طوارق الحدثان
طوارق الحدثان
مرثية الشيخ العلامة القاضي سعود بن سليمان الكندي
سيــف المنـــــون يهـــــد كــل كيــان
ويغير بتــــرا والحيــــــــــاة ثـــــوان
والدهر يجــــري مســـرعا متعجـــلا
كالطــــرف في الأحــداق والأجفـــان
والكــــل في سهـــــــو وفي أهوائهــم
يتهافتــــون إلى حطــــــــــــــام فــان
فالأذن صــــم والقلــــــوب مريضــة
والعيـــــن تعمى والنفـــــــوس تــوان
قد غرها أمـــــل البقـــــا في قالـــــب
بنعيمه يـــــردي إلى الخســــــــــران
تلهو مــــع التيــــــار في غفلاتهـــــا
لم تعتبــــر بطــــــــوارق الحدثـــــان
يتنافســـون على عمــــــارة زائـــــل
بزخارف نقشا على الجــــــــــــدران
ما زخرفوا بالصالحات قبــــــــورهم
ما بادروا نسجــــــا على الأكفـــــــان
والسيـــف في أعناقهـــــــــم مترقـب
لا يرعـــوي بالشيـــــــب والشبـــــان
هو للبرايـــا للنفـــــــوس مصـــــارع
بتــــار بين الحلــــــــــق والأذقــــــان
فإلى متــى صــــــم وبكــــم والعمــى
وإلى متى لهـــو مــــــــع الأزمـــــان
وإلى متى ننسى المنــــــون وريبــــه
وإلى متى في ساحــــــة الإدمـــــــان
أو ما ترى أن الذيـــــــن تقدمــــــوا
رحلوا فما أخذوا ســـــوى الإحســان
أين الملــــــــوك وأين هم أنصارهـم
كانوا على الأتخــــــات بالتيجــــــان
تحت التــــــــــراب غنيهم وفقيرهــم
غاصــوا إلى الأعمـــــــاق والقيعـان
يا أيها المغرور كم قـد غصـــت في
ذنب وكم أسرفـــــت في العصيـــان
شمــر وبارد فالحيـــــــاة قصيـــــرة
في برهـــــة تمضي إلى الهجــــران
فاكـــف على تقوى الالــــه ملازمـا
تنجـــو من الخســـران والنيـــــران
يا مـــوت من أبقيـــت من أخيارنــا
نرقـــــــى بهم هديا مـــع القـــــرآن
هم من أناروا الفكر من أنوارهــــم
هم شيــــــدوا الأمجــــاد بالأركــان
سلكوا سبيل المصطفى في نهجهــم
في سنـــــة مـن نــــــوره الربانـــي
يتسابقــــــــون إلى نعيـــــم خالـــــد
وحياتهــــــم للـــه بالإحســـــــــــان
بالعلم جادوا في الورى من نورهـم
طمعا لمرضــــــاة من الرحمــــــن
شدوا المآزر في جهــاد نفوسهـــــم
قد حلقوا بالعــــزم في الأكـــــــوان
كسعود الشيــخ الجليــــــل مفســــر
للذكـــر والأحكــــــام والأديـــــــان
متحـــــدر من ســـــــــادة وأماجـــد
سيط لهـــم في الأرض بالإيمـــــان
قد كان تقــوى اللـه خيــر شعـــاره
والذكــر والتسبيــــح كـــــــل أوان
فتراه في محرابــــــه متعبـــــــــدا
أو في قضــاء أو رياض جنـــــان
إن شب في قوم صــراع ضـــارم
هو سيف إصـــــلاح سطـا في آن
أسعود يا شيخا تــوارى راحــــلا
تبكيك أحبـــــار مــن الأحـــــزان
بكت القلوب على فراقــك حرقـة
ودموعها كالعـــارض الهتـــــان
ينبوع هدي في البرايا مشــــرق
كالشمس حين تضيئ كل مكــان
فلقد حوى درر العلـــــوم تمكنـا
والفيض يمطــر منه كالأغيــان
بحـــر يمــوج بعلمــه وبفضلــه
تطفو عليه غـــوارب الطوفـــان
سلك القضا عسر بغير بصيــرة
ولأنت أهــــل فارس الميـــــدان
قد كنت بالقسطاس عدلا عــادلا
لتبيد أهــــل الظلــم والطغيــــان
من للقضا بالعدل يحكم منصفـا
حتى يقيـــــم العــدل كالميــزان
من للعدالــة أين هــم أربابهــــا
أفلوا وهم كانوا على القـــــرآن
من للديانة من يقــــود رجالهــا
بالحق صولا في ربى الأوطان
من للرياض ومن سيفني نفسه
للعلــــــــم للتعليــــم بالتبيـــان
كم قد رتعنا في رياضك عزة
متحلقيـــــن بعالــــم متفانـــي
سقيا إلهي باللطائــــف روحه
سيلا من الإحسان والرضوان
خلد إلهي في النعيـــم مقامــه
واغمره بالرحمات والغفران
أسكنه ياللــه قــــرب محمــد
في جنة الفردوس خير جنان
يا رب إني من رحيل مشائخ
في أدمع حرى كأحمـــر قان
رباه فاسلكني سبيل هداهــــم
واقذف بقلبي نورك الربانــي
يا رب توجني بنـــور هدايـة
والنفس طهرها من الأدران
وتولني يا رب آمن روعتي
وامنن بروح منك والريحان
وأقل عثاري فالذنوب كثيرة
زحزح مقامي من لظى النيران
ربي سألتك والدموع غزيرة
متضـــرعا ربـــاه يا منانـي
ووقفت أطرق باب عفوك راجيا
أملا بصفح منك من عصياني
فاقبل إلهي في رحابك سائلا
واعطف علية برحمة وحنان
إن لم تكن أنت الذي أدعوه فالس
سراء والضـــــراء كــــل آوان
فمن الذي يا رب يسمع دعوتي
ومن الذي من دونكم يرعاني
وصلاة ربي والسلام لأحمـد
هادي البرية صفوة الرحمن
والآل والأصحاب ما بزغ الضيا
والتابعيـن لهم مـــدى الأزمـــان
البحر الكامل
يعقوب بن أحمد العبادي
نزوى
رد مع اقتباس
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة نافع مرعي بوظو
