اسلوب الكتابه هو معان مرتبه في الفاظ منسقة او هو كيفية التعبير لتصوير ما في نفس المتكلم من معاني بالعبارات اللغوية، فالصورة اللفظية وان كانت هي الظاهرة في الاسلوب، ولكنها لا يمكن ان تحيا مستقلة عن المعاني وانما يرجع الفضل في نظامها اللغوى الظاهر الى نظام اخر من المعاني انتظم و تألف في نفس الكاتب او المتكلم فكان بذلك اسلوبا معينا ثم تكون التالف اللفظي على مثاله وصار ثوبه الذى لبسه، ويتطلب الاسلوب من الكاتب او المتكلم ان يكون فاهما لما يريد اداءه فهما دقيقا جليا ثم يحرص على ادائه كما هو ولذلك اثره البعيد في قيمة الاسلوب . وبعد ذلك يأتي التعبير اللغوى الذى يتطلب من المنشيء ثروة لغوية وقدرة على التصرف في التراكيب والعبارات والكيفية التي يريد اداء الافكار بها . كما يتطلب الاسلوب من المتكلم ان يكون هو نفسه متأثرا منفعلا قد ادرك الحقائق وحرص على اذاعتها . فيجب ان يوقظ عقله ومشاعره واخيلته لتدرك المعاني بقوة، ثم بعد ذلك تأتي قوة التعبير باختيار الالفاظ التي تؤدى المعاني بما يتلاءم مع المعنى فالمعنى الرقيق يؤتي له باللفظ الرقيق والمعنى الفخم يؤتي له باللفظ الفخم وهكذا . وفوق ذلك فان الاسلوب يتطلب من الكاتب او المتكلم ان يدرك ما في المعاني من عمق واستنارة وما يتصل فيها من اسرارا جميلة ادراكا حادا رائعا ثم بعد ذلك يختار اصفى العبارات واليقها بهذا الخيال الجميل او المعنى البديع مبتعدا عن الالفاظ الخشنة والمتنافرة التي تؤذى الحس والذوق .
هذا هو الاسلوب وهذا ما يتطلبه، ومنه يتبيين ان المراد من الكتابة او التكلم انما هو اداء المعاني التي لدى الكاتب والمتكلم للقاريء والسامع ومن هنا كان الاصل في التعبير انما هو المعاني ثم تأتي بعد ذلك الالفاظ التي تؤدى هذه المعاني كما هي لدى الكاتب او المتكلم . فالمسألة اذن تنحصر في امرين، المعاني والالفاظ التي تؤدى بها هذه المعاني ومن هنا اختلفت عناية الكتاب والمتكلمين بالمعاني والالفاظ فمنهم من وجه عنايته الى المعاني اولا واخضع الالفاظ الى الدقة في ادائها ومنهم من وجه عنايته الى الالفاظ اولا وتساهل في دقة اداء المعاني في سبيل الالفاظ لذلك انقسم الاسلوب في الكتابه والتكلم الى قسمين اثنين احدهما فكرى والاخر ادبي ولكل منهما نسيج خاص يخالف الاخر . اما الاسلوب الفكرى فان الكاتب المتكلم يختار الافكار التي يريد اداءها لجدتها او قيمتها او ملاءمتها لمقتضى الحال، ثم يرتب هذه الافكار ترتيبيا معقولا لا ليكون ذلك ادعى الى فهمها وحسن ارتباطها في ذهن القارىء واخيرا يعبر عنها بالالفاظ اللائقة بها . والاسلوب الفكرى فيه الانفعال طبيعي اساسي صادر من نفس صادقة والمعارف العقلية هي الاساس الاول في بنائه ولا يظهر فيه اى اثر لصنعه الانفعال، وعنايته انما هي باستقصاء الافكار، وهو لغة العقل والغرض منه اداء الحقائق قصد التعليم وخدمه المعرفة وانارة العقول . وتمتاز عبارته بالدقة والتحديد والاستقصاء .
والاصل فيه هو قيامه على العقل ونشر الحقائق الفكرية والمعارف التي يحتاج الوصول اليها الى جهد وتعميق، وهو في جملته يتكون من عنصرين اساسيين احدهما الافكار والثاني العبارات والاسلوب الادبي نجد الكاتب او المتكلم فيه لا يقف عند حد الحقائق والمعارف ولا يجعل قصده تغذية العقل بالافكار وانما يقرب هذه الحقائق ويختار اهمها وابرزها الذى يستطيع ان يجد فيه مظهرا لجمال ظاهر او خفي او معرضا لعظة واعتبار او داعيا لتفكير او تاثير ثم يفسر ما اختاره تفسيرا خاصا به بما يخلع عليه من نفسه المتعجبة او المتعظة او الراضية او الساخطة ثم يحاول نقل هذا الانفعال او اثارة مثله الى نفوس القراء والسامعين ليكونوا متعجبين او مغتبطين او ساخطين . والاسلوب الادبي فيه صنعه الانفعال والعناية باظهار هذا الانفعال في المعاني والالفاظ التي يؤدى بها افكاره والاهتمام فيه منصب على قوة الانفعال وهو لغة العاطفة والمشاعر، والغاية فيه هي اثارة القراء والسامعين وذلك بعرض الحقائق رائعة جميلة كما يتصورها الكاتب او كما يجب ان يتصورها السامعون والقراء . ويقصد فيه ان تتصف عبارته بالتفخيم والتعميم والوقوف عند مواطن الجمال والتأثير . ويتميز بقوة العاطفة التي تؤثر في عباراته تأثيرا واضحا يبدو في الكلمات والصور والتراكيب .
وهو في جملته يتكون من ثلاث عناصر احدها الافكار والثاني الصور التي يؤلفها والثالث العبارات التي يصوغ بها الافكار والصور . اما قوة الاسلوب ووضوحه وجماله فهي تكون بالاسلوب الفكرى كما تكون في الاسلوب الادبي ولا تختص باسلوب معين فهي صفة للاسلوب من حيث هو سواء اكان ادبيا ام فكريا . ومن هنا نجد ان كثيرا من الاساليب الادبية الفكرية بلغ فيها وضوح الاسلوب وجماله وقوته، ما جعلها تفوق كثيرا الاساليب الادبية تأثيرا .
والاسلوب الفكرى يتحتم في تعليم الناس الافكار وتفهيمهم اياها وايجاد التصديق بها لديهم ولا يؤدى ذلك الا بالاسلوب الفكرى وهو ايضا يفيد باثارة المشاعر للعمل بالافكار التي فهمها ولكن اثارته بطيئة وتحتاج الى وجود ادراك للفكر حتى تثور المشاعر، الا ان المشاعر التي توجد في هذه الاسلوب مشاعر دائمية لا تخبو الا اذا فقد التصديق بالفكر الذى اثارها . بخلاف الاسلوب الادبي ولا تختص باسلوب معين فهي صفة للاسلوب من حيث هو سواء اكان ادبيا ام فكريا . ومن هنا نجد ان كثيرا من الاساليب الادبية الفكرية بلغ فيها وضوح الاسلوب وجماله وقوته، ما جعلها تفوق كثيرا الاساليب الادبية تاثيرا .
والاسلوب الفكرى يتحتم في تعليم الناس الافكار وتفهيمهم اياها وايجاد التصديق بها لديهم ولا يؤدى ذلك الا بالاسلوب الفكرى وهو ايضا يفيد باثارة المشاعر للعمل بالافكار التي فهمها ولكن اثارته بطيئة وتحتاج الى وجود ادراك للفكر حتى تثور المشاعر، الا ان المشاعر التي توجد في هذا الاسلوب مشاعر دائمة لا تخبو الا اذ فقد التصديق بالفكر الذى اثارها . بخلاف الاسلوب الادبي فانه لا يفيد الا باثارة المشاعر وهو يتحتم لتحريض الناس على العمل وهو وان كان يعلم السامع والقارىء حقائق ولكنه يعلم الحقائق السطحية والمعارف التافهة ولا قدره له على اداء الافكار العميقة واذا حاول ان يؤديها فانه يبسطها وينعشها ويتصرف بها فيذهب عنها عمقها ومعانيها فتسحف ولذلك لا يمكن ان تؤدى افكار المبادىء والفلسفة والتشريع والعلوم التجريبية وما شاكلها الا بالاسلوب الفكرى ولا يمكن ان يؤدى الشعر والخطابة وما شابهها الا بالاسلوب الادبي .
فالاسلوب الفكرى يتحتم لاداء الفكر والاسلوب الادبي يتحتم لاثارة الناس وتحريضهم على العمل الذى يراد منهم . ومن هنا تجد الاسلوب الفكرى يفشو في الامة وهي في حال نهضتها وعنفوان سيرها التصاعدى والاسلوب الادبي يفشو في الامة وهي سطحية التفكير او في حال الترف ولذلك تجد العصر الذى بعث فيه سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم قد ضعف فيه الشعر وقل النثر الادبي وفشا الاسلوب الفكرى في الخطب والاحاديث وكان القران الكريم اروع مثل في الاسلوب الفكرى وكان اكثره من هذا الاسلوب وان كان قد حوى اروع ما في الاسلوب الادبي ولكنه يلتزم ما يلتزم في الاسلوب الفكرى من الدقة والتحديد .
والامة الاسلامية في هذا العصر قد دبت فيها احاسيس النهضة فهي في حاجة الى الاسلوب الفكرى لاداء الحقائق للناس وجعل مشاعرهم المثارة للعمل بها دائمية وان كنا لا نستغني عن الاسلوب الادبي في تحريض الناس على العمل ولكن بعد وضع الفكر الذى نريد منهم ان يعملوا به في اذهانهم وتركيز تصديقهم به .