ولي دونكم أهلون

فالأرض حبلى بالغلال
بالزرع بالماء الزلال
بالشعر بالسحر الحلال
وشريعة الأوثان والكهّان تحتكر القرار
والليل يفغر فاه يفترس النهار
وعلى الوجوه القاسيات كما الجدار
منقوشة بعض الأفاعي في صعود وانحدار
لغة التجاعيد التي في سرها نذر النهاية بالدمار
هي صفحة توحي لهم حتمية التاريخ والأقدار

السامري يقودها نحو النهاية الأفول
وبعجله المكذوب يحتنك العقول
يجتر من أسلافه ثقافة العجول
فرع يغالبه الحنين إلى الأصول
ويقول ثم يقول ثم يقول
في عصبة موثونة لا تعقل المعقول
حتى يصير القول دينا ثابتا مسطور
وعقيدة عجلية التفكير والشعور
من بعد آلاف العصور
من بعد آلاف الدهور
ومفاوضات البقرة الصفراء لا زالت تدور
ما لونها ؟ ما جنسها ؟
كم وزنها ؟ كم طولها ؟
من سوف يحضر ذبحها ؟
من سوف سيمنعه الإله من الحضور ؟

الدرب ينضح بالألوف بل القبور
الحاملات على المدى أوزارها نحو النشور
كفراشة مخمورة حول اللهيب تدور
قمرية حمقاء تبحث في الشباك عن البذور
زقومة سوداء تقتات الشرور
تلك الألوف بل القبور
عصفورة حمقاء ترقبها النسور
غجرية عمياء تبصر بالكهانة والبخور
عرافة تهذي بصوت كالفحيح:

هيا اهبطوا منها جميعا
يا أيها الأعراب يا خطأ الحضارة
يا أيها الأعراب يا أحفاد سالومي
وهناك في بعض الصخور
مكتوبة بعض السطور

بين الحقيقة والخيال
بين الإجابة والسؤال
زرعت يد الشيطان في تلك التلال
بالأمس مملكة الضلال

والأرض ما زالت تدور
وسدوم ما زالت تغذي بالشرور
أحفادها من بعد آلاف العصور
السبي والهلكست والتيه الجديد
وعقيدة الإلغاء والفكر المصفح بالحديد
فهناك في الأفق البعيد
ومن الوريد إلى الوريد
يستبدل التاريخ بالعهد الجديد
بالهيكل المزعوم والزيف الأكيد
فسدوم تتقن دائما دور الضحية
وتجيد كل فنون سحر الأبجدية

عبرو أجل عبروا وقامت كل آلهة الخراب
عبروا على أشلائنا واستوطنوا كل الروابي والهضاب
عبروا كطيف خلف أجنحة الضباب
والريح تعبث بالنجوم وبالسحاب
يتـقاطرون وفـوق كل ســـــحابة
داود ينفـث في مـــزامير الخراب
وعد تخلّق مــثل أحلام الــــكرى
وثمــاره وطن تقطّــــر من سراب
وسدوم مثل ســـدوم وهم زائف
أكذوبة قامــت على الإرهــــــاب
فالتـين والزيـتون يشـــمخ واقفا
وجــذوره تمـــتد في ذاك الـتراب

بغداد


قف بالمشانق حائرا مذهولا
أضحى الذبيح اليوم إسماعيلا

قدر تفور على الزمان دماؤها
تغشى الفرات ومأربا والنيلا

والباقيات على الزمان حناجر
تنعى بأرض الرافدين قتيلا



بغداد ....... وانشق القمر
في غفلة من ضعفنا
في لحظة من قهرنا
في لحظة من ذلنا
واندس في أعماقنا ذاك الوتر

بالأمس كان الموت هولاكو
يأتي من الشرق المدجج بالمجاعة والأساطير الحزينة
بالأمس كان الموت هولاكو
يأتي ليشرب من مآذننا وأجراس الكنائس كل أسباب السكينة
بالأمس كان الموت هولاكو
يأتي ليشرب كل أحياء المدينة
يأتي فيشرب ثم تشربه المدينة

بغداد ......... وانشق الغبار
وكأنما تلك الجنود
مطر سدومي السحائب والرعود
نار تسابق عزرائيل في محو الوجود
وكأنما تلك الجنود
نار تؤجج ذلك الأخدود
نيرون من بين الرماد يعود

تلك الجيوش العاويات كأنها ذئب جريح
جبل من الديدان يزحف نحو أيوب الكسيح
أفعى تراقص نغمة المزمار
الموت يطربها وأنات الضحايا وانفجارات الدمار