|
يُكَلِّفُنِي مَا لا أُطِيْقُ زَمَانِيَا |
فَمَا لَكَ يَا هَذَا الزَّمَانُ وَمَا لِيَا؟ |
قَدَحْتَ زِنَاداً لِلعَوَادِي فَأَشْعَلَتْ |
شُجُوْنِي وَأَجْرَتْ مِنْ دُمُوْعِي غَوَادِيَا |
يَغَصُّ فُؤَادِي بِالـهُمُوْمِ وَكُلَّمَا |
هَمَسْتُ لَهُ صَبْراً تَفَجَّرَ شَاكِيَا |
تُبَعْثِرُنِي الآهَاتُ تَرْسُمُ صُوْرَتِي |
خَيَالاً بِلا مَأْوَى يَجُوْبُ الفَيَافِيَا |
وَيَلْبَسُنِي اللَّيْلُ الضَّرِيْرُ فَيَنْتَشِي |
وَيَسْتَلُّ مِنْ عَيْنِي رَفِيْفَ أَمَانِيَا |
وَيُغْرِقُنِي فِي لُجَّةٍ لا أَرَى بِهَا |
سِوَى سُحْنَةٍ سَوْدَاءَ تَجْتَرُّ مَا بِيَا |
وَكَأْسٍ مِنَ الأَحْلامِ لَمَّا تَكَسَّرَتْ |
بِعَيْنِي قَلَيْتُ العَيْشَ كَأْساً وَسَاقِيَا |
إِذَا لاحَ طَيْفٌ كَمْ أُنَادِي وَإِنَّمَا |
يُجَاوِبُنِي بِاليَأْسِ رَجْعُ نِدَائِيَا |
كَأَنِّي وَهَذَا اللَّيْلَ فِي حَمْأَةِ الوَغَى |
أَرَاعَكَ مُبْيَضُّ الثََّلاثِيْنَ بَادِيَا؟ |
يَقُوْلُوْنَ مَنْ تَرْثِي؟ فَتَضْحَكُ أَحْرُفِي |
وَمَاذَا جَنَى مَنْ صَاغَ تِلْكَ الـمَرَاثِيَا؟ |
وَإِنْ كَانَ مَا أَوْدَعْتُ فِيْهِ حُشَاشَتِي |
رِثَاءً فَمَنْ أَرْثِي بِهِ غَيْرَ حَالِيَا؟ |
عَجِبْتُ لِهَذَا الدَّهْرِ لَيْسَ بِنَاقِدٍ |
وَأَعْجَبُ مِنْهُ النَّقْدُ يُغْضِي مُحَابِيَا |
فَيَسْتَبْدِلُ الدَّيْجُوْرَ بِالنُّوْرِ مُرْخِصاً |
وَيَبْتَاعُ بِالتِّبْرِ التُّرَابَ مُغَالِيَا |
وَمِيْزَانُهُ طَاشَتْ بِهِ كِفَّةُ النُّهَى |
فَمَاذَا تَبَقَّى وَالـهَوَى صَارَ قَاضِيَا؟ |
وَفِطْرَتُهُ البَيْضَاءُ مَنْكُوْسَةٌ فَكَمْ |
تَرَى رَأْسَهُ أَرْضاً وَرِجْلَيْهِ عَالِيَا |
فَقُدَامُهُ خَلْفٌ وَمَا فَوْقَ تَحْتُهُ |
وَإِنْ قِيْلَ ذِي يُمْنَاكَ قَالَ شِمَالِيَا |
يَفِيْضُ زُلالُ الـمَاءِ مِنْ بَيْنِ كَفِّهِ |
وَمَازَالَ كَالـمَحْمُوْمِ يَرْكُضُ صَادِيَا |
وَمَا الدَّهْرُ مَقْصُوْدِي وَلَكِنْ أُهَيْلُهُ |
وَهَلْ يَسْمَعُ الـمَيْتُ الـمُسَجَّى المُنَادِيَا؟! |
أَلا لَيْتَ شِعْرِي كَيْفَ ضَاقَ الثَّرَى بِنَا؟ |
وَنَحْنُ الثَّرَى نَسْعَى إِلَيْهِ خَوَالِيَا |
أَنَامُ فَهَلْ أَصْحُو؟ وَأَصْحُو فَهَلْ أَنَـ |
ـامُ؟ مَا لِي؟ كَأَنِّي غَارِقٌ فِي خَيَالِيَا |
أُقَلِّبُ طَرْفَ الفِكْرِ مَا كُنْتُ سَاخِطاً |
عَلَى مَا أَرَى كَلا وَلا كُنْتُ رَاضِيَا |
وَمَا بَيْنَ آلامِي وَآمَالِيَ اغْتَلَتْ |
حُرُوْبٌ وَقَدْ أَبْلَيْتُ فِيْهَا رِدَائِيَا |
تُوَبِّخُنِي الأَشْوَاقُ أَيْنَ أَحِبَّةٌ؟ |
وَتَصْفَعُنِي الأَحْدَاثُ أَلاَّ تَلاقِيَا |
أُجَرْجِرُ خَلْفِي ذِكْرَيَاتٍ مَرِيْرَةً |
وَأُخْرَى أُنَاغِي فِي سَنَاهَا عَزَائِيَا |
وَلَسْتُ كَمَا قَالُوا وَلَكِنْ مَشَاعِرٌ |
تُلِحُّ عَلَى شِعْرِي فَيَنْسَابُ شَادِيَا |
أَأَكْتُمُهُ؟ مَا لِي بِذَلِكَ حِيْلَةٌ |
وَبَيْنَ ضُلُوْعِي مَا يَضُجُّ مَآسِيَا |
وَلَوْلا حُدَاءٌ مِنْ فَمِ الشِّعْرِ مَا ارْتَقَتْ |
نُفُوْسٌ وَلا لاقَى الشَّجِيُّ مُوَاسِيَا |
وَمَا الشَّاعِرُ الإِنْسَانٌ إِلا كَبُلْبُلٍ |
شَدَا رَائِحاً مِنْ غَيْرِ مَنٍّ وَغَادِيَا |
وَلِلشِّعْرِ رُوْحٌ لَوْ خَلَتْ مِنْ ضِيَائِهَا |
قُلُوْبُ البَرَايَا لاسْتَحَالَتْ لَيَالِيَا |