( الابتكارات العلمية ومجتمع المعرفة ) مقال بقلم : مـُراد مـُصْلِح نـَصـَّار

تـُسهم الابتكارات العلمية بشكل كبير في تقـدّم المجتمع تقـدّمًا ملحوظـًا في المجالات المعرفية المختلفة ، ومن أهم هذه الابتكارات والاختراعات : الحاسوب ، والطابعة ، والتلفاز ، والهاتف الجوّال ، وغير ذلك ، ولا شك أنَّ الابتكارات العلمية تـُسهم بشكل كبير في خدمة البحث العلميّ ، كما تـُسهم - كذلك – في الارتقاء بالدول ماديًا من خلال استغلال هذه الابتكارات الاستغلال الإبداعيّ الأمثل بين الفرد والمجتمع ، وفكرة الإبداع " تنبع من الذات المعنية ، أي من مجتمع قوميّ متحدد على وجه التخصيص ، ومن هنا فإن فكرة الإبداع ، أو تصوّر مفهوم الإبداع على وجه التحديد يقترن في أغلب الأحيان بالذاتية " . (1) ( الإبداع والمشروع الحضاري 157 )
وعلينا أن نرعى المجتهدين من الطلاب والمهتمين بالقضايا العلمية في مجال الابتكارات ؛ من خلال معرفة إرهاصات عملية الابتكار أثناء بدء ظهور الموهبة ، ولقد أسهم الاحتلال الفكريّ في السيطرة على اقتصادياتنا ؛ من خلال تصدير الابتكارات والاختراعات من الدول الضعيفة إلى الدول القوية عقليـًا واقتصاديًا ، ومما يُرثى له أن تـُهاجر الكفاءات إلى الدول الغربية ؛ لاهتمام هذه الدول بهذه الكفاءات اهتمامًا كبيرًا على عكس دولنا العربية التي تحتاج إلى مزيد من مُضاعفة الجهد عبر جسور الفكر المختلفة.
وتظهر على المبدعين بعض الإشارات التي تدل على عبقرية دفينة في أنفسهم تحتاج إلى المكتشفين لها ، ويجب على الدولة أن ترعى هؤلاء المبدعين رعاية كاملة ، وأن تنظر إلى براءات الاختراع المقدمة منهم ؛ أملاً في الإثراء المعرفيّ والاقتصاديّ لبلادنا العربية ؛ نتيجة لهذا الحس الإبداعيّ النابض بالأفكار الخاصة بمشكلاتنا وقضايانا .
ولعمليات الابتكار واجراءات الاختراع أصول وقواعد لا بد من السير عليها ، وتكون تلك الأصول من خلال الانطلاق من بدايات أسس الاختراع المعرفية المتمثلة في القراءة والبحث ، واستكمال الخـُطوات السابقة للعلماء ، وإعادة إنتاجها إنتاجًا تطويريًا ما دامت قد بـُنيت هذه الخُـطوات على المنهج العلميّ الصحيح .
وإن عملية الابتكار لا بدَّ أن تـُؤدي إلى سعادة البشرية ، لا إلى تعاستها ، وما كان من أمر القنبلة الذرية في هيروشيما لهو خير دليل على ذلك ؛ فما ذنب اليابان فيما كان من أمرها ؟!! ولماذا نستغل التطور العلميّ الاستغلال المذموم في تعاسة الشعوب ؟!! ألا نبتعد عمَّا يختص حرية الآخرين في دولهم ، ونتركهم يعيشون في حرية دائمة ؛ لا يتعدون على حقوق الآخرين ، ولا يتعدَّى أحد عليهم ؟!!
وعلى الإعلام أن يهتم اهتمامًا كبيرًا بالمبتكرين والمخترعين ، ويـُسهم بشكل كبير في رفعة شأنهم ، وحُسن تشجيعهم التشجيع المتميز ماديًا ومعنويًا ، ويكون ذلك من خلال الإذاعة والتلفاز والصحف والمجلات ، وغير ذلك ، وإن هناك واجبًا كبيرًا على مُعلميّ اللغة العربية يتمثل في طرح مجموعة من الموضوعات الإنشائية التي تهتم بالمخترعين والمبتكرين في حصة الإنشاء ، أو التعبير ؛ أملاً في أن يكون من حصيلة المتعلمين مبتكرٌ أو مخترعٌ ، يُسهم بشكل كبير في ارتقاء المجتمع.
وإن الحقائق لا تُنتج إلا من الأبحاث المعرفية الناتجة عن القراءة والاطلاع ، ويجب على طلاب كليات العلوم والحاسبات والهندسة أن يحاولوا بقدر الإمكان تطبيق المنهج العلميّ في البحث حين البدء في عمليات الاكتشاف والابتكار والاختراع الخاصة بهم ؛ ونتيجة للبحث اكتشف جاليليو " قانون تذبذب الأجسام ، وقانون الأجسام الساقطة ، ووضع أساس قانون القصور الذاتي ، واكتشف البقع الشمسية ، وقوانين المد والجزر ، واكتشف بعض التوابع غير المعروفة للقدماء ، واخترع التليسكوب والميكرسكوب ". (2) ( ثورة الفكر في عصر النهضة الأوروبية 273 )
والاتصال بالناحية البرمجية للعلوم من الأمور المحورية التي تـُوفر الجهد والوقت بشكل كبير من خلال مجموعة من البرامج الحاسوبية الحديثة التي تـُساعد المجتمع في مجموعة من النواحي المختلفة من زراعة ، وصناعة ، وتجارة ، وصحة ، وبحث علميٍّ جاد ، وغير ذلك.
وتـُسهم الابتكارات العلمية في تقدم البنية الاقتصادية للدولة – أية دولة – من خلال الارتقاء بالدولة ارتقاء كبيرًا في شتى حقول المعرفة ؛ رغبة في البناء والتطوير، لا في الهدم والتخريب.
وعلى المبتكرين والمخترعين أن يجدوا الحلول المتجددة التي تـُسهم في المحافظة على البيئة ؛ ويكون ذلك من خلال الاستغلال الأمثل للقمامة في خدمة المجتمع من خلال إعادة التصنيع .
وإن الاهتمام بتاريخ الابتكارات وتطور الاختراعات ، واستكمال الخـُطوات الناتجة من تجارب السابقين من الأهمية بمكان في مجتمعاتنا المعاصرة ، والحرص على الاهتمام المتضاعف بالابتكارات والاختراعات في العصر الحديث ، ومحاولة استغلال هذه الابتكارات وتلكم الاختراعات في خدمة المجتمع ككل أمر مهم للغاية في العصر الحديث ، وعلى القائمين على حقلي الابتكار والاختراع أن يُسهموا بشكل كبير في ظهور الابتكارات والاختراعات في الداخل والخارج ، ولا شك أن هذه الآلية تـُسهم في التقدم العلميّ ، وخدمة الآخرين ، وتعود على المجتمع بالعائد الماديّ المتميز.
وتستغل بعض الدول الأوروبية والأمريكية وغير هذه الدول بعض أفكار التراث العربيّ استغلالاً كبيرًا من خلال معرفة الابتكارات والاختراعات القديمة لدينا ، وتعمل على تطويرها ، ورفعة تنميتها في دولهم ثم تـُصدّر بعض هذه الأفكار- التي هي لنا في الأصل – إلينا مرة ثانية بطريقة جديدة ، والسؤال الآن لماذا لا نقوم نحن بالنظر إلى الاختراعات والابتكارات الغربية ، ونحاول تطويرها برؤى عربية ؛ أملاً في تطوير أنفسنا تطويرًا كبيرًا ، ورغبة في أن نكون مُنتجي معرفة ، لا مُستهلكي معرفة فحسب ؟!! " علينا أن ننفتح بكل قوتنا على التيارات العلمية والفكرية والأدبية والفلسفية ، والتي تزدهـر الآن في البلدان الأوروبية بصفة خاصة ". (3)
( الفلسفة العربية والطريق إلى المستقبل 9 والقطيعة المعرفية وسُلطة الجذور 20 )
وعلى عاتق المبتكرين والمخترعين أن يهتموا اهتمامًا كبيرًا بالكتب المترجمة في المجال العلميّ والتكنولوجيّ والهندسيّ والحاسوبيّ وغير ذلك من المجالات العلمية المهمة التي تـُسهم بشكل كبير في رقي المجتمعات ، وتجعلنا أكثر اتصالاً بالآخر ؛ التماسًا لفكره المتطور في حقول العلوم والتكنولوجيا والتقنيات الحديثة ؛ ما يجعلنا متجهين ناحية طرق التقـدّم المتعددة بخُطى ثابتة على طريق التحديث والتطوير في العلوم والفنون بشكل عام .
ومن المنهجية العلمية الصحيحة أن نستغل التطبيق المعرفيّ للابتكارات و الاختراعات في محاولة النهوض بالذات ، وعدم الاعتماد على الجانب النظريّ فقط ؛ إذ إن الجانب النظريّ وحده لا يُجدي من غير وجود التطبيق المعرفيّ .
ويـُسهم التطرف الفكريّ في الابتكارات والاختراعات في جلب الضرر على المجتمعات ، وقد أحسن الفريد نوبل عندما جعل جائزته لمن يخدم المجتمع في مجالات كثيرة من مجالات الحياة ؛ بما يعود على المجتمع بالنفع والتقدم والرقي في الكيمياء والفيزياء والآداب والسلام وغير ذلك ، وإن تطوير الفكر الابتكاريّ القائم على العلم والمعرفة ، واستغلال المناهج الحديثة في العلوم المختلفة ، وإجراء التجارب العلمية القائمة على المنهجية الصحيحة من الأمور المُهمَّة للغاية في العصر الحديث الذي نعيش فيه .
وتستغل الدول المتقدمة الاختراعات في مجال التعليم ، بما ينعكس على التعليم ، وبقية المجالات التي تنشأ عن التعليم المتميز من طب ، وهندسة ، وفلك ، وغير ذلك من ناحية عامة ، وعلينا أن نطبق المجال الابتكاريّ في الحقول التعليمية المختلفة من خلال حسن استغلال الوسائل الحديثة التي تـُساعد على الرقي ، والانطلاق إلى الأمام ، ويرتبط الحقل الابتكاريّ بالتقدم المعرفيّ للمجتمع ؛ فلا شك أنه يساعد طبقة كبيرة من التقنيين وغير التقنيين في إجراء الأعمال المختلفة بسرعة كبيرة ، وبكفاءة عالية ؛ مما يؤدي إلى التقـدّم المادي للدول والبلدان ، وتستغل الدول المتقدمة الابتكارات العلمية في التقنيات المعرفية الحديثة ؛ بما يعود بالنفع على المجتمع ككل ، والدول المتقدمة هي التي تستغل التقنيات الحديثة بجوار الموارد البشرية في تطوير منظومة المجتمع .
ومن الأهمية بمكان أن يُوجد المقوّمون الذين يقوّمون العمل العلميّ من خلال تفضيل ابتكارات على ابتكارات أخرى ، مع توضيح المزايا والعيوب ، ولن يكون ذلك إلا من خلال الخبرة العالية في العمل التقنيّ والتكنولوجيّ في مختلف دول العالم.
وعلى المهتمين بالعلوم والفنون أن يهتموا اهتمامًا كبيرًا بالثورة على التخلف والرجعية في عالمنا العربيّ ، ومحاولة التوجه بكل القوى المُمكنة تجاه العلم والمعرفة في كل دولة من الدول العربية ، والثورات العلمية هي " سلسلة الأحداث التطويرية غير التراكمية ، التي يُبدَّل فيها نموذج إرشادي قديم – كليـًّا أو جزئـيـًّا – بنموذج إرشادي جديد متعارض معه ". (4) ( بنية الثورات العلمية 143 )
وتـُعد الجامعة من أهم البؤر الأساسية في الاهتمام بالأنشطة الطلابية ، وخاصة في مجال العلوم والتكنولوجيا ؛ بما يعود على المجتمع كله بالنفع ، وللابتكار العلميّ أثره المتميز في المجال الجغرافيّ من خلال استخدام التكنولوجيا في تحديد الاتجاهات الأرضية ، ويكون ذلك من خلال محاولة اختراع البوصلات التي تـُـسهم بشكل كبير في تحديد الاتجاهات المختلفة لجهات الأرض ، وغير ذلك من الجهد المتميز من مبتكري الجغرافيا ، ولقد أسهم الحاسوب بطريقة كبيرة في التقدم المعرفيّ للعديد من المجتمعات ، وهو في الأصل ابتكار من أهم الابتكارات العالمية على مستوى التاريخ الإنسانيّ كله ، وقد تمسكت الدول المتقدمة به تمسكًا متميزًا في المجالات المختلفة ؛ لأنه عامل من أهم عوامل التقدم .
وإن معيار التقدم الحقيقيّ لأية حضارة من الحضارات قائم في المقام الأول على التقدم العلميّ والتكنولوجيّ لأصحاب هذه الحضارة ، مع العلم أن الحضارة المتميزة هي التي تهتم اهتمامًا كبيرًا بالابتكارات والاختراعات في ربوعها المعرفية المختلفة ، وقد حدث ذلك في المملكة المتحدة ( إنجلترا ) منذ أعوام بعيدة ؛ فـ " في سنة 1785 م ينجح جيمس وات Jams Watt صانع الأجهزة الرياضية الاسكتلنديّ ... في تطوير أول آلة بخارية محركة تعتمد على الطاقة المُولـَّـدة من إحراق الوقود ، ويتم استخدامها في تشغيل أحد مصانع القطن في نوتنجهام ، ولا تمر تسع سنوات حتى ينجح تريفيثيك Trevithick في بناء أول قاطرة ذاتية الحركة تستخدم آلة وات ". (5) ( الآلة والحاسوب وحضارة الإنسان 23 وأثر العلم في المجتمع 20 )
وعلى الدولة أن تهتم اهتمامًا كبيرًا بالمخترعين من الخريجين ، وأن ترفع من شأنهم ، وتزيد من قدراتهم الإنتاجية من خلال الاعتناء بهم والمحافظة عليهم ؛ لأنهم ثروة كبيرة من الثروات البشرية التي تستحق العناية والاهتمام ؛ ولا شك في ذلك فالدولة التي تهتم بمخترعيها ومبتكريها دولة متقدمة في الفكر ، وقد آن الأوان بالنسبة للدول العربية أن تـُدخِل الناحية التكنولوجية في مجالات العمل ونواحي الابتكار ومسالك الاختراع بشكل كبير ، وبتقنيات متميزة في الدراسات البينية المختلفة ؛ أملاً في تطوير المجالات المتباينة بما يعود على المجتمع بالأمن والأمان ، والسلامة والاستقرار في الناحية العلمية والاقتصادية وغير ذلك ، و" مصطلح الدراسات البينية من المصطلحات المتولدة حديثـًا جدًّا ؛ نتيجة الثورة المعرفية المعاصرة ، وما يرتبط بها من تثوير جذريٍّ لتكنولوجيا الاتصالات ، وتبادل المعلومات" . (6) ( آفاق العصر 46 – 47 )
وإن من أهم ما يميز الدراسات التربوية الحديثة الاهتمام الكبير بالناحية التكنولوجية في الاتصال بالحاسوب ، ودراسة الابتكارات العلمية ودورها في إثراء الفكر التربويّ في العصر الحديث بما يعود على المجتمع بالتقدم والرقي والازدهار في المجالات المختلفة ، ومن العوامل المساعدة على التقدم المعرفيّ أن يتم الاهتمام الكليّ بالعوامل المعرفية في إطار علمي النفس والاجتماع من خلال دراسة نفوس المخترعين ، وأحوال مجتمعاتهم ، و" يمكن تشخيص علاقتنا بالعلم " بالنفعية الساذجة " ، وهذه تخفي وراءها حقائق نفسية متعددة ، أهم ما فيها " ضيق الأفق " ، و" الانتهازية" ، و" التخلف " ، ومثل هذه الحال لايجوز السكوت عليها ، لا بسبب ما في جوهرها من قبح يشوّه وجه الأمة ، ولكن لما ينطوي عليه كذلك من ترسيخ لجذور الحجز في نفوس أبناء هذا الوطن عن الإسهام الجاد في نمو العلم في الحاضر والمستقبل ، رغم استمرار الحاجة إلى منجزات ". (7) ( نحن والمستقبل 230 )
ومن الأهمية بمكان أن نـَـذكر مجموعة من العلماء المخترعين ممن لهم إسهام متميز في الحضارة الفكرية العالمية بشكل كبير في المناهج الدراسية المختلفة ؛ لمعرفة مُنجزهم المعرفيّ الكبير في المجالات المتباينة من حياة العلوم والتكنولوجيا ؛ حتى يقتدي بهم صغار الباحثين من المبتكرين والمخترعين ، وإن من سمات العقل الرياضيّ أنه يعشق التفكير المستمر فيما حوله من أشياء ، والرياضيات من أهم المجالات العلمية في العصر الحديث غير أن الاهتمام بها في كثير من الدول النامية يحتاج إلى إعادة نظر.
وتـُساعد الابتكارات العلمية في تطوير المجال الزراعيّ تطويرًا كبيرًا ، من خلال حُسن الاهتمام بالتقنية الزراعية من آلات مختلفة تـُسهم بدورها في زيادة إنتاج المحصول ، وتوفير الجهد للعاملين ، وزيادة الكفاءة الإنتاجية بشكل عام بما يعود على الاقتصاد القوميّ بالفائدة.
وتتطور الابتكارات العلمية من زمن إلى زمن ، وعلينا أن نتواكب مع هذا التطور بشكل كبير ، ولا نرجع إلى الوراء ، بل ينبغي الانطلاق إلى الأمام دومًا في ظل التطور العلميّ الكبير.
وعلى الجانب السياسيّ عبء كبير في تبني أصحاب المواهب من المبتكرين والمبدعين ، وتوفير المناخ الصالح لهم ؛ لأجل الارتقاء الكليّ بالدولة من خلال جهد المبتكرين والمبدعين ، ومن الأهمية بمكان أن تدخل الابتكارات في النواحي الصناعية ؛ أملاً في ارتفاع الإنتاج المرتبط بالآلة ارتفاعًا كبيرًا ؛ حتى يكون التقدم والرقي ظاهرًا أمام العالم كله بما يعود بالاستثمارات المتميزة علينا كما يحدث مع دولة اليابان ، والنمور الاقتصادية الأسيوية .
و" تشغل فكرة الذكاء الاصطناعيّ أذهان الكثيرين من الكُـتـَّاب والمفكرين في العقود الأخيرة ، بحيث ظهر حولها عدد من الأفلام السينمائية ، بالإضافة إلى عدد كبير من روايات الخيال العلميّ ، وكذلك الدراسات العلمية الجادة مما جعل الكثيرين يتساءلون عما إذا كانت الكمبيوترات الفائقة الذكاء ( سوف ترث الأرض ) وتحل محل الإنسان في كل شيء؟ " (8)
( مستقبليات 39 ).
ولقد ساعدت الابتكارات العلمية في الآونة الأخيرة على الارتقاء بالخدمات الطبية ارتقاء كبيرًا في النواحي الجراحية المختلفة من علاج للعيون ، والحواس المختلفة ، وبقية أعضاء الجسد .
وعلينا الاهتمام الكبير بالأطفال ، وتصميم مجموعة من البرامج المتميزة في الناحية الإبداعية لهم ؛ أملاً في أن يخرج من هؤلاء الأطفال المبدعون والعباقرة الذين يمسكون راية التقدّم بعزم لا يعرف الخور ، أو التعب ، أو التراجع إلى الوراء ، وإن ما يجعلنا ملتحقين بركب العالم المتقدم المنحى التكنولوجيّ الابتكاريّ القائم على الإبداع بين دول العالم .
وإن التقدير بالنسبة لدول العالم قائم على الابتكار والاختراع والتقدّم العلميّ ونشر الأبحاث العلمية في دوريات فكرية عالمية مشهود لها بالكفاءة والتقـدّم ، و" استمرار العلاقة العضوية بين العلم والعمل هو أكبر ضمان ؛ لاطراد التقدم في شتى المجالات ". (9) ( تحديات الثقافة العربية 43 )
ومن سلبيات الفكر البشري الإجراميّ أن يتم الانتقام من العلماء والمبتكرين والمخترعين ؛ خوفـًا على المصالح الشخصية ، وقد حدث ذلك مع الدكتور مصطفى مشرفة والدكتورة سميرة موسى والكثير من علماء العالم .
وعلى القائمين على العلم والمعرفة توفير الحماية الكاملة للعلماء في شتى بقاع الأرض ، والاهتمام الشامل بالنواحي الفكرية لهم من خلال صندوق كبير مُفعـّـل ؛ يهتم ببراءات الاختراع ، ويتم تنفيذ ما في هذه البراءات على حسب الأولوية من البراءة المتميزة إلى البراءة الأقل تميزًا مع مراعاة الظروف المادية للبلاد ، ولن تكون النهضة بالوطن إلا من خلال العمل الدائب المتطور ؛ حيث " إن من علامات هذا العصر المميزة أنه عصر العلم المقترن بالعمل ". (10) ( تجديد الفكر العربي 179 )
وينبغي الاهتمام من جميع القوى الوطنية بالإضافة إلى الحكومات العربية على وجه الخصوص بالاختراعات والابتكارات بشكل كبير؛ أملاً في رفعة البلاد ونموها .
ولقد تقـدّمت الناحية الكتابية تقـدّمًا كبيرًا منذ اختراع المطبعة ، مما ساعد بشكل كبير على إثراء العمل الثقافيّ بطريقة ملحوظة ، و" تصبح طباعة أي لغة سهلة إذا كانت كلماتها سـُتطبع على هيئة حروف منفصلة ؛ وذلك لأن الحرف هو اللبنة الأساسية في الطباعة ، وقد قبل الأوربيون أن تـُطبع لغاتهم بحروف منفصلة ؛ مما سهّل تطويع تلك اللغات للطباعة ، ولكن العرب لم يقبلوا ذلك ؛ لأسباب عديدة أهمها الحفاظ على الطريقة التي كـُـتـِبَ بها القرآن مما دعا المصممين لحل هذه المشكلة بإضافة زوائد اتصال للحروف العربية ؛ حتى تبدو الكلمات متصلة عند صف حروفها بجوار بعضها البعض ". (11) ( الكمبيوتر والطباعة العربية 149 )
وعلى المجتمع المدني أن تتضافر قواه بالتعاون البنـَّاء من خلال الاستغلال الأمثل للنواحي المعرفية المتباينة للابتكارات ؛ من أجل رفعة قدر المجتمع بين المجتمعات المختلفة ... ، وللمدرسة دور كبير في تشجيع الطلاب على الاهتمام بالعلوم من خلال القراءة المستمرة في العلوم الحديثة بوجه خاص ، وعلى المعلمين دور كبيرفي ذلك بالإضافة إلى المؤسسات الدينية.
وعلينا أن نخطط تخطيطـًا متميزًا للأعوام القادمة من خلال وضع الخـُطط الإبداعية لخريطة الإرادة المعرفية التكنولوجية ، ومحاولة تطبيق هذه الخريطة في أعوام قادمة مع دخول سياسة تشجيع الابتكارات والاختراعات العلمية ؛ سعيًا ناحية التقدم والرقي من خلال أسس المنهج العلمي الصحيحة في تبني الأفكار والرؤى ، و" إن ازدياد أهمية الدراسات المستقبلية ، أو علم المستقبل Futurolog يعبر في الواقع عن سيادة الأسلوب العلميّ في ميادين جديدة ؛ إذ إن الدراسات المستقبلبة تتركز أساسًا على الأوضاع المتوقعة للحياة البشرية في الميادين الاقتصادية والاجتماعية والسياسية ". (12) ( الصحوة الإسلامية في ميزان العقل 64 )
ولا تأتي الابتكارات العلمية والاختراعات المختلفة من فراغ ؛ بل من خلال حسن الاستغلال البشري فيما يُفيد المجتمع ، ولن يكون الفكر الابتكاريّ مثمرًا إلا من خلال المُطالعة المستمرة على العلوم والثقافات المعرفية المختلفة .
وإن عبقرية المكان ترتبط ارتباطـًا كبيرًا بالاهتمام المعرفيّ الكائن بهذا المكان سواء أكان هذا المكان مؤسسة أم دولة أم غير ذلك ، وإن المنهج العلميّ الصحيح إذا ما تمّ استغلاله الاستغلال الأمثل ينتج عنه التطورالمستمر شرط أن يكون هذا المنهج مُنطلقـًا من الأسس العلمية الصحيحة.
وإن الاهتمام بالمواهب من الأمور المهمة للغاية بالنسبة للدول المتقدمة ، والسير نحو تطوير هذه المواهب من الأمور المعرفية المتميزة لدى العقلاء من الإداريين باختلاف اتجاهاتهم الفكرية .
ويُعد الاهتمام بنشأة الأفكار الخاصة بالعلماء السابقين والمعاصرين من أهم الأمور التي لا بد أن تكون في عقلية المبتكرين والمخترعين على اختلاف جنسياتهم ؛ أملاً في مُراجعة التطوير إذا لم يكن على وتيرة علمية ناجحة ، وإن الاتصال المستمر بهندسة المعرفة باختلافها بين دول العالم من أهم الأمور التي تـُميز مخترعين عن آخرين في حلقات البحث العلميّ ، أو التجريب العمليّ .
وقد آن الأوان لوزارات البحث العلميّ في عالمنا العربيّ أن تهتم الاهتمام الأكبر بثقافة الابتكار، وفكر الاختراع ؛ أملاً في الوصول إلى المكانة المتميزة بين الدول المختلفة ، ولن يكون ذلك إلا من خلال الاستغلال المتميز للأبحاث العلمية ، وبراءات الاختراعات الموجودة في عالمنا العربيّ ؛ كما فعلت الدول المُتقـدّمة من ذي قبل في طريق تطورها عبر الأيام والأعوام .
- مراجع المقال.
- آفاق العصر للدكتور جابر عصفور ، هـ . ع .ك ، القاهرة 1997 م.
- الآلة والحاسوب وحضارة الإنسان للدكتور السيد نصر الدين ، ضمن كتاب حضارة الحاسوب والإنترنت ، تقديم الدكتور سليمان العسكري ،ع( 40) ،كتاب العربي ،الكويت ،أبريل 2000 م.
- الإبداع والمشروع الحضاري للدكتور أنور عبد الملك ، ع ( 491 ) ، كتاب الهلال ، القاهرة 1991 م.
- أثر العلم في المجتمع لبرتراندرسل ، ترجمة الدكتور تمام حسان ، دار نهضة مصر ، القاهرة 2010م.
- بنية الثورات العلمية لتوماس كون ، ترجمة الأستاذ شوقي جلال ، دار العين للنشر ، القاهرة 2003 م.
- تجديد الفكر العربي للدكتور زكي نجيب محمود ، دار الشروق ، القاهرة 2004 م.
- تحديات الثقافة العربية رؤية مستقبلية للدكتور نبيل راغب ، هـ .ع.ك ، القاهرة 1998 م.
- ثورة الفكر في عصر النهضة الأوروبية للدكتور لويس عوض ،هــ . ع . ك ، القاهرة 2009 م.
- الصحوة الإسلامية في ميزان العقل للدكتور فؤاد زكريا ، دار الفكر المعاصر ، القاهرة 1987 م.
- الفلسفة العربية والطريق إلى المستقبل رؤية عقلية نقدية للدكتور عاطف العراقي ، ط2 ، دار الرشيد ، القاهرة 1999 م.
- القطيعة المعرفية وسلطة الجذور للدكتور عيد بلبع ، ط1 ، مكتبة بلنسية ، شبين الكوم 2009 م .
- الكمبيوتر والطباعة العربية للدكتور حامد نصـّار ، ضمن كتاب حضارة الحاسوب والإنترنت ، تقديم الدكتور سليمان العسكري ،ع( 40) ، كتاب العربي ، الكويت ، أبريل 2000 م.
- مستقبليات للدكتور أحمد أبي زيد ، ع ( 80 ) ، كتاب العربي ، الكويت ، أبريل 2010 م.
- نحن والمستقبل للدكتور مصطفى سويف ، هـ . ع . ك ، القاهرة 2002 م.