كانت قصيدة عزاء
عــزاء
كنا بالغربة وجاءه خبر وفاة أخيه وما مرت أشهر حتى جاءه خبر وفاة أخيه الآخر
نعي أتاك سرى على طول المـدى
فأثار جرحـا كامنـا فتمـردا
قالوا أخاك فقدت ضلعـا ثانيـا
ونديم إخلاص كـريم المحتــدا
جئنـا نواسيك الغداة لعلنــا
نأسوا ضرام شجونك المتوقـدا
* * *
جيل يزول يليـه جيل قد بـدا
هل في الوجود رأيت حيـّا خُلِّـدا
أنـّا لنمضى في الحيـاة فرائسـا
وطرائـدا متذ قد وجدنـا للردى
لكننـا نأسى لفقـــــــد أحبــــــــة
نلقى الحيـاة بغير صحبتهم سـدى
إن الوجـود بغـير خلٍّ مخلـص
مثل الخواء القفـر معدوم النـدى
كـم من عزيز لايطـاق فراقـه
قد يفتـدى لو أن ميْتـا يفتـدى
ومنعـم كالغصن حـلو وجهـه
في رونق البـدر التمام إذا بــدا
وصبيـة كملت مفــــاتن حسنهـــــا
كالوردة البيضاء يعلوهـا النـدى
صاروا وقد نزلت بهـم أقدارهـم
من بعد فورتـهـم رقـــــودا خـمـّـَــدا
كل لـه عنـــــد المنيــــــة موعـــــد
إن المنيـــــة لاتجـــــاوز موعــــــــدا
* * *
مابالنــــــــا نأسى لهـــــم ولربمــــــــا
فرحوا بمـا وهـب الإله وقلَّــــــدا
فبحلمـه وبجـــــــوده وبعفـــوه
منح الأمـان لمن أتـاه موحّــــــــدا
هذي هي الدنيـا وذاك نعيمهــــــا
كدر يخالطــــــه وليس مـؤكّــــــــدا
فلم التسابق كي نفـوز بـودهـــــــا
وكأننــــــا نجــــنى نعيمــــــــا سرمــدا
لم ندر مـاذا قد يجـيء بـه غـد
ونقول هذا سـوف نفعـله غـدا
إن الحيـاة كمثـل حلم عـارض
فـإذا أفقت أو انتبهـت تبـددا
ياصاح إن قرب المنون فأين كـدُّ
من استقــــــــام وأين لــــــذة من عــدا
لكن هـذا غير ذاك لدى الحسـاب
وفي الجزاء فمن تـراه قد اهتـدى
فاسلك سبيل الصالحين ولا تحـد
عندربهـم قدفـــــاز من بهـم اقتـدى
واترك شجونك جانبـا واقبـل
بماقسم الإله مسـلما كي تسعـدا
* * *
هـذا العزاء فهل يخفف مازكـى
بين الضلوع من الأسى وتجــددا
ما كنت أحسب أن حبك كامـن
ملء الفـــــــؤاد ممهـــــــدا وموطــَّــــــدا
حتى شعرت بحـرِّحزنك صـادرا
مترددا في خافقـي مثل الصـدى
وكذا الأحبـة إن جرح مصابهـم
يدمي المحب وإن بـدا متجــلدا
لوكان تقتسم الشجون أحبــة
جئنـاك نحمالهــــــــا رضــــــــا وتـوددا
رغـم الأسى تمضي بثغـرباسـم
وكذا سلوك من استقرَّ على الهـدى
إن المنـاقب لو تعـد معادنــا
لملكت أنت جمانهـا والعسجــدا