المبدعون والمجتمع
من المجتمع الإنساني يظهر أناس بسلوكيات إبداعية في المجالات المختلفة، و بالتالي فإن المجتمع في أحواله الطبيعية سينظر إليهم على أنهم على درجة عالية من التميز، و عليه فإن المجتمع يتوقع منهم كل القيم الإنسانية مجتمعة و الأخلاق الرفيعة والمنطق السليم في كل الأحوال، وعليه يكون التعامل معهم يختلف بشكل كبير، وفي الأحوال غير العادية والطبيعية أيضاً أن نجد الحقد والحسد و أدواتهما مستخدمة في محاربة هؤلاء المبدعين.
ليس من المنطق أن نعامل الإنسان على أنه ملاك، لأن الإنسان يخطئ ويصيب، و في حالة المبدعين فإن الأمر كذلك فهم في الدرجة الثانية فقط من سلم التميز الذي يحتوي على أربعة درجات، الأولى هي الذكاء والثانية هي الإبداع والثالثة هي العبقرية والرابعة هي الحكمة، فليس من المنطق أن نعامل المبدع على أنه بدرجة الحكيم حيث أن الحكمة هي أعظم ما يمكن لإنسان أن يصل إليه.
المشكلة الأكبر في أن بعض الكتب والأبحاث والمقالات التي تناولت حياة المبدعين، قد تعاملت معهم كما يحب أن يعامل الحكماء فأصحاب الحكمة وإن كانوا من بني الإنسان فإن أخطاءهم لا تذكر، أما الإنسان المبدع فله من الأخطاء الشيء الكثير، و تناولت تلك الأبحاث الحالات الفردية بالكتابة عنها معممةَ على الكل و إن كان الباحث والكاتب ممن يحملون شهادة الدكتوراة، و حتى أن بعض الموسسات الكبرى للنشر قد وافقت على مضمون المادة ونشرتها، وهذا بالنسبة لي غير مقبول أبداً، لما ورد في تلك الكتب من وصف عام عن المبدعين والمفكرين ، فنحن يجب أن نشجع على التفكير و الإبداع لا أن نحاربهما.
علينا كأشخاص قبل المجموعات أن ننظر إلى الأعمال الإبداعية والمبدعين والباحثين وحتى من وصلوا إلى درجة العبقرية ،بأنهم من بني الإنسان يصيبون ويخطؤون، و علينا أن نفكر بما قالوا وبما خطت أقلامهم قبل أن ننشر تلك المادة، و نحدد الأثر الناجم عن النشر، فإن وافق ذلك توجهنا فلا بأس بأن يتم النشر و إلا فيمكن الإتصال بالكاتب الباحث و مراجعته و مناقشته في المادة التي نشرها، فيصحح ثم يصار إلى النشر.
باسم سعيد خورما