أحدث المشاركات
النتائج 1 إلى 2 من 2

الموضوع: والحرْب لسه في أول السِكة

  1. #1
    الصورة الرمزية هشام النجار أديب
    تاريخ التسجيل : May 2013
    المشاركات : 959
    المواضيع : 359
    الردود : 959
    المعدل اليومي : 0.24

    افتراضي والحرْب لسه في أول السِكة

    والحرْب لسه في أول السِكة للشاعر الكبير / زين العَابدين فُؤاد

    تقديم/ هشام النجار

    عندما طلَبَ منى أستاذي وشيخي الحَبيب "د/ ناجح إبراهيم" عَرْضَ بعض أشعار أكتوبر.. وراحَ يُعدد لي أسْماء الشعَراء وأسْماء القصائد.. بل راحَ ينشد الأبيات – فتعمدتُ الصَمْت - وكأنه قد أخذه الحَنين والوَجْد.. وقد اعتراني ما اعتراه من مشاعر الفخر وتزين صَوته بتاريخ العزة.. وحاجتنا للتواصل مع تفاصيل وملامح ووقائع وكلمات جيل أكتوبر المجيد.

    وافقتُ فضيلته وتمنيتُ لو أطالَ في قراءة الأبيات.. فهو يتلوها بروح المُفكر والمناضل.. وكان صوته في أذني صوت أجيال متشوقة للخلاص والتحرر والكرامة منذ يوليو 52.. مُروراً بالسبعينات والتسعينات إلى اليوم.. إلا أنني توقفتُ أثناء المُكالمة أمام منزل شاعر آخر ممن لم يذكرهم فضيلته.. وراودتني كلمات قصيدة أخرى عن معانيها وموسيقاها ووقعها ومناسبتها وملابسات إلقائها.

    قصيدة حفظتها ورددتها صَغيراً – ربما وأنا في المرحلة الإعدادية – وربما غابتْ عنى وقتها بعض معانيها ومَرامِيها.. إلا أنني كنتُ بالفعل مأخوذاً بالغموض الساكن فيها.. وأشعر بأن وراءَها سر.. وأن كاتبها يريد مَد حَبل النضال وزرْع أرض مصر كلها ببذور الثورة لتلهِبَ أقدام الظالمين والطغاة كما التهبت أقدام الصهاينة فوق رمال صحراء سيناء المتأججة بنيران الغضب.

    أنها قصيدة "الفلاحين" التي كتبها "الجندي" زين العابدين فؤاد بالسُنكى فوق الرمال على الجبهة أثناء مشاركته في حرب الكرامة والتحرير.. وبالتليفون من وحدة سلاح الإشارة أبلغها لأصدقائه.. فنشرتها صحيفة الجمهورية يوم 7 أكتوبر 1973م.

    هكذا فقصائد زين العابدين لا يكتبها عادة بالقلم على الورق إنما هي معاني تمشى على الأرض.. وحروف تأخذ شكل البشر.. وحناجر مزروعة بأصوات مدافع ودانات أكتوبر.. فوجئ بها الجميع تنبتُ في ميدان التحرير مُجدداً تقود الشعب الثائر وتسطر على صفحة النهار ملحمة انفجار أبناء وأحفاد جيل أكتوبر ضد الجوع وضد القهر وضد التتار.. لتتحقق نبوءة زين الدين فؤاد التي أغضبت بشدة السيدة جيهان السادات في دار الأوبرا يوم 8 أكتوبر 1973م !

    والشاعر هو من اليساريين القلائل في مصر الذين يُجبرونك على احترامهم وتوقيرهم.. وكثيراً ما أمزح مع الأصدقاء بهذه العبارة "هو شاعر يساري لكن شعره حلال"!

    وحلالُ الشعر وواجبه هو ما كان قذائف تصْهَرُ الظلم وترعبُ الطغاة وتحشد الثائرين.. وأنا بطبعي أحْترمُ كل من ترجم وأرخ لأنات وأوْجَاع المُهَمشين والمقهورين والمَنسيين.. وزينُ العابدين ضمن قائمة هؤلاء الشعراء والأدباء الذين تجدهم في الشارع وفي الحارات.. وتلتقط الكاميرا صورهم إلى جانب الضعفاء والبسطاء والفقراء.. وليس في القاعات المَخمَلية بصحبة الرؤساء والمُنعمين .

    تعرفتُ على صوت زين العابدين فؤاد الشعري الجَسُور من خلال حَنجرة الشيخ إمام الذهبية عندما غنى له هذه القصيدة التي معنا اليوم.. وعندما غنى له "اتجمعوا العشاق في سجن القلعة"!

    وسؤاله الاستنكاري الثوري في تلك القصيدة "مين اللي يقدر ساعة يحبس مصر"؟.. أن كيف ومتى ولماذا ؟.. تجدْ الإجابة الكاملة عليه في قصيدة "الفلاحين – ولسه الحرب في أول السكة".. عندما قال: "اتفجري يا مصر ضد الجوع والقهر ، ضد التتار.. واتسلحي بالحَرْب للحرية.. واتفتحي وردة بدم ونار".

    وهناك سبب آخر مهم يجعلني أحترم هذا الشاعرَ الكبير رغم اختلاف وجهات النظر واختلاف الفكر.. فالي جانب ثوريته الدائمة على الظلم والطغيان والتصاقه بالميادين وانتمائه للمقهورين.. فهو مُستنير راق في خصومته وليس صدامياً ولا هُجومياً.. باحثاً عمن يشبهه من كافة الانتماءات ويشترك معه في ملامح النضال من أجل التحرر.. لذلك لا نستغرب تلك الصداقة المتينة بينه وبين المستشار طارق البشرى.. والتي لم تنقطع منذ الستينات إلى اليوم.

    إذا كتب زين العابدين فؤاد قصيدته – الفلاحين - وهو في قلب ميدان القتال.. ورَسَمَ ملامح مصر المُناضلة والمقاومة.. فالفلاح الذي يضرب بفأسه الأرضَ قد تراه مُرتدياً الأفرول الكاكي.. لا يفرق بين حرث الأرض وتطهيرها من الأوبئة والجراثيم والآفات الضارة لتشرق بالخضرة.. وبين حَرْثها بالألغام والبَارُود لتطهيرها مِن الصهاينة وكائنات الحقد والكراهية لتشرِقَ بالحياة.

    غنى قصيدته للفلاحين وأولاد الفلاحين معه في الميدان على الجبهة وأرسلها إلى جموع المصريين ليذكر من قد ينسى طبيعة مصر وطبيعة شعبها المقاوم الثائر.

    والمفارقة المدهشة أن زين العابدين عندما صرح له قائد كتيبته يوم 8 أكتوبر بالنزول ليشارك في أُمسية شعرية بدار الأوبرا.. شارك بأفروله الكاكي إلى جانب "صلاح عبد الصبور".. واستقبله الجمهور استقبال الفاتحين.. وعندما ألقى القصيدة اضطره الجمهور لتكرارها أكثر من عشر مرات على وقع التصفيق المتواصل والإعجاب الحار.

    إلا أنه كانت هناك في الصف الأول سيدة لم يعجبها الكلام وصرخت غاضبة "مفيش جوع في مصر" !! قبل أن تغادر القاعة مع زمْجرة مُهددة من السيد مرعي.. بعد أن طلب الشاعر الجندي في ختام قصيدته من مصر مواصلة الحرب والانفجار ضد الجوع وضد القهر وضد التتار – بالمعنى الرمزي الشعري - .

    وبعد انسحاب السيدة جيهان السادات وتهديد "مرعي" تم منع الشاعر الثائر زين العابدين فؤاد من نشر شعره طوال عهد الرئيس السادات.

    لكن الواقع والتاريخ يقول.. أنه لا الرئيس السادات ولا زوجته ولا غيرها ولا غيره استطاعوا الوقوف أمام الطوفان الهَادِر.. وتبين بالفعل للجميع أن حَرْبَ أكتوبر كانت مجرد بداية.. وأن "الحرب لسه في أول السكة" .. وأن أحفاد وأبناء الذين عبروا في 73م هم الذين عبروا في الميادين إلى الحرية والخلاص.. وكما تفجر مصر ضد الغزو والاحتلال والاستعمار.. تفجرت بالحرب ضد الجوع والفساد والإهانة والظلم.

    الشعب هو الذي بلغ الرسالة والشاعر هو الذي تحدث ويتحدث عنهم.. والذي يهمنا أن تصل الرسالة للمعنيين من ذوى النفوذ والسلطة.. وربما من الضروري أن يقرأ هؤلاء وغيرهم سر القصيدة ويفهموا إيحاءاتها.

    ربما لم يفهموها ولم يستوعبوها ولم يقبلوها ومصر تنتصر على إسرائيل في 73م والقيادة تعلن أنها آخر الحروب.. وعندما واصل المصريون النضال وقاموا بثورتهم وقدموا شهداءهم من أجل الحرية في 25 يناير.. تبين للجميع بالفعل أن الحرب في أكتوبر 73م "لسه في أول السكة".

    قصيدة "والحرب لسه فى أول السكة" للشاعر الكبير/ زين العابدين فؤاد:

    الفلاحين بيغيروا الكتان بالكاكي

    ويغيرو الكاكي بتوب الدم

    وبيزرعوك يا قطن ويا السناكي

    وبيزرعوك يا قمح زرعة علم

    وبيدخلوكي يا حرب فحم الحريقة

    وبيزرعوكي يا مصر شمس الحقيقة

    وإنت ميدان الحرب سينا البداية

    إنت جنينة الصلب والنصر راية

    إنت البكا والغلب إنت الرحاية

    إنت البارود والحب والحرب جاية

    غنوا التلامذة الصبح للحرية

    الفلاحين ضموا غيطان القمح

    رفعوا الرايات بالفجر متندية

    رفعوا السنابل بنادق

    عبوا البنادق بارود

    الرملة قادت حرايق

    والنار في دم الجنود

    والحرب زي جناين الحرية

    مهرة ومالهاش حدود

    والحرب لسة في أول السكة

    إتفجري يا مصر

    إتفجري بالحرب ينفلق النهار

    إتفجري بالحرب ضد الجوع والقهر

    ضد التتار

    وإتسلحي بالحرب للحرية

    وإتفتحي وردة بدم ونار

    إتجمعي من ألف صرخة وضحكة

    والحرب لسة في أول السكة

  2. #2
    مشرفة عامة
    أديبة

    تاريخ التسجيل : Aug 2012
    المشاركات : 21,110
    المواضيع : 317
    الردود : 21110
    المعدل اليومي : 4.95

    افتراضي

    قصيدة رائعة لشاعر وطني ثائر محب لمصر ـ تنبأ بالثورة
    والوطن ملك لكل الشعراء الذين يكتبون باقلامهم, والذين يكتبون
    بأجسادهم في السعي النبيل.. ولأنه شاعر نسي حكمة الفلسفة التي
    درسها في جامعة القاهرة ونال فيها درجة الماجستير وأخلص للقصيدة،
    ربما لأنها تمثل الجنون الجميل. وأخلص للشعب لأنه يمثل قلب القصيدة.
    مواضيعك كلها رائعة وتلقي الضوء على من تفانوا في حب مصر في كل الميادين
    بارك الله فيك وجعل ما تكتب في ميزان حسناتك.
    تحياتي وتقديري.

المواضيع المتشابهه

  1. السّكة الزوراء
    بواسطة بشار عبد الهادي العاني في المنتدى فِي مِحْرَابِ الشِّعْرِ
    مشاركات: 23
    آخر مشاركة: 24-04-2016, 05:20 AM
  2. قرار السلم والحرب
    بواسطة أبو جاسم في المنتدى فِي مِحْرَابِ الشِّعْرِ
    مشاركات: 13
    آخر مشاركة: 30-08-2006, 12:04 AM
  3. شيفرة دافنشي والحرب على لبنان
    بواسطة فضل شبلول في المنتدى الاسْترَاحَةُ
    مشاركات: 2
    آخر مشاركة: 17-08-2006, 07:22 PM
  4. حماس بين خيارى التراجع والحرب الأهلية
    بواسطة سيد يوسف في المنتدى الحِوَارُ الإِسْلامِي
    مشاركات: 4
    آخر مشاركة: 08-06-2006, 04:38 PM
  5. الصحراء والحرب
    بواسطة علي حسين الموصلي في المنتدى النَّثْرُ الأَدَبِيُّ
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 27-02-2005, 09:52 AM