يَا صَاحِبِي ..
لا تَجعَلِ الأحْزَانَ
تَسْكُنُ مَنْبعَكْ
بِعْ مَا تَبَقّى من جراحات الهوى
مَا عُدتَ تَنْسُمُ فِي الرّبِيعِ وَلا
شُمُوسُ العَاشِقِينَ لِتَسطَعَكْ
يَا صَاحِبِي ..
لَمْلِم سَمَاءَكَ وَانْتَهِي
وَاجْمَعْ شَتَات الرُّوحِ وَارْحَلْ يَا فَتَى
وَاطْفِئْ نُجُومَ الليْلِ
وَاشْعِلْ مَضْجَعَكْ
لَمْ تَنْسَ ضِحْكَتَهُ بِيَومِ وَدَاعِهِ ..
فَبَكَيتَهُ .. لَكِنَّ دَمعَكَ نَقْشٌ في الهَوَا
(مَا تُسْمِنُ الأحْلَامَ إنْ تَأتِي وَلَا
تُغْنِي مِنَ الجُوعِ البَلِيْ)
فَانْساهُ وَارْحَمْ أدْمُعَكْ
يَا صَاحِبِي ..
إنّي رَأيْتُكَ حِينَمَا وَدّعْتهُ..
رَفًضَ السّلامَ مُعَانِدًا
مَا وَدّعَكْ
زَاغَ النِّدَاءُ
وَجَاءَ الدّمْــعُ يَتْبَـعهُ
كَأنّمَا الدّمْــــعُ
أضْحَـى بِظِلٍّ يَتْبَعكْ
وَمَدَدْتَ كَفّكَ بِالدّمُوعِ مُلَوّحًا
تَدْعُوهُ يُقْبِلُ عَائدًا
أهْدَيتَهُ رُوحَ الفُؤادِ .. وَتَرتَجِي
أنْ يَذْكُركْ
وَرَجَعتَ في شَجَنِ الليَالِي بَاكِيًا
وَبَدَأتَ فِي غَلقِ المَنَابِرِ كُلهَا
غَادَرت دَفتَرَ شِعرِهِ
وَدَعَوت أنْ يَنسَى الحِكَايَةَ وَالهَوَى ...
لَكِنّهُ .. لَا يَسمَعَكْ
يَا صَاحِبِي ..
أقْبِلْ .. بِلا قَلبٍ وَلا
تَكُ فِي دُرُوبِ رَحِيلِهِ
صَوتًا يُنَادِي للرّجُوعِ مُجَاهِدًا
وادْعَسْ قُلُوبَ الزّهْرِ
وَارْضَ بِشَوْكِهِ ..
ثمّ ابْتسمْ .... إنْ أوجَعكْ
يَا صَاحِبِي …
أطْلِقْ عَنَانَ الآهِ في
رَحِمِ الليِالِي فِارِسًا
وابْقُرْ بُطُونَ الغَيمِ وارْضَى بَرْقَهُ
وانْعَم بِرَعْدٍ سَوفَ يُنغِصُ مَرقَدَكْ
يَا صَاحِبِي …
نَحّ القَصَائدَ جَانِبًا
وَدَعِ الشّتَاءَ المُرّ يَحرِقُ حَرفَها
حَطباً لِيُشْعِلَ
بِالقَصَائِدِ أضلُعَكْ
وَامْسَحْ أغَانِي الحُبّ
مَا عَادَتْ تَفِي...
مَا عُدْتَ تُطرِبهُ .. وَمَا
عَادَ الْفُؤادُ ليَطربكْ
وَاكْتُبْ عَلَى وَجهِ الرّيَاحِ
وَصِيّةً
وَارْسُمْ يَدَ الهِجرَانِ
حُزْنًا يَصفَعَكْ
وانْحَرْ جِبَالَ الشّوقِ
فِي عُرسِ الرّحِيلِ مُنَادِيًا
وَاصرَعْ مَسَاءًكَ
ثُمّ دَعْهُ ... يَصْرَعَكْ
يَا صَاحِبِي ..
قَد كَانَ حُبُّكَ ..
رِحْلةً لَمْ تَنتَهِي
يَا صَاحِبِي
فَاعْلَمْ جَلِيّا أنّهُ
تَرَكَ السّفِينَةَ عَازِمًا
ألاّ يُسَافِرُ مَرَّةً أخْرَى مَعَكْ
مَا زَالَ جُــرْحُكَ نَازِفٌ
ألِفَ الخَدِيعَةَ بِالرّضَى
يَا صَاحِبِي
قَدْ كُنتَ تَرْجُو صِدقَهُ
مَا كُنتَ تَحسِبُ أنّهُ قَدْ يَخدَعَكْ
لا تُلْقِ بَالَكَ فِي بُكَاءِ عُيُونِهِ
فَدُمُوعُهُ ثَكْلَى .. يُمَزُّقَهَا الْهَوَى
وَاعْلَم بِأنّ المَسْرَحِيّةَ تَنتَهِي
قُفل السّتَارُ وَغَادَرَ الجُمْهُورُ
مَا عَادَتِ الأحْدَاثُ يَومًا تَنفَعَكْ
إنْ كُنتَ تَسمَعهُ هُنَا
وَهُوَ البَعِيدُ عَنِ النّدَاءِ مُرَابِطًا
مَا عَادَ يَومًا يَشتَهِي
أنْ يَسمَعَكْ ..
مَا عَادَ شِعْرُكَ
يُطفِئُ الأشْوَاقَ فِي جَوفِهِ
فَالبَحرُ ضَاعَ
وَذِي الشّوَاطِئ تَرْتَحِلْ
وَالجِفنُ يَأبَي
أنْ يُصَدّقَ أدمُعَكْ ..
يَا صَاحِبِي ..
لَملِمْ خُيُوطَكَ وَارْتَكِنْ
مِن حَاِئطِ الحِرْمَانِ
وَابْلُغْ مَوْضِعَكْ