بغداد الأمجـــــــاد
العمـرُ يمضي والـزمـان يـدورُ *** لا فـرح دامَ ولا استـدامَ سـرورُ
هو ذلكـم حال الحياة وشأنهـا *** والعمـر مهما طــال فهو قصيـرُ
كم مّن ممالكَ قد قد مضى سلطانها***والتاج ولّى والقصور قبورُ!
عِبرًا روي التاريخ في صفحاتهِ*** كُتِبتْ بها عبْر الزّمان سُطــورُ
كم أشرقتْ بغداد في زمن المنى *** وهـي العروسُ ودرّها منثورُ
ما زال صـــوتٌ للرشيــد مردّدا *** فيَهــابُهُ الرّومـانُ والنقفــورُ
وعلى الجدار تطِلُّ أسْطـُرُ دولةٍ***منصورةٍ قــد شادها المنصُـورُ
يا قلعةً بين الحواضر أشرقَتْ*** منها العلوم وشعّ منها النّــورُ
وذكرت معتصمًا إذا يوما بكتْ*** أرضٌ تنادي مَـن إليَّ يثــورُ؟
واليومَ عامـُــورِيّةٌٌ ذكرى مضتْ ***واليومَ معتصــمٌ هناك أسيرُ!
في كلّ ميدانٍ ترى علماءهـــا*** وكأنـــّهمْ شُهــبُ الضّياء تُنِيرُ
بدر الخلافة في بهاء جمالهــا***وحواضرٌ حول الضيـاء تدورُ
كانــت رباط العقد تجمـــع درَّهُ *** والدرّ دون ربـــاطهِ منثـــور
فهنا الخليفةُ للجميع أميــــرُ *** وهنا الخلافـــة شملها مجبـورُ
مهما يكن ضعف الخليفة إنّــهُ*** في وحــدة الإسـلام ليس يخـور
يمضي فتيً ويجيء آخرُ بعـدهُ ***والكــلّ راضٍ والجميـع يشيـرُ
فيعود بعد الضعفِ أقوى حالُها*** لا الخوفُ يفزعها ولا التدميرُ
ماأُسْقِطَـــتْ بغــــداد إلاّ بعدمــا*** تُــرِكَتْ يُمَزّقُهــا عِدًى موتـورُ
في نهر دجلةَ كم بكت صفحاتُها*** وإذا بآلاف السطـور جُسورُ
لا جنــدُ هولاكــــو ولا أمثالُها ** كانت لتــدنو لو أَطَــلّ جَسـورُ