|
أسرى بك الله يا طــــه بأنوارِ |
في عتمة الليل محفوفا بأقدارِ |
والليل يضرع والأملاك مسفرة |
والنور يفتح أسراراً بأســــرار |
وأنت دوما شفاء الروح إن عرضت |
هذي التراتيلُ في أفقي وأفكاري |
تنفك عن كاهلي الغيمات تلهمني |
تلك التسابيح في تجميع أشطاري |
سريتَ ليلاً وعين الله راعيةٌ |
لظل خطوك تمحو كل أكدار |
طه وتنمو بأرض القدس سنبلة |
وتنتشي صخرة المعراج بالساري |
ويَنْقُشُ المجدُ تاريخا بصفحتها |
كنقشِ هجرتهِ العظمىَ على الغارِ |
وكنت أنت أمامَ المرسلين وهم |
من عهد آدم خلفٌ كالندى الجاري |
وأنت تقرأ والآفاق خاشعةٌ |
وتزدهي ساحة الأقصى بِسُمَّار |
وترتقي سلم المعراج منطلقا |
من قبة الصخر محمولاً بأنور |
وتخرق الطبقات السبع متجها |
الى الحميد المجيد الخالق الباري |
لمالك الملك من أوفاك مكرمةً |
ومن ستلقاه عيناً دون أستار |
ومن حباكَ مقاماً فوق صفوتهِ |
ومن أحاطكَ في الأقصى بأبرار |
والقلب من هيبة اللقيا على وجل |
وكم مررت بآياتٍ وأقمار |
نحو المهيمن من أوحى وأنطقها |
رد السلام بإجلال وإكبار |
والروح من فرحةِ التكريم طائرةٌ |
مع الفضاء كأضواءٍ وأطيار |
تمرُّ من أفقٍ رحبٍ إلى أفقٍ |
كما يمرُّ السنا من غير إعسار |
أسرى بك الله يا طه وقد حَمَلتْ |
أرض الجزيرة أوزاراً بأوزار |
وذاق من وهجَ التعذيب من تبعوا |
خطاك حتى تشظوا بين أسفار |
فكان معراجكم يا سيدي فرجا |
لزمرة الحق يمحو كل أكدار |
وللطواغيت اعصاراً يزلزلهم |
وآية.. فيه إعذاراتُ إنذار |
فهل لذكراك فينا اليوم من فرج |
يا سيدي "إننا من نسلِ أنصار" |
وماء مزنك هطال بساحتنا |
لكننا نتلظىَّ بين أشـــرار |
إخواننا في ربوع الشام قد ذُبحوا |
ذبح النعاج وهذي بعض أخباري |
وفي مروج أراض النيل شرذمة |
عاثوا فسادا بإقلال وإكثار |
ماذا سأرويك يا طه وفي شفتي |
صمت وفي بدني ساطور جزار |
أوتاد شرذمةٍ تجثو على نغمي |
وبين قافيتي أحزان قيثاري |
أتنجلي غيمة التهويد من وطني |
وتنثني ظلمات الأفك من داري |
ما إن نثور على إعصار طاغية |
إلا ويدهمنا طغيان إعصار |
هزائمٌ وانتصاراتٌ تمر بنا |
كالغيث حينا وكالطوفان والنار |
تحوم حول روابي المجد ثورتنا |
فهل سيغلب جيش الإفك ثواري |
دوامة السفهِ المأفون دائرة |
بكأسِ خمرتها من كل خمار |
لتقتل القيم المثلى بأمتنا |
وتنشر الزور أطنانا بأغوار |
ومخلبُ الطمع المغرور متجه |
لينزع القوت من أفواه أبرار |
ويهلك الحرث لو تغفو بيارقنا |
والنسل والهمة العليا بأحرار |
يا سيد الرشد إنَّا معشر طمعت |
فينا الأعادي.. وهذي حكمةُ الباري |
غنائما قد غدونا في أكفهمُ |
وبعضنا بين سمسارٍ و غدَّار |
قد جندوا من بني عمي بيارقهم |
وألبسوا بعضهم شالي وأطماري |
وأحرقوا بدنانيرٍ ضمائرهم |
وكلفوهم قتالي دون إنـــذار |
كأنها خشب تلك السيوف غدت |
وما لنا لجمٌ في كف كرار |
متى توضتْ نفوس ُالمصلحين سمتْ |
بطاعة الله واستقوتْ بأذكار |
وأورق الخيرُ في أرجائها وهمى |
غيثٌ ليطفئ نار الحقد والثارِ |
فما يزال بنا في كل منعطف |
أشاوسٌ حفظوا أرضي وأسواري |
لله درُهمُ صاروا للحمتنا |
حصنا منيعا تحدى كل أخطار |
أبدانهم جسر حب مدّ أذرعه |
لضم وحدتنا الكبرى بإصرار |
كادت تمزقها أهواء من مكروا |
لكن فتيتنا كالغيث للنار |
صانوا بهمتهم تلك الربوع |
وقد ثاروا براكين تيار بتيار |
تنمو برابية الإيمان عزتهم |
وحول شوك القتاد المر أزهاري |
شبابنا كأسود الغاب لو زأروا |
يخور كل عُتلٍ طامع ضاري |
هذي كتائبنا تدعو لوحدتنا |
تحمي الحمى وتذود الغر عن داري |
ومن يروم بأزهار الربيع أذىً |
يبوء بالخزي والخذلان والعار |
ويح المزابل كم أذتْ بجيفتها |
طهارةً وتمَطَّتْ بين أطهـــار |
تود تمسح تاريخي ومعتقدي |
وكلما أقبلت باءت بإدبــــار |
تزيد في همم الأحرار.. رغبتهم |
على التدافع...أقدارا بأقدار |
تزيدُ في خافق الثوار.. حرصهمُ |
على التلاحم بين الجار والجار |
طه وقد برئت من كل آبقةٍ |
نفسي وخاف إبائي وصْمةَ العار |
متى سيكتمل البنيان في بلدي |
وتنهمي بروابي الجدب أمطاري |
متى سيأمن فلكي في مسيرته |
وتَرْدِمُ الهوةَ السوداءَ أحجاري |
متى سيبحر سلمي فوق زورقه |
في لجة الطهر يُردي كل جرار |
وينتهي القتل والتخريب من وطني |
ويبتدي فجر أبطالي وثواري |
متى يتم لنا البنيان.. جيرتنا |
والهادمون ببخسٍ دون أسعار |
متى الحنايا بصدقٍ تستقي حكما |
ويرضع الكون جناتي وأنهاري |
متى زوارق حرفي تنتشي طربا |
وترتــدي حلل التأثير أشعاري |
أين العزيمة في روحي تسافر بي |
الى مرافي أبي بكرٍ وعمارِ |
أنا يراعك يا تاريخ سر قدما |
حتى أجاريهمٌ في كل أدواري |
سيوفنا صدئت من طول هجعتنا |
متى تعانق كفي سيفها العاري |
يا أرض حمير لا ماءٌ ولا كلأٌ |
وهل ستدرك يوم النصر أدهاري |
معارك نشبت في كل رابيــــة |
فلا يُفَرَّقُ بين البائع الشــــاري |
أطماع سيدهم أرخى غريزته |
في كل شبر. سأمحو فيه أوزاري |
وها أنا اليوم أسعى كي ألقنه |
درسا عظيما.. وأردي كل جبـار |