إلى التي ملكت روحي وقلبي ورحلت بهما معها إلى عالم الخلد .. زوجتي رحمة الله عليها
أشواق .. وأطواق
أمسَى .. يَعُجُّ البَحرُ مِن عَبَراتِهِ
تَتَزَلزَلُ الشُّطآنُ مِن زَفَرَاتِهِ
وعلى ضَرِيحِ البَدرِ يَسكُبُ عِطرَهُ
مُتَعَوِّذاً بالشَّوقِ مِن حَسَرَاتِهِ
مُتَدَثِّرٌ بالليلِ .. يَنسِجُ صُبحَهُ
ثَوبَاً، ويَرفَعُ خَاشِعَاً صَلَوَاتِهِ
يَشرِي بِبَاقي العُمرِ وَعدَ لِقَائِها
لِيَعِيشَ في الفِردَوسِ صَفوَ حَيَاتِهِ
يَحتَارُ ما يُهدِي لِأَجلِ عُيُونِها
وجَوَاهِرُ الدُّنيَا أقَلُّ هِبَاتِهِ !!
ماذا سَيُهدي للّتي حُجُراتُها
ذَهَبٌ، سِوَى الأشواقِ في حَدَقاتِهِ
فَيَبِيتُ يَنظُمُ بالحُرُوفِ عُقُودَهَا
ويَصِيغُ تاجَ الخُلدِ مِن كَلِمَاتِهِ
تَتَنَاغَمُ الأوتارُ إنْ عَزَفَ المُنَى
سِفرَاً؛ يُتَرجِمُهُ شَجِيُّ لُغَاتِهِ
وكراهِبٍ في الدَّيرِ يَنثُرُ لَحنَهُ
مُتَلَذِّذاً بالبَوحِ في خُلُوَاتِهِ
يُصغِي لِهَمسِ الروحِ عِندَ فَنَائِهِ
فَيَرَى جِنَانَ الخُلدِ مِن شُرُفَاتِهِ
وعلى الضِّفَافِ يرى مَلِيكَةَ رُوحِهِ
تَرنُو إلَيهِ .. يَغَارُ مِن نَظَرَاتِهِ !!
وَيَكادُ أنْ يَطَأَ البِسَاطَ مُعَانِقَاً
لولا القُيُودُ تَحُدُّ مِن خُطُوَاتِهِ
فَيَفِيقُ والأحزانُ تَعصِرُ قلبَهُ
ويُطِيلُ عُمرُ الصَّبِّ مِن سَكَرَاتِهِ
رَبَّاهُ .. لا يَبكي الفؤادُ حَبِيبَةً
أكرمتَها؛ فَرِضَاكَ مِن رَغَبَاتِهِ
لكنَّهُ يَبكي لِغُربَةِ رُوحِهِ
في مَوطِنٍ كانتْ حَيَاةَ مَوَاتِهِ
يَبكي لِفَقدِ البّدرِ في غَسَقِ الدُّجَى
وعلى احتِجَابِ الشَّمسِ في ضَحَوَاتِهِ
يَبكي غِيَابَ الأنسِ بَعدَ رَحِيلِهَا
وعلى غُرُوبِ البِشرِ عن زَهَرَاتِهِ
يَبكي اشتِيَاقَاً للحياةِ بِقٌربِها
أَتَلُمُّ في الفِردَوسِ شَملَ شَتَاتِهِ ؟
فمتى سَيَرتَشِفُ الضَّيَاءَ لِيَرتَقِي
ويُحَرِّرُ الإنسَانَ مِن نَزَوَاتِهِ ؟
يا غُربَةَ الأرواحِ طالَ بِنَا السُّرى
فمتى سَيُلقَى الطينُ في فَلَوَاتِهِ ؟
يكفي المُسَافِرُ ما يُبَلِّغُهُ المُنَى
لِيَعِيشَ كالسُّعَدَاءِ بَعدَ وفَاتِهِ
فَعَلَامَ يَظلِمُ راحِلٌ بِشَقَائِهِ
سَيُغَادِرُ الدُّنيَا بِغَيرِ رُفَاتِهِ ؟!
ومتى يَرَى المَغرُورُ قُبحَ فِعَالِهِ
ويَلُوذُ بالإحسَانِ قَبلَ مَمَاتِهِ ؟!
ومتى أسِيرُ الوهمِ يُدرِكُ أنَّهُ
في غُربَةٍ؛ لِيَفِيقَ مِن غَفَلَاتِهِ ؟!
رَبَّاهُ إنَّ القلبَ يَطمَعُ بالرِّضَا
وَفِّقْهُ للإكثارِ مِن حَسَنَاتِهِ
رُحمَاكَ إنَّ الشَّوقَ أشعَلَ خَافِقِي
نَارَاً؛ ولا أقوَى على جَمَرَاتِهِ
رُحمَاكَ بالأحبابِ أنتَ وَلِيُّنَا
ووَلِيُّهُمْ .. يا واهِبَا رَحَمَاتِهِ
اكتُبْ على حَوضِ الحَبِيبِ لِقَاءَنا
واروِ الظَّمَا - يا رَبُّ - مِن بركاتِهِ
***
ياسين عبدالعزيز
28/11/2013م