رقمي صفرٌ في المنفى!
أغمَضتْ الدُّنيا في عيني
رقماً رقما
تهربُ أرقامٌ للماضي
يرحلُ وطنٌ يسرق من جفني عينايَ
وذكرى
هذا الجسدُ غريبٌ
عني
جسدٌ لا يحملُ رقماً في منفىً ترسمهُ حدودُ
الكونْ
أرقامٌ ترحلُ في منفى يرسمُ أفقاً يصنعُ وطنناً في عينِ
الشمسْ
فأنا رقمٌ منفيٌ لا يحملُ
معنى
وأنا شبحُ يرسمُ حلماً يسرقُ أعماراً من
غفلةْ
ترحلُ آمالٌ في الماضي كانتْ
وطنا
قلمي وطنٌ في كفٍّ يدي، ودموعي حبرٌ في سفرٍ فاسودَّت صفحاتُ
الأيامْ
والمستقبلُ يهربُ من قلبٍ
كبّله الموتُ الجاثمُ في الحاضرِ
في صدري
شاخَ العمرُ فغنّتْ أحزانٌ في أُذُني:
رقمي صفرٌ في المنفى
فلتسقطْ كلُّ
الأرقامْ
والجرح ُبليغٌ لا يشفى يتحدى بي كلَّ
الأوهامْ
قتلوك صبياً في صبرا
وشاتيلا تجثمُ تحتَ
ركامْ
كلُّ الأرقام أُصفّرها
فزنادي لغمٌ منفجرٌ تحتَ
الإبهامْ
أتريدُ لنا ناراً تهدا
والدارُ يساكنُها
الأغرابْ
والطفلُ ذبيحٌ قيدَ المهدِ وعانى قضماتِ السِّكين
قتلوكَ صبياً في صبرا
ونسيتُك عُذراً
ديرْ ياسينْ
رقمي صفرٌ في المنفى
فلتسقطْ كلُّ الأرقامْ
أتريُد لنا ناراً تهدا
والموتُ يُقيمُ على الأبوابِ
دُجى
وبلادي رسمَ السكينُ على غدها لوحاتٍ ألوانَ
دماءْ
رقصَ الطاغوتُ على حُلمي في آخرِ
ليلْ
كجرادٍ أرقصَ أوراقاً خضراءَ على الأغصانِ حبالَ
الموتْ
وسهولي يغصِبُها الطوفان ُ بساحِ الصَّلبِ فلا
تهربْ
كصلاتي عندَ حدودِ العمرِ
تنادي الفجرَ فلا
يأتي
وصيامي قبلَ وصولِ العيدِ فلا
يفرحْ
أبحثُ عن أُفقٍ عربيٍ كي أسكنَ فيهِ لكي
أفرحْ؟
رقمي صفرٌ في المنفى سفرٌ في دربِ الآلامِ فلا
يكبرْ
أتريدُ لنا أنْ نرحلَ بعدْ؟
أحرقُ عتمَ الليلِ الباردِ كي أتدفأَ في شوقِ النارِ وشوكِ
البردْ
أرحلُ شوقا نحو الفجرِ لشمسٍ يشعلها التنورُ بآهاتِ
الصدرْ
يلسعني لفحُ الحسراتِ بسوطِ الآهِ وبردِ
العتمةْ
لسلاحٍ في كفّي أفقاً لا يتثلم حدُّه
يوماً يوما
و فلسطينُ شراعٌ في بحرٍ أمخرُ فيه بلا
شطآنْ
وأنا ربّانٌ يفقدُ بوصلةً في بحرِ
ضَياعْ
ورُموشُ عيونِ الأفقِ تجمِّلُ أجفاني وصلاً لرموشِ
الشمسْ
فتسمَّرَ فيَّ الصّاري بقميصٍ من دُبُرٍ قدَّ شبابَ
هروبْ
يبحثُ عن أُفقٍ يرحلُ بي صوبَ
الأقصى
أطرقُ باباً يفتحُ لي بابَ الجبِّ فألقى مصرَ تمدُّ إليَّ شروقَ الشمسِ
يدا
أمٌّ تبحثُ عن طفلٍ ضيَّعهُ ليلُ
أُخوَّةْ
أمٌّ درَّ الثّديُ لديها إذ نادى الطفلُ بعامِ
الذَّبحْ
أبحثُ عن رقمٍ أصنعُهُ
سيفاً
عن سيفٍ يرسمُني
وَطنا
رقمي صفرٌ في المنفى فلتسقطْ كلُّ
الأرقامْ
قتلوك صبياً في صبرا، وشاتيلا قبرٌ تحتَ
ركامْ
حتى أيامي الحلوةُ في الماضي
صارت أصفاراً
الذِّكرى
فبكى طفلٌ في المنفى جوفَ
عيوني
وفتاةٌ مذْ أحببتُ عيوناً دفنت أغنيةً ذاتَ غروبٍ
في لعبةِ عيدانٍ
وقماشْ
نسجتْ أحلاماً قربَ البئرِ فسقطَ الدّلوُ وغار
الماءْ
شاخَ السِّكينُ على صدأِ
النِّسيانْ
فدمي يشهدُ مذبحةً وضميرٌ نامَ على غفواتِ التاريخِ بلا
وجدانْ
وشكا شيخٌ ألمَ الظهرِ وألمَ العمرِ بثقلِ
النكبةْ
قد بردَ الطابونُ على خبزي فيقدِّمني عبدُ العجلِ ذبيحاً
للأغرابْ
هل يشكو التاريخُ بكاءَ الذَّبحِ لشعبٍ
أعزل؟
فليرقصْ تاريخٌ أعرجُ في مزمارٍ أخرسَ فرحاً
أعمى
سيجيء الفرحُ الغامرُ بعدي في زحفِ مدارٍ
ونهارْ
سيجيءُ الفرحُ العائدُ لغدي وغدي شمسُ
نهارْ:
رقمي صفرٌ في المنفى
فلتسقطْ كل ُّالأرقامْ
لكني صفرٌ عربيٌ يلغي بالضربِ قُوى
الأرقامْ
لكنِّي صقرٌ عربيٌّ يمضي عزمي فوقَ
الإجرامْ
طارتْ للقدسِ تحيّاتي ناراً كالبردِ بلونِ
الوردْ
وسلاماً تشرقُ يا أقصى عربيَ الصّوتِ قويَ
الرعدْ
وسلاماً تشرقُ يا أقصى عهداً عربياً قسمَ
العهدْ
سنعيدُ لوجهكَ يا أقصى ذهبَ الإشراقِ وذهبَ
المجدْ