لاعب الأهلي والمنتخب الوطني.. إنه الرياضي الأكثر شعبية وشهرة وجماهيرية في تاريخ الكرة المصرية والعربية بلا منازع.. انه ذلك (الإنسان) الذي دخل بعفويته وبساطته وتلقائيته قلوب الملايين..

    إننا نستطيع الآن بكل اطمئنان – متقمصين شخصية حسن شحاتة – أن نضم أبو تريكة إلى (منتخب الدعاة إلى الله).. فالرجل يفعل كل شيء في مجال الدعوة، لم يترك مهارة من مهاراتها إلا ومارسها.. لم يترك فرصة إلا واقتنصها ليحرز هدفا لصالحها في مرمى خصومها.. لم يترك مناسبة إلا وصدع بحق أو أمر بمعروف أو نهى عن منكر..

    بل استطاع أبو تريكة بإمكانياته وشهرته وجاذبيته وجماهيريته العريضة أن ينجز في هذا المجال ما لم يستطعه بعض الدعاة.. أعنى من هم على شاكلتي من أصحاب الإمكانيات المحدودة والجماهير المعدودة والحضور المتواضع.. ولا أعنى الدعاة المتعارف عليهم أصحاب العلم والفقه في الدين وأرباب الفصاحة والبلاغة وملوك البيان.. وإليكم فقط – سادتي الكرام – هذا الاعتراف الصغير من العبد الفقير، وهو السر الذي جعلني أغبط أبو تريكة وأدعو له دائما بالتفوق والتقدم والارتقاء والسداد والتوفيق والبركة.. إنني كثيرا ما كنت أصعد على المنبر في الجمع وأخاطب رواد المسجد: أن يا قوم.. أيها الناس.. بعبارات منمقة وجمل مزوقة وترتيب مقنع في العناصر والأفكار والنتائج والآثار، أحشد الأدلة وأعرض الشواهد وأسرد الحجج والبراهين.. أخلص من المعطيات إلى الاستنتاجات.. أغوص في بحر التاريخ وأخرج بلآلئه.. أدلف جنة السيرة وأقطف ثمارها.. أستشهد بالآيات والأحاديث والآثار والأشعار.. أحاول الوصول إلى عقل مستمعي.. أتلمس الطريق إلى قلبه.. راغبا في توصيل رسالتي وإقناعه بفكرتي، والنتيجة النهائية وحاصل ضرب هذا المجهود الدعوى واللغوي والبلاغي استحسان وتقريظ ودعوات خجولة وأمنيات معسولة وطلب المزيد.. وأنا بدوري أزيد وأعيد، والرواد يستحسنون ويدعون الله لي.. حتى جاءني الخبر، وهو أن أحد المساجد التي كنت أخطب بها وهو مسجد كبير تابع لجمعية أهلية.. حدث به ما لم أكن أتخيله وأتوقعه في يوم من الأيام.. يتلخص ما حدث في صدام بين (القائمين) على المسجد ومنهم أطباء ومهندسون ووجهاء حول أحقية هذا في منصب كذا.. والآخر في كذا وهذا يخون (أمين الصندوق).. وذلك يفسق (الوكيل).. وذاك يتهم (رئيس الجمعية).. والجميع يتنافس بشراسة واستماتة على حساب تجريح الآخرين وانتقاصهم من أجل منصب أو مكانة.. قلت: سبحان الله، هذا هو حال النخبة فكيف حال عامة الناس.. وتساءلت في استنكار ودهشة: فأين إذن معاني التجرد والصدق؟.. أين الإيثار والإخوة؟ أين معاني الإسلام وآدابه وقيمه وأخلاقه التي كانوا يستزيدون منها.. أين.. أين؟؟..

    وتوقفت منذئذ عن الخطابة، ليس بسبب ما حدث ولكن بسبب ما أصاب (مريئى) من التهابات حادة نتيجة الارتجاع المعدي المزمن الذي يلازمني منذ زمن بعيد...

    أنا لا استهين بدعوتي ولا أحتقر – حاشا لله – ما حققته وما قدمته، ولكنى فقط منبهر بما فعله أبو تريكة وما أنجزه ببساطته المدهشة وتلقائيته المبدعة وعفويته الجميلة الرائعة.. لقد أوصل هذا (الداعية الكبير) رسالته وفكرته ومنهجه للملايين – وليس مجرد مئات أو عشرات - لقد حشد وراءه أعدادا هائلة من البشر بعد أن آمنوا بقضيته وتفاعلوا وتعاطفوا معها..

    لقد استطاع بذكائه وذوقه العالي وحسه المرهف وأدبه الجم وأخلاقه العالية.. أن يؤثر في كل عشاق لعبه وأدائه في الملعب، وأن يذكرهم في غمرة اللعب بالله جل في علاه.. لقد أقنع محبيه من الشباب والصبية الصغار بأن القدوة لا تصح إلا برسول الله.. استطاع أبو تريكة الداعية أن يترجم عمليا وبأسلوب مبتكر بسيط خال من البديع والجناس والبيان والتشبيه والسجع.. ما اجتهدت أنا سنين طوال في تحقيقه والوصول إليه.. فقد جسد الرجل بإبداع منقطع النظير معاني التواضع والترفع عن الدنايا والأحقاد والضغائن وبر الوالدين وصلة الفقراء والحنو على المرضى والإحساس بمعاناة الجوعي.. استطاع أن يشرح بعامية معبرة خالية من التكلف معاني الولاء والبراء والغيرة والنصرة والاهتمام والتفاعل مع قضايا الأمة..

    نعم أبو تريكة أحد (الدعاة إلى الله)، فالإسلام ليس دينا كهنوتيا ولا يوجد به ما يعرف ب (رجال الدين).. فرجل الدين عندنا قد يكون رجلا ً عادياً لكنه يهتم بأمر هذا الدين.. قد يكون فلاحا أو عاملا في مصنع.. أو مهندسا أو طبيبا أو صاحب شركة أو مدير مؤسسة.. أو كاتبا أو روائيا أو إعلاميا أو فنانا أو رياضيا.. ولكنه يوظف عمله في خدمة دينه ونصرة قضايا أمته..

    نعم أبو تريكة أحد الدعاة إلى الله، فالدعوة ليست وظيفة حكومية نبدؤها وننهيها بالتوقيع في دفتر الحضور والانصراف..

    الدعوة ليست حكرا على جماعة من الجماعات أو مؤسسة من المؤسسات أو هيئة من الهيئات، بل ما يميزها عن غيرها أنها عمل كل مسلم ومسئوليته وأنها في أعناقنا جميعا أمانة سنسأل عن أدائها يوم القيامة.

    نعم أبو تريكة أحد الدعاة إلي الله، ولا أجد توصيفا لحالته وحالتي أبلغ مما قاله الشيخ الغزالي في كتابه " في موكب الدعوة " حيث قال: " .. إن القذيفة قد تنطلق كاملة العناصر، تامة القوة، ولكنها تقع بعيدة عن مرماها فتذهب هدرا، وما أكثر الخطباء الذين يرسلون من أفواههم حكما بالغة، تنطلق هنا وهناك كما ينطلق الرصاص الطائش، لا يصيب هدفا ولا يدرك غرضا"..

    وأعود فأقول: إنه القبول.. إنه القبول.. وهو هبة ومنحة وعطاء إلهي يتمتع به من البشر عدد محدود، فكم فينا من يحمل لقب (داعية).. كم فينا من يتصدر المجالس والمنابر والندوات والمؤتمرات ولكن (الفتح محدود) ولكن (الفتح محدود).

    أما ما فعله أبو تريكة مع قضية الحصار والمحاصرين على بعد كيلومترات منا وعلى مرمى أبصارنا في غزة الصامدة، فليس له إلا تفسير واحد.. إنه لا يرضى ولا يقبل على نفسه أن يكون مجرد لاعب كرة يمتع الملايين بمهاراته وتمريراته ولمحاته ولمساته وأهدافه، إن (أبو تريكة الداعية إلى الله) المهموم بقضايا أمته، المشغول بمعاناة إخوانه تحت حصار الظلم والقهر والتجويع.. أراد أيضا أن يدخل الفرحة والبهجة قلوب إخوانه المحاصرين وأن يرسم البسمة على شفاههم وأن يشعرهم بأنهم ليسوا وحدهم في مواجهة اليهود ولكن معهم أكثر من مليار ونصف مسلم..

    أراد أبو تريكة، وكان له أكثر مما أراد فقد انطلقت (القذيفة) كاملة العناصر، تامة القوة، مخترقة مرماها، مصيبة هدفها، محققة الغرض منها..

    أراد أبو تريكة، وكان له أكثر مما أراد.. فقد تذمر اليهود وانزعج الأمريكان، وانبرت أقلام الحقد والغيظ تعترض وتستنكر وتستكثر على الغزاويين أن يكون لهم (بطل) يهتم بقضيتهم ويشعر بمعاناتهم ويتعاطف ويتضامن معهم، حتى لو كان بطلا لا تتجاوز انجازاته ومهاراته وقدراته مساحة (المستطيل الأخضر)..

    أراد أبو تريكة وكان له بفضل الله وبإخلاصه وصدقه أكثر مما أراد.. فأهل غزة احتفلوا به أعظم احتفال.. رفعوا صورته وهتفوا باسمه.. إنهم يرون فيه صورة ذلك (البطل) المخلص والفارس الجريء والقائد الشجاع الذي ينتظرون مجيئه ليخلصهم من طغيان اليهود وإجرامهم وعنصريتهم وقسوتهم واحتلالهم البغيض.. لقد أيقظ في قلوبهم الأمل، وفتح بيده طاقة نور في جدار الظلمة الداكن العالي العتيد.. لقد أيقظ الملايين من المشغولين بالكرة والمهتمين بلاعبيها ومدربيها ومحترفيها وحول اهتمامهم إلى معاناة إخوانهم وذكرهم بالأطفال والنساء المرضى.. والجوعى تحت الحصار.

    استطاع أبو تريكة (الداعية) النابه في ذروة اللعب والانشغال بالكرة والمنافسة على كأس البطولة.. أن يذكرنا بالقضية التي تستحق الاهتمام والبذل والتضحية..

    إنني أرى أن من أروع انجازات أبو تريكة (الداعية) أنه أدخل (الجد) في (اللعب).. وهذا انجاز عظيم، لأن جمهور (اللعب) في أمتنا كبير.. كبير...

    لقد عاودت الإصابة أبو تريكة بعد البطولة الإفريقية، وقام بإجراء عملية جراحية في ركبته بألمانيا وعاد إلى أرض الوطن بسلامة الله يوم الاثنين 2/3/ 2008.. وأنا بدوري أهنئه على نجاح العملية وعلى العودة وأقول له: سلامتك يا (بطل) وسلامة (ركبتك).. وأهلا بك من جديد في أرض الملعب.. في (ميدان دعوتك)...

    ولا أجد ما أهديه له أجمل من قصيدة عم (أحمد فؤاد نجم) الشاعر المصري الفطري التلقائي المبدع، الذي أستمتع بشعره وإن كنت أختلف معه في أفكاره وأطروحاته وتوجهاته وأحياناً بعض تجاوزاته فى الحوار وبعض ألفاظه ، غفر الله لنا وله وهداه إلى طريق الحق.. يقول عم أحمد:-

    رجعوا التلامذة

    رجعوا التلامذة

    رجعوا التلامذة يا عم حمزة ( للجد ) تانى

    يا (مصر) أنتى اللي باقية

    وأنتى قطف الأماني

    لا ( كورة ) نفعت

    ولا ( أونطة )

    ولا المناقشة وجدل بيزنطة

    ولا الصحافة و ( الصحفجية )

    شغالين شبابنا

    عن ( القضية )

    قيموا لنا ( صهبة ) يا ( صهبجية )

    ودوقونا طعم ( الأغاني )

    رجعوا التلامذة للجد تانى

    طلعوا التلامذة ( ورد الجناين )

    اسمع يا ( ميلص ) وشوف وعاين

    ( ملعون أبوك ابن كلب خاين )

    يا صوت ( أميركا ) يا ( أمريكاني )

    رجعوا ( التلامذة ) يا عم حمزة للجد تانى

    يا مصر انتى اللي باقية

    وانتى قطف ( الأماني )

  2. #2

المواضيع المتشابهه

  1. مَوْعُدٌ مَعَ السَّحابْ
    بواسطة عبدالملك الخديدي في المنتدى فِي مِحْرَابِ الشِّعْرِ
    مشاركات: 32
    آخر مشاركة: 28-10-2014, 10:27 AM
  2. معَ ابْنِ تيْميةَ في سجن القلعة..
    بواسطة د. مصطفى عراقي في المنتدى فِي مِحْرَابِ الشِّعْرِ
    مشاركات: 60
    آخر مشاركة: 12-12-2013, 01:23 PM
  3. وحدي معَ رب الكون
    بواسطة ريمة الخاني في المنتدى النَّثْرُ الأَدَبِيُّ
    مشاركات: 8
    آخر مشاركة: 25-07-2008, 04:40 PM
  4. تقرير حول أُمسية أشبال ملتقى رابطة الواحة الثقافية معَ التسجيل
    بواسطة نزار الكعبي النجفي في المنتدى أَدَبُ الطِّفْلِ (لأطفالنا نحكي)
    مشاركات: 18
    آخر مشاركة: 19-03-2006, 09:40 AM