|
ألَا كُـفِّــي سُـكَـاتَــكِ وَاصْـدِحِـيـنَـا |
وغَــنّـــي فِي جُمُوعِ الـعَـابِـثِـيـنَ |
وَهَاتِ .. وهَاتِ كَأسَكِ وَاسْكِرِينَا |
وَزِيدِي مِــن رِيَـــاحَ الـلّـيـلِ فِـيـنَــا |
وَنَادِي الشّمْسَ كَي تُخْفِي صَبَاحَا |
فَـنَـحْـنُ جُـمُــوْعُ جُـنْــدٍ مَارِقِـيـنَـا |
لَقَد تُهنَا وَمَا جِئنَا بِنَصرٍ |
هُزِمنَا يَا بَهِيَّةُ .. سَامِحِينَا |
مَلأنَا الكَأسَ مِن جُوعٍ وَفَقرٍ |
فَأمسَى شِرْبُنَا كَدَراً وَطِينا |
أيَــا وَجَــعِ الْخَبَـايَـا مِــنْ أنَـــاسٍ |
تُـوَافِـيِـنَــا الْـمَـنِــيّــةَ أنْ يَـفُـونَــا |
وَقَد بَاعَ الْفَـوَارِسُ كلّ نَصْرٍ |
لَـقَـدْ خَـابُـوْا وَأمْـسُـوْا خَاسِـرِيـنَـا |
ورُكْـبَـانٌ يَتِيـهُـوا عَـــنْ طَـرِيــقٍ |
وَقَــدْ غَــدَتِ النَـوَارِسُ رَاجِلِيـنَـا |
صَدَدنَا السّيفَ عَنّا مُنذُ حِينٍ |
وَصِرنَا بِالخُنُوعِ مُدَجّجِين |
مَـلَانَــا الْـلَّـيــل آهَــاتٍ وَدَمْــعَــا |
وَنَبكِي الذُلّ فِـــي بَـلَــهٍ بُلِـيـنَـا |
وبَـــاتَ الـبُــؤسُ أنّـــاتٌ تَــــدَوْمُ |
تَقَيّـحَـتِ النّـفُـوسُ وَمَــا شُفِـيـنَـا |
وَغَاصَ الْجُرْحَ يَنْخَرُ فِي ضُلُوْعٍ |
وَنَشْـهَـقُ مِـــنْ عَـذَابَــاتٍ أَنِـيـنَـا |
وَعَـهْـدٌ كان مُــذْ كُـنَّــا رِجَـــالاً |
لَقَــد رَجَـــعَ الْجَـحَـافِـلُ خَائبِـيـنَـا |
إذَا الشّـعّـارُ صَـامُـوا عَــن كَــلامٍ |
سَنَبقَى في البِلادِ مُشَرّدِيـنـا |
فَـوَا أسَـفـي عَـلَـى وَطَــنٍ تَـدَاعَـى |
وَيَـنْـعِــي كِـبْــرِيَــاءَ فَيَصْـطَـلِـيـنَـا |
بِـأوْتَــارٍ عَـزَفْـنَـا لَـحْــنَ مَــــوْتٍ |
عَـلَـى حالٍ بَــدَا وَجِـعًـا دَفِـيـنَـا |
أَيَـا وَطَنَـي وَدَمْعـكَ فِـي خُفُـوْقِـي |
وَتَـنْـعِــي كِـبْــرِيَــاءَ فَتَصْـطَـلِـيـنَـا |
نِـداكَ الجَائعُ العَارِي يُبَاعُ |
عَلَى الأشْهَادِ نَشهده قُرُونَا |
وإخُـوَانٌ عَـوَاجِــز قَــدْ بُـلَـيـنَـا |
فَلَن نَرضَى بِحُكْمِ الجّائِرِينَا |
بِسُـوْطِ الطّاعَـةِ اجْتَمَـعَـوْا غُـثَـاءً |
عَـلَــى شَـتَــتٍ فَـكُـنّـا صَـابِـرِيـنَـا |
فَـمَـا شَــدّوْا وِثَــاقَ وَلَا عُـهُــودًا |
لَـقَـدْ خَـابُـوْا وَأمْـسُـوْا خَاسِـرِيـنَـا |
صَنَعنَا مِنْ طُغََاةِ القَومِ حِصْنًا |
رَفَعنَاهُم فَبَاتُوا يَجْلِدُونَا |
وَجَاوَزَ ظُلمَهُم سُوءًا وَبُغضًا |
ألا سُحقًا لِقَومٍ يَحْكُمُونَا |
عَلَى صهيون قد رَكَنُوْا فَذُلّوا |
وَعادوا من هناك مُكًبّلينَ |
وَقَد شَبِعَتْ وُجُوهُ الشّعبِ لَطمًا |
وَلَم نَرْضَ الهَوَان وَمَا انْزَوَينَا |
عَلَـى نَغَمَاتِ نَصْـرِ بـَـاتَ يَغفُـو |
وَيَبقَى القَـهــرُ صَلبًأ لَا يَـلِيـنَـا |
يُمِيـتُ الـجُـوعُ أطـفَـالا صِغَارا |
وَبِالأحـزَانِ قَــد ضَـجّـتْ جفونا |
وذَا (كِـــرشٍ) يُـراقِــصُ غَـانـِيــاتٍ |
ومَــا عَـبـِـئ الـجَـبَـان بجَائعِـيـنَـا |
وَتَارِيخُ الكُرُوشِ بِكُلّ عَصْرٍ |
يُضِيفُ لِعَارِهِمْ عَارًا مُبِينَا |
وَلــيُّ الـعَـار والتّفـكِـيـرُ بالي |
يَلُوكُ الجَهلَ فامْتَلأتْ بُطُونَا |
فخَمرٌ والَنّسَاء و(حُمْرُ اللّيَالِي) |
وأمــوَالٌ وَحُكْمُ الْجَاهِلِيـنَـا |
ويُمسِـكُ فـي تَلابِـيـبِ الكَـراسِـي |
وَيُفتِنُ رُوحَهُ الكُرسِي جُنُونَا |
وَيَبْقِـي مَــا أتَيـنَـا غَـيـر مُـجْـدٍ |
ومَــا تَــرَكَ الـصَـدَىْ مِـنّـا يَقِيـنَـا |
وَنُـبْـقِـي مَـــا خَطَـبْـنَـاهُ الْعِـفَـاطَـا |
ومَـا أمسَـت بِنـَا صَـدْرًا سَخِينَـا |
أتَـيـنَـا فِـــي الدّيَـاجِـيـر الأمَـانـِـي |
فمَـالـَت والـرِّيَـاحِ .. وَمَــا بَقِيـنَـا |
تَـوَلّـيـنَـا إذَا يَـجْــتَــاحُ خَـصْــمَــا |
وَبِتْـنَـا فِــي الْـمَـدَائـنِ غَاضِبِـيـنَـا |
أتـَيـنَــا الْـجـَهْــل قَـافِـلَــةً وُكُــنَّــا |
عَــلَــىْ تـَاريـخِـنَــا مُسْتنْـكِـفِـيـنـَا |
رَفَـعْـنَــا رَايـَـــةَ العِصيَانِ فِينَا |
وَسُـقْـنــا عَــارَنـَـا مُسْتَسْلـمِـيـنَـا |
وسِرْنَا فـي طَرِيـقِ الْعُهـرِ نرنوا |
وَجِــئْــنــَا لـلْـبــَغـَـاءِ مـُعَـانِـقـيـنَـا |
ونـرْفــعُ لِـلْـعُـلا هَـامَــاتِ مَــجْــدٍ |
وَنَـرْجــعُ بِـالــرّؤوْسِ مُقَطّـعِـيـنا |
وَإنّـــــا الْـخَــاذِلُــوْنَ إذَا طُـلِـبْـنَــا |
وَإنّــــا الْـطَّـامِـعُـوْنَ إذا عُـطِـيـنَـا |
وَإنّـــــا الْـخَـائــنُــوْنَ إذَا أمِـــنّـــا |
وَإنّــــا الـكـَـاذِبـُـون إذَا حـَكَـيـنَــا |
وَإنّــا الْـخَـاسِـرُوْنَ إذِ انْتَـصَـرْنَـا |
وَإنّـــــا الْـخَـائِـفُــوْنَ إذِ ابْـتُـلِـيـنَـا |
وَإنّـــــا الأغْـبِــيَــاءُ إذَا فَـهِـمـنَــا |
وَإنّــــا الـصّـارِخُــون إذَا نُـفِـيـنـا |
وَإنّــــا الـنّـاقِـصُـوْنَ إذِ اكْتَـمَـلْـنَـا |
وَإنّــــا الـنّـاقِـضُــوْنَ إذِا بَـنَـيـنَــا |
وإنّـــا نـُلْـبِـسُ الأزْهَارَ شَـوكًــا |
وإنّـــا نَـقْـتُـل الــشّــادِي فـُتُـوْنــا |
وإنّـــا مِـــنْ وَضَاعـَتـِنـا خُـذِلْـنــا |
نُـهـيـلُ بِـرأسِـنـا كَـــدَرًا وَطـِيـنـَا |
وإنّا نُشعِلُ السّهَرَاتِ فِسقًا |
وَنَغفُو إذْ يَفِيقُ النّائمُونَا |
إذَا اجْتمَعوا عَلَى الأعْدَاءِ يَومًا |
فَمَا وفُّوا وَمَا عَقَـدُوا يَمِيْنَـا |
فـأيـنَ لَـنَـا مَــنَ الْأَمْـجَـادِ أمْــسٌ |
وَأيــنَ تُــرَي وُعُــوْدُ الصَّادِقِيـنَـا |
أمَـا نَلقَـى العَشِـيّـةَ سَـامِـرًا فـِي |
بَــلادي يَكتُبُ الشّعرَ الحَزينَا |
نَغُضّ الطّرْفَ فِي وَضَحٍ وَلَكنْ |
فَلَسْـطِـيـنُ الشّـهِـيـدَةُ تَرْتَـجِـيـنَـا |
وَإبْـنُ الْقُـدْسِ فِـي وَجْـهِ الْمَنِـايا |
بِــأحْــجَــارٍ يَــــــرُدّ الـظّـالِـمِـيــنَ |
صَغِـيـرُ كَـأنّـهُ رمُــحٌ شُـجَـاعُ |
وَحَـاكِـمُــهُ الْـمُـقَـنّـعُ مُسْـتَـعِـيـنَـا |
ودَاُر عَـزِيـزِ هُــدّمَ مِــنْ سَـفِـيـهٍ |
أفِـي وَضَــحٍ نَفِـيـقُ مُشَرّدِيـنـا ؟ |
فُرَاتُ مِنَ الْعِرَاقِ فَهَـلْ غَرِقْنَـا ؟ |
وَدِجْـلَـة يَـسْــألِ الْـوُعّــاظُ فِـيِـنَـا |
وَمَـاجِــدَةُ الْقَتِـيـلَـةُ فِـــي قُـيُــوْدٍ |
وَشَـكْـوَاهَــاَ لِـــــرَبّ الْـعَـالَـمِـيـنَ |
مُـرنّــقـَـةٌ بــِـجُـــوعٍ قد أتاها |
ضَـنـَى وَسَــرَابُ أغنِـيَـةٍ مُهِـيـنـا |
وَسُورِيّا يَفِيضُ الدّمُّ فِيهَا |
بَأيدِي جَيشَهَا وَالمَارِقِينَا |
.نَغُض الطّرف عَن حَلَبٍ ونَلهُوا |
وَأحْفَادُ الوَلِيدِ مُشَتّتِونا |
دِمِشْق حَبِيبِتِي إنّا مَطَايَا |
إذَا تَأتِي الزَّوَاحِفُ تَعتَلِينَا |
وَصَنْعَاءُ العُرُوبَةِ مَزَّقُوهَا |
عَلى جدْرَانِها رُسِمَ الجُنُونَا |
وَفي صَنعَاءَ تَارِيخٌ سَيُتلَى |
وَمأرِبُ شَاهِدٌ عَنْ أوّلِينَا |
أما مِن عَاقِلٍ يَأتِي بِصُنْعٍ |
لِيَمنَحَ شَعْبَنَا أمنًا أمِينَا |
أمَانُكِ لِيبِيَا أضْحَى أمَانِي |
وَأطْهَارُ الشّبَابِ مُقَتّلونَا |
وَمَا الخَضرَاءُ تًونِس قَد بَلاهَا |
فَقَد زَادُوا عَلَى المَاضِي مُجُونَا |
وَلِبنَانُ الّتِي نَهوَى هَوَاهَا |
كَأفِكارٍ تُعَاقِرُهَا الظُّنُونَا |
مِنَ (الخُرطُومِ) .. (جُوبَا) مَزّقُوهَا |
وَفِي السُّودَانِ نَبكِيهَا سِنِينَا |
وَفِي أحْشَائنَا غَضَبٌ شَدِيدٌ |
وَمِصرُ لِحَالِهَا تَبكِي العُيونَا |
فَـلا شُـكْـرًا لِـمَـنْ ظلـمـوْا بــِلادِي |
وَبَــاعُــوا أرْضَــنـَـا للْغَاصِـبـيـنَـا |
بِـأيّـامِ الـدّهَــارِسِ قـــدْ وُضِـعْـنَـا |
فَـذَكّـرْنَــا بِــدِيــنٍ قَــــدْ نَـسِـيـنَــا |
وَقَــدْ دَارتْ بِـنَــا الْأَيّــــامُ كَــيــدًا |
فـمَـالــكِ يــــا نَــوَائــبُ تَـاتَـلِـيـنـا |
وأصبَحنـَا كَمَـا القِطعَـانُ نَـرعـَى |
سَـرابـًـا فِـــي مَــغَــارَاتٍ دَفـِيـنَــا |
وأَنْـــذَالٌ عـَلـَـى هـَـــوْنٍ أتــَوْنــا |
وَأَشْــبــاحٌ مُـنِـحْـنَـا مَــــا لَـقِـيـنَـا |
وقـدْ نَأسَـى لِـمَـا نـَرضَـى جَبـَانًـا |
فَـمَــا كَـانُــوا لِـوَعْــدٍ مُنْصِفِـيـنَـا |
وَجـُــلُّ الـنّــاسِ أحــيـَاءٌ بِـدُنـيَــا |
وَحــُـكّـــامًا نَــــــرَى كـَالـمَـيّـتـيـنَ |
نَـعَــامٌ تَـحْــتَ أقْـــدَامٍ الأعَــــادِي |
أسُـــوْدًا يَـمْـرحــوْا فِسْقًا عـلـيـنَـا |
فَـــلا مـَجْــدًا رَأيـنــَا فِـــي قِــتـَـالٍ |
وَلا نـصْــرًاحـلـيــف الْعـاجـزيـنَـا |
ولا زَرعًا يَجِيئُ بِدُونِ كدٍّ |
وَلا أشْــــواكَ تـَهْـدِيـنَــا حَـنـِيـنَــا |
فَمَـا بـَال العُقُولِ تـَمُـوْت جَـهْـلًا |
وَبَينَ النّاسِ لَا نَأتِي بِبَيْنَا |
إلَهَ الكَونِ نَدعُوا مِن شُجُونٍ |
لِتنْقِذَنَا شُمُوْخًا أَنْ نَهُوْنَا |
إلَهَ الكَونِ عنْ دِينٍ بَعُدْنَا |
بِعهْدِ اللّهِ صِرْنا حَانِثِينَا |
فَمَا نَامتْ جُفُوْنُ الحقِّ يَومًا |
وَلَيسَ سُوَاكَ يا رَبّي مُعِينَا |
وإنّا سَوفَ تُدرِكُنَا المَنَايَا |
فَهُبّي يَا بِلادِي واصْفَعِينَا |
إلى الأمْجَادِ يَا وَطَنِي سَنَعلُو |
وَلَنْ نَخشى عِتَابَ اللائمِينَا |
سَنَأتِي النّصْرَ مِن فَيضٍ وَنَأبَى |
عُصُور الظُّلمِ وَالمَولَى مُعِينَا |