تقاطُع
ما بينَ شهقةِ القدرِ وصقيعِ الحقيقةِ يصرخُ الصمتُ وتتحجرُ مآقي الوقتِ...و تضيعُ معالم الصورة .
لم يدر في خلدي ذلك اليوم أثناء توجّهي إلى عملي أنني سأحمل في ذاكرتي ما لا يحتمل التصديق..
ذهبتُ لاصطحاب مريضتي إلى غرفةِ سحب العيّنات المخبرية من أجلِ إجراء عمليّة جراحيّة لاستئصالِ الرّحمِ في اليوم التّالي .
ألقيتُ عليها التّحيّةَ فردّت بهدوء، صاحبته مسحة من حزن ارتسمت على وجهها. أكملت الحديث بالشّرح عمّا يتطلّبه أمر العمليّة، ثمّ رافقتني لإجراء الفحوصات، فجأة تباطأت خطواتها فقد لمحت شرطيّة تقف بباب إحدى الغرف ، وإذا بها تتساءل بانفعال: ما ذنبُ هذه الطّفلة لتعاقب على جريمة لم تكن مسؤوليتها وحدها؟!
أيّة طفلة؟ سألت فردّت : تلك التي حضرت في الصّباح تحمل وزر خطيئة اقترفتها والدتها .
وما ذنبُ والدتها ؟ تساءلت مستغربة!
احتدّ صوتها مستنكرةً: ما ذنبُ والدتها ؟ أين هي؟ ما هي وظيفتُها ؟ كيف لم يخبرها قلبها ؟ وأين عين الأم اليقظة لتراها ؟ الأم هي من يجب أن تحاكم وليست هذه الطّفلة .. هي المجرمة بسبب إهمالها!
كان الصّمت هو الحل الأمثل ؛كي أتفادى الّنقاش في قضايا لا تتعلّق بأمور العمل. .
بعد سحب العيّنات المخبريّة وعودتنا، رأينا الشّرطيّة تصطحب الفتاة الى خارج القسم، فتجمّدت مريضتي في مكانها
قفزت العيون من محاجرها و أحتبس التحشرج في الرثاء
عندما تقاطع القدر مع يقظة الأم على جسر الحياة بصوت الفتاة المرعوبة يناديها:
أ مّ ي...............