بسم الله الرحمن الرحيم




السلام عليكم ورحمة الله وبركاته،
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آلـه وأصحابه ومن سار على هديه ولزم منهجه إلى يوم الدين، وبعد:
استجابة منّا لقوله تعالى: {فَذَكِّرْ إِنْ نَفَعَتِ الذِّكْرَى . سَيَذَّكَّرُ مَنْ يَخْشَى . وَيَتَجَنَّبُهَا الأَشْقَى} وإدراكاً منّا لخطورة ما يحيط بأمتنا الإسلامية من مؤامرات، نتوجه بالخطاب لاعضاء مجلس النواب الاردني فأنتم تتحملون المسئولية أكثر من غيركم لأنكم رضيتم لأنفسكم أن تكونوا في هذا الموقع الذي أنتم فيه، مع ما فيه من أوزار وآثام، تتعلق بممارستكم التشريع وسن القوانين مع حرمة ذلك قطعاً لقوله تعالى: {فَلاَ وَرَبِّكَ لاَ يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لاَ يَجِدُوا فِي أَنفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا} ، أما المحاسبة فهي واجبة على المسلمين سواء أكانوا في مجلس النواب أم خارجه، إلا أن كونها أحد وظائف مجلسكم يجعل الأمر في حقكم آكد، لأنكم أقدر من غيركم عليها، وهذا ما دفعنا لمخاطبتكم، مع علمنا الأكيد أن ما قمتم به خلال فترة مجلسكم السابقة لا يدلّ على أنكم ستستجيبون لنا، إلا أننا نخاطبكم إبراء لذمتـنا، ومعذرةً إلى ربنا، ولعلكم تتقون.

أيها السادة!
إنه أصبح من المعلوم للقاصي والداني أن النظام في الأردن وكيان يهود توأمان متلاصقان لا ينفصلان، فإن ضربنا صفحاً عن العلاقة الحميمة بين العرش الهاشمي ويهود منذ اتفاقية فيصل - وايزمن، ثم تسليم الملك حسين للضفة الغربية عام 1967م مروراً بتحذيره لجولدا مائير سنة 1973م من هجوم مصري سوري متوقع، إلى اللقاءات الدائمة بين الطرفين والتي كانت تحدث خفية وبعيداً عن الأنظار إلى أن نصل إلى اتفاقية وادي عربة الخيانية، والتي أعلن فيها النظام في الأردن بشكل فاضح علاقته التاريخية والدائمة مع كيان يهود، وصار الطرفان بعدها يعملان علناً لتثبيت كيان يهود في فلسطين، وتسويق هذا الكيان ومده بأسباب البقاء، ليكون كياناً مقبولاً لمن حوله. فيمتلك اليهود الأراضي والمصانع التي يرغبون، وتُسنّ القوانين التي تسهّل لهم السيطرة على مقدّرات الأردن، ليكون قاعدة ليهود ينطلقون منها إلى باقي بلاد المسلمين. مع وعود كاذبة بالازدهار الاقتصادي أثمرت على مدى السنوات الماضية، غلاء فاحشاً في الأسعار، وفقراً يتفاقم يوما بعد يوم، وزيادة في المديونية، يرافقها بيعٌ للبلد ومؤسساته بشكل متسارع ولجيب الملك الخاص من غير حسيب أو رقيب. ولم يكتف النظام في الأردن بهذه العلاقة الحميمة، بل تعداها ليكون شريكاً فاعلاً في تصفية ما بقي من القضية الفلسطينية، لتتحول في قمة شرم الشيخ إلى مشكلة تتعلق بالمحافظة على أمن يهود، والمحافظة على بقاء كيانهم في فلسطين، ويسارع النظام بعد القمة مباشرة بإعادة السفير الأردني إلى (إسرائيل)، كبادرة حسن نية، مع أن استدعاءه أصلاً لم يكن له أي أثر على علاقة النظام في الأردن بكيان يهود. لأن النظام يعلن حرصه الدائم على أمن (إسرائيل)، فلا يسمح لأيٍّ كان أن يتعرض بقول أو فعل لهذا الكيان، ويعتبر هذا جزءاً مما يسميه أمنه الوطني، حرصا منه على الالتزام باتفاقية وادي عربة الخيانية. وما أمر النقابات عنكم ببعيد.

وإننا لنخشى أن يكون مشروع تقسيم الأردن إلى أقاليم، سماها الملك مؤخّراً شكلاً من أشكال الفيدرالية، توطئة لأمر أخطر وأعظم يتعلق بترتيبات الحل النهائي، أو إسفيناً يثير به الملك العصبيات ويستغله لمصلحة حكمه كلما لزم.

السادة رئيس وأعضاء مجلس النواب!
إنكم قد ورثتم عن مجالس سبقتكم إرث وادي عربة الآثم، وإنكم تتحملون تبعة هذا الإرث وأوزاره ونتائجه، لأنكم القادرون على إبطال هذه الاتفاقية التي لا تلزم المسلمين بشيء، فندعوكم إلى:
1. إعلان بطلان اتفاقية وادي عربة، وإلغاء كافة الآثار التي ترتبت عليها.
2. قطع كافة العلاقات الدبلوماسية مع (إسرائيل)، واعتبارها عدواً مغتصباً لأرض المسلمين يجب محاربته والقضاء عليه.
3. إلغاء كافة الاستثمارات (الإسرائيلية) في الأردن.
4. سحب الثقة من الحكومة المتهالكة على تحقيق مصالح الكفار من يهود وأمريكان وبريطانيين.
إننا نعلم أن هذا هو أقل ما يمكن أن تفعلوه، ونعلم أنكم قادرون على فعله أو فعل بعضه، فإن أبيتم ذلك، فلا أقل من أن تعلنوا براءتكم من هذا النظام، وتنسحبوا من المجلس حتى لا تكونوا أداة في يده يسخركم لتنفيذ مخططات الكفار وأطماعهم.

أيها السادة!
إننا نحذركم من غضب الله الذي يحل على المتاجرين بأرض الإسلام، وإننا نعيذكم بالله أن يكون مجلسكم هذا شريكاً في تمكين يهود من أرض الإسراء، أو أن يكون موطّئا لتصفية قضية فلسطين تصفية نهائية، أو أن يكون الأردن منطلقاً لتحقيق أطماع يهود في بلاد المسلمين.

إن المواقف تحسب لأصحابها وتبقى محفورة في ذاكرة التاريخ، وإن عاقبة المفرّطين بأرض الإسلام ستكون وخيمة بإذن الله، وإنكم إن نجوتم من نقمة الأمة فلن تنجو من عذاب الله {وَلَعَذَابُ الآخِرَةِ أَشَدُّ وَأَبْقَى}.