ما زِلْتُ أُبْحِرُ فِي هَواكِ مُغَاضِباً
*********************
يا سادتي .، مازلتُ أبحثُ عن وطَنْ
لا ظلمَ فيه ، ولا افْتراءَ ولا حَزَنْ
لا قَهْرَ يَكْسِرُ عِزَّتِي في ذِلَّةٍ
ويُذِيقُنِي طَعْمَ الْمَهانَةِ والْوَهَنْ
وطنٌ يَصونُ كَرامَتِي إِنْ أُهْدِرَتْ
بِيَدِ الزَّمانِ ، إذا أصابَتْني الْمِحَنْ
قَدْ كنتُ أَحْمَقَ في بلادي عندما
مجَّدْتُها تمجيدَ كافرَ للْوَثَنْ
وصَنَعْتُ منها في دمِي أُسطورةً
تَجْري بأوردتي إلى قلب الزَّمَنْ
وبِعِشْقِها ..، جادلتُ بعدُ مُفاخراً
أَهْلَ الْمَشارقِ والْمَغاربِ والْيَمَنْ
وكأنَّها جَنَّاتُ عَدْنٍ مَا رَأَتْ
عَيْنُ الْخَلِيقَةِ مِثْل ذَيَّاكَ الْوَطَنْ
أنا ما قَرَأْتُ جَريدةً أوْ زُرْتُها
أو قُلْتُ قَوْلاً في السِّياسَةِ مِنْ زَمَنْ
وقَصائدي ..، أدَّبْتُها فَتَأَدَّبَتْ
وتَجَنَّبَتْ أَمْرَ الْمُلوكِ ولَمْ تَخُنْ
وعَزَفْتُ عَمَّا أَجْرَمُوا وبِإِفْكِهِمْ
أسْمَوْهُ زُوراً بانْتِخابِ الْمُؤْتَمَنْ
حتَّى السُّؤالَ تَرَكْتُهُ طَوْعاً فَلَمْ
أَسْأَلْ بِمَاذا أوْ بِكَيْفَ ولا بِمَنْ
وظَنَنْتُ ظَنَّ السَّوْءِ فِيَّ إذا شَكَتْ
نَفْسي بلادي حين تَحْرِمُني السَّكَنْ
وأنا عَلى قَيْدِ الْحياةِ ومَيِّتٌ
لَمْ تُحْيِنِي .، كَلاَّ ، وأَهْدَتْني الْكَفَنْ
يا حَسْرتي لمَّا طَعِمْتُ بِحُضْنِها
مِنْ ثَدْيِها كُلَّ الْمَواجِعِ والشَّجَنْ
وكَرِهْتُ حِينئذٍ بِها أُمْثُولَةً
زَعَمَتْ بِأَنَّ الظَّنَّ مِنْ حُسْنِ الْفِطَنْ
يا حَسْرَتي لمَّا ارْتَمَيْتُ بِصَدْرِها
أرْجُو الْأَمانَ فَلَمْ أَجِدْهُ ولمْ يَكُنْ
وَرَمَتْ بِسَهْمِ الْخَوْفِ قَلْبِيَ فاشْتَهَى
هَجْرَ الْحَياةِ بأيِّ شَكْلٍ أوْ ثَمَنْ
وأَظَلُّ أَصْرُخُ يا بِلادِي مُذْ مَتَى
هذا الْجَفاءُ وأَنْتِ عِشْقُكِ لَمْ يَهُنْ
وبِمَنْ أَلُوذُ وَهَلْ لِغَيْرِكِ أَنْتَمِي ؟!!
وأنا ابْنُ بَطْنِكِ مِنْكِ أَنْتِ أَلْمْ أَكُنْ ؟!!
ما زِلْتُ أُبْحِرُ فِي هَواكِ مُغَاضِباً
نَفْسِي إذا أَدْمَتْ شَراعَكِ مِنْ دَخَنْ
وأَزِفُّ أَشْواقِي إلَيْكِ أَبُثُّها
عَبْرَ الْبِحارِ وفَوْقَ أَلْسِنَةِ السُّفُنْ
فَمَتَي يَحِنُّ عَلَيَّ ضرْعُكِ بَعْدَما
طالَ الْجَفافُ وَهَلْ سَيَسْقِيني اللَّبَنْ ؟!!
**************************
بقلمي
أحمـــ الجمل ـــد