|
معلقةٌ عيناكَ في عِذقِها البُرحي |
وسُكّرةٍ كم ذّوّبتْ دمعَكَ الملحي |
تطوفُ حواليها بلهفةِ صائمٍ |
ويأسِ مَعوزٍ من زكاةِ ذوي الشحِّ |
تواعدُني ليلاً ويُخلفُ صبحُها |
متى ترتوي من وصلِنا نجمةُ الصبحِ |
أيا نخلةً لمّا يزلْ ظِلُّ سعفِها |
يسعّرُ شوقي بالشرارةِ واللفحِ |
يغارُ الضحى من شمسِها وسمائها |
وتغبطُ أقمارُ السما لونَها القمحي |
مهاةٌ وإن بادَ الصِّبا، عربيةٌ |
تميسُ كطغراءٍ على غُرّةِ اللوحِ |
يُقيّدني قدٌّ تأوّدَ خاطرًا |
ويحتلُّ مرآتي ندى خدِّها السمحِ |
ودون كلامٍ تستثيرُ بغمزة |
كوامنَ في المُحتاطِ تطفو على السطحِ |
وما ينثني إلا بخُفّيْ حنينِه |
وعُريِ شغافٍ من ضمادٍ على الجرحِ |
لأنكِ وشمٌ لا يبارحُ جبهتي |
وإنْ منه ذاقتْ لوعةَ الكيِّ والبُرحِ |
وبوصلتي في المشرقينِ وقِبلتي |
ومرفأُ حلمِ العمرِ في آخرِ السبْحِ |
وها أنتِ في ليلِ المشرَّدِ نجمةٌ |
وريحُ صَبًا تسري مؤرّجَةَ الفَوحِ |
تهادتْ على كفِّ الرؤى نُصبَ أعيني |
وشفّرَ مِقراضُ الرقيبِ صدى بَوحي |
وكلُّ ضميرٍ غائبٍ فيكِ حاضرٌ |
وكلُّ حديثي عنكِ يُفهمُ باللمحِ |
يلومونني في حبِّها وصبابتي |
فمِن ناصحٍ يرجو إلى وقِحٍ يُلحي |
فهل سمعوا يومًا بتوبةِ عاشقٍ |
وهل أبصروا أني أصمُّ عن النصحِ؟! |
أنا مَن أضاعَ العمرَ في قاعِ غربةٍ |
وخَرَّ على الرمضاءِ مِن وارفِ الدوحِ |
على طرْفِها المكسورِ شرّعتُ خيمتي |
وفي قلبِها شادَ الغريبُ ذُرى صرحِ |
أريحا ويا لاسمٍ شَرِقتُ بنطقِه |
أُخبّئُهُ والدمعُ يأبى سوى فضحي |
ويا لبَأً روّى براعمَ صبوتي |
هرمتُ فحُطّي عن فتاكِ سِني الكدحِ |
أبيتُ على وعدٍ يهدهدُ مقلتي |
وأصحو على عهدٍ يُجَدَّدُ في جُنحي |
يؤمّلُني حلمٌ ينوءُ بشيبتي |
ولمّا يزلْ يحبو إليكِ على سفحِ |
بوجهِ الرياحِ العاوياتِ مجرَّدًا |
تؤزُّ إهابي في غدوٍّ وفي رَوحِ |
أُجابِهُ يأجوجًا ومأجوجَ مفرَدًا |
وكسّرتِ الأيامُ في زحفِها رمحي |
وتخذلُني رجلايَ دون سياجِها |
وألعقُ جرحًا مستجدًّا على جرحِ |
قريبٌ وسيّانِ القريبُ وضِدُّه |
إذا حالَ دونَ الوصلِ نهرٌ من القيحِ |
مغلَّقةُ الأبوابِ في وجهِ ثائرٍ |
فقد تُوِّجَ التجّارُ في قاعةِ الفتحِ |
أولئك مَن باعوا الجِمالَ برحلِها |
ومدّوا إلى الجزّارِ جُبنًا يدَ الصلحِ |
على أنها الأيامُ في الناسِ دُولةً |
فإنْ مسّني قرحٌ فما هزّني قرحي |
بقلبيَ بَوحٌ لم تُطقْهُ قصيدتي |
وأوجعُ شِعرٍ ما يعزُّ على الفِصحِ.... |