أَعِدِّي مَطَايَا الهِيدِ مِنْ كُلِّ حَافِدِ
وَعُدِّي سَجَايَا الصِّيدِ بَينَ الأَجَاوِدِ
وَمُدِّي بِسَاطَ الرُّوحِ مِيثَاقَ صَادِقٍ
وَشُدِّي رِحَالَ الرِّيحِ عِفْرِيتَ قَاصِدِ
إِلَى وَطَنِ الآبَاءِ مِنْ آلِ يَعْرُبٍ
وَسَادَاتِ فَضْلٍ فِي طَرِيفٍ وَتَالِدِ
إِلَى اليَمَنِ الوَضَّاءِ أَرْضًا وَأُمَّةً
عَظِيمِ صُرُوحِ المَجْدِ عَالِي القَوَاعِدِ
يَطُوفُ عَلَيهِ الحَرْفُ يَشْدُو بِسُؤْدُدٍ
مُتُونَ المَعَانِي فِي عُيُونِ القَصَائِدِ
وَيَرْشُفُ مِنْهُ الدَّهْرُ فِنْجَانَ قَهْوَةٍ
وَيَفْرِشُ فِيهِ الطُّهْرُ سَمْتَ المَقَاصِدِ
وَيَهْفُو إِلَيهِ الدَّرْبُ قَابَ ابْتِسَامَةٍ
وَيَصْفُو إِلَيهِ الحُبُّ تَسْبِيحَ سَاجِدِ
كَأَنَّ سُهَيلاً إِذْ نَأَى غَيرَ كَاشِحٍ
تَبُوحُ لَهُ الشِّعْرَى بِنَجْوَى عُطَارِدِ
تُحَدِّثُ وَهْجًا عَنْ بِلادِ مَدَارِهَا
وَتَزْهُو بِهَذَا الوَهْجِ بَينَ الفَرَاقِدِ
بِلادٌ تَلاهَا الكَونُ مِيقَاتَ جَنَّةٍ
بِآيَاتِ مَعْبُودٍ وَأَبْيَاتِ عَابِدِ
لَهَا رُكْنُ بَيتِ اللهِ تَرْقَى بِقُدْسِهِ
وَتَعْلُو بِذِكْرٍ فِي صِحَاحِ المَسَانِدِ
تُطِلُّ عَلَى الأَيَّامِ مَهْدَ حَضَارَةٍ
وَتَفْخَرُ فِي الأَقْوَامِ دَارَ أَمَاجِدِ
فَفِي سَبَأٍ فِي سَدِّ مَأرِبَ شَاهِدٌ
وَفِي جَنَّتَيهَا آيَةٌ لِلمُرَاوِدِ
وَفِي حِمْيَرٍ حَاكَتْ سَرَابِيلَ شَأْسِهَا
صَنَادِيدُ أَمْضَتْ أَمْرَهَا بِالمَقَالِدِ
وَفِي حَضْرَمَوتَ اعْتَدَّ بَحْرٌ وَفَدْفَدٌ
وَحَازَتْ مَعِينٌ كُلَّ وَاقٍ وَوَاقِدِ
وَلَولا فَتَى الأُخْدُودِ مَا أَدْرَكَ الوَرَى
وَلا آمَنَتْ بِاللهِ مُهْجَةُ رَاشِدِ
يُحَدِّثُ عَنْ بِلْقِيسَ هُدْهُدُ عَرْشِهَا
وَحِنْكَةُ أَعْوَانٍ لِدَرْءِ المَفَاسِدِ
وَأَرْوَى التِي أَرْسَتْ قَوَاعِدَ مُلْكِهَا
وَذُو يَزَنٍ سَيْفُ العُلا خَيْرُ قَائِدِ
مَمَالِكُ شَادَتْ دَوْلَةَ العَدْلِ وَالهُدَى
وَحَازَتْ مَقَالِيدَ الغِنَى بِالسَّوَاعِدِ
فَلَمْ تُبْقِ مِنْ خَمْطِ الخَطَايَا خَمِيلَةً
وَلَمْ تَسْقِ إِلا مِنْ كَرِيمِ المَوَارِدِ
أَلا لَيتَ يُقْرِي الحُبُّ أَرْضًا بِوِحْدَةٍ
وَيُؤْوِي إِلَيهَا الجُهْدَ صِدْقُ المُعَاضِدِ
فَيَقْلَعُ مِنْهَا القَاتَ بُنٌّ وَحِنْطَةٌ
وَيَدْفَعُ عَنْهَا السَّيفَ مِحْرَاثُ حَاصِدِ
وَتُزْهِرُ فِي صَنْعَاءَ آيَاتِ حُسْنِهَا
وَتُثْمِرُ فِي المِحْوِيتِ أَقْسَى الجَلامِدِ
وَفِي عَدَنٍ صَرْحِ البُّطُولَةِ وَالنَّدَى
وَأَبْيَنَ بِنْتِ الطَّودِ أُمِّ الخَرَائِدِ
وَبُسْتَانِ خَيرٍ فِي الحُدَيدَةِ مُغْدِقٍ
وَقَلْعَةِ عِلْمٍ فِي تَعِزِّ الأَسَاوِدِ
وَسَيئُونُ تَزْهُو وَالتَّوَاهِي وَبَاجِلٍ
وَرَيمَةُ دَوْحُ الشَّهْدِ مَهْدُ المَعَاهِدِ
وَتَسْمُو المَعَالِي فِي ذِمَارٍ وَشَبْوَةٍ
وَحَجَّةَ ذَاتِ الحِصْنِ ذَاتِ المَسَاجِدِ
وَإِبٍّ وَلَحْجٍ وَالمُكَلَّا وَصَعْدَةٍ
وَعُمْرَانَ وَالبَيْضَا وَسَامٍ وَحَافِدِ
قَبَائِلُ لَمْ تَرْفَعْ سِوَى الشِّيَمِ العُلَى
وَلا خِنْجَرًا إِلا لِرَدِّ المَكَائِدِ
هُمُ العِتْرَةُ الأَحْرَارُ مِنْ آلِ كِنْدَةٍ
وَمِمَّنْ تَلا هَمْدَانَ مِنْ آلِ حَاشِدِ
وَمِنْ مِذْحَجٍ مِنْ آلِ جَهْمٍ وَيَافِعٍ
وَمِنْ بَاعَقِيلٍ مِنْ بَكِيلٍ وَغَامِدِ
رِجَالٌ أَثَابُوا الحَمْدَ مِنْ كَفِّ مُمْلِقٍ
وَحَسْبُ غَنِيَّ النَّفْسِ نَيلُ المَحَامِدِ
سُرَاةً دُعَاةَ العَدْلِ فِي كُلِّ مَحْفَلٍ
بِمُنْجَرِدٍ فِي الحَقِّ قَيْدِ الأَوَابِدِ
فَكُلُّ هُمَامٍ فِيهُمُ غَيرُ سَادِرٍ
وَغَيرُ ضَنِينٍ بِالنَّدَى غَيرُ قَاعِدِ
نُهَاهُمْ نُجُومٌ لِلأَقَارِبِ فِي السُّرَى
وَكَفُّ نَدَاهُمْ مَوْئِلٌ لِلأَبَاعِدِ
لَهُمْ فِي طُرُوسِ الدَّهْرِ قِنْطَارُ حِكْمَةٍ
وَفِي قَصْعَةِ الإِحْسَانِ نُجْعَةُ زَاهِدِ
إِذَا جَلَّ خَطْبٌ جَالَ بِالحَزْمِ رَأْيُهُمْ
وَإِنْ حَلَّ حَزْبٌ حَالَ عَزْمُ المَكَابِدِ
يَهُبُّونَ كَالِإعْصَارِ فِي وَجْهِ جَائِرٍ
وَيَقْتَبِسُونَ النُّورَ مِنْ وَهْجِ جَائِدِ
فَيَا أَكْرَمَ الأَوطَانِ يَا يَمَنَ العُلَى
وَيَا قِبْلَةَ الإِنْسَانِ قَبْلَ المَحَاتِدِ
نُحِبُّكَ أَهْلًا مُسْتَهِلًّا وَمَوْطِنًا
سَعِيدًا عَتِيدًا دُرَّةً لِلقَلائِدِ
تُطِلُّ عَلَى مَاضٍ وَتَرْنُو إِلَى غَدٍ
وَتَسْعَى إِلَى العَلْيَاءِ سَعْيَ المُجَالِدِ
فَرَدْنَا عَلَى الدُّنْيَا جَنَاحَيْ يَمَامَةٍ
نُحَلِّقُ فَخْرًا عُصْبَةَ ابْنٍ وَوَالِدِ
وَشُدْنَا لَكَ الإِحْسَاسَ صَرْحًا مُمَرَّدًا
يُدِيمُ إِلَيهِ المَاسُ نَظْرَةَ حَاسِدِ
نُبَاهِي بِكَ الأَقْطَارَ إِيلَافَ رِحْلَةٍ
وَمِعْرَاجَ أَمْنٍ فِي شِتَاءِ الفَدَافِدِ
وَمَا زَلْتَ وَالأَيَّامُ قَفْرٌ مِنَ المُنَى
تُصَالِحُ لَأيًا فِي الزَّمَانِ المُعَانِدِ
تُجَدِّدُ مَا يَبْلَى مِنَ الرَّهْطِ بِالرِّضَا
وَتُنْجِدُ مَنْ يَنْسَاكَ عِنْدَ الشَّدَائِدِ
عَقِيدَةَ مَجْبُولٍ عَلَى البِّرِّ وَالهُدَى
وَمَا الرُّشْدُ إِلا فِي التِزَامِ العَقَائِدِ
فَعِشْ يَمَنَ الأَمْجَادِ حُرًّا مُوَحَّدًا
عَزِيزًا أَبِيًّا فِي جَمِيعِ المَحَافِدِ
وَدُمْ عَامِرًا بِالحُبِّ مِحْرَابَ رَحْمَةٍ
وَمَنْبَعَ خَيرٍ فِي المَدَى غَيرَ نَافِدِ