|
باحَ البيانُ بـما في النـفسِ من ألَـمِ |
فراحَ يُـنْشِدُ شِـعْراً دامِـيَ الكَـلِمِ |
عن نبح كَلْب عقورٍ هاج مُنْكَلباً |
على نبي الهـدى ذي القدْرِ والشِّـيَمِ |
ذاك الذي ضـاءت الدنـيا بـطلعته |
وفاض نوراً على من كان في الظُّـلَم |
مثـلَ النجـومِ كمصباح له ألـَقٌ |
يُهدى بـه شارد فـي حـالكٍ بَـهِمِ |
هو الـذي نوَّر الأكوانَ مَبْـسَـمُهُ |
ذو الحـوضِ والأمَّـةِ السمحاءِ والقَلَمِ |
في حـوضه مَـدَدٌ يـُروي به ظـمِئٌ |
قرآنه منزلٌ مِنْ بـارئ النَّـسـَم |
هُوَ الذي ازدانـت الدنـيا بسـيـرتـه |
واكتظت الأرض ألـواناً من النِّـعَـم |
تبـدو فضـائلُه مـن جُـوده نـَهَراً |
يفيض فيضاً لأهل الكـونِ كُـلِّـهم |
فـي مُهْـجةٍ نبتت فيـها مَحَـبَّتُـه |
فاستغلـظَتْ ونَمَتْ غيظأ لذي الجُرُم |
ما أروعَ الـحُبَّ ينبوعاً بـماء هدى |
يسقي القلوب بماء الزهر والديم |
في مدحه شرَف يـزدادُ في عظَمٍ |
حُبـَّاً بروحِ حـبيبِ الله ذي الكرم |
لما تدانت بِقَـاعُ الأرض وانتـشرت |
آي الكـتابِ هُـدى من رِفْعَة الهمم |
ثارتْ حفيظة أهل الحقد من سَفَهٍ |
والغِـلُّ بركانهم يغلي من السَّخَم |
ثاروا زوابعَ كيْ تُـؤذي كـرامته |
لكـنها نفخت في جثة الرمم |
فـي فِـتْنَةٍ سـقَـطوا فـيها نـهايتهم |
في قـلبـهم نَكْتَـةٌ سـوداءُ كالفَـحَمٍ |
من غيظه حاقد أعمى بصـائرهم |
هاموا بوجـدانهم في غمـرةِ النِّـقَـمِ |
بِـئْستْ معيشـتهُم من غلِّهم مُسخوا |
ضباع دنـيا من الأنجاس من عجم |
في حقدهم نَتَـنٌ ثارت روائحه |
والأنف من ريحهم يشكو منَ الخَشم |
رأوا بلاد التقى عن دينها ابتعدت |
أضحت بلا هيبة منزوعة القيمِ |
صاروا بلا هدف دنيا تكبلهم |
في الذلة انغمروا رأساً مع الحشَمِ |
ظنُّـوا الشعوبَ قدْ انـهارت قواعدها |
باسم التحَرّر راموا النيلَ من شَـهِمِ |
هذا العدوُّ لنا يبغي إهانتنا |
سَـّلوا سيوفهمُ سيلاً من التُّـهَـم |
ماذا ترومُ مِنَ الأوغـادِ مَـنْ بَشِمُـوا |
مِـنَ الخنـازيرِ والأجيـافِ منْ قَرَمِ |
في لوحة ظهرت تبدي نذالتهم |
ناراً مؤججة تشتد بالحُطَم |
تشويهُ مَفْخرة زيفٌ به انفضحوا |
أبدوا بِعِلَّتهم ضرباً من السقم |
فإنما رسموا شكلاً لصورتهم |
سوداء فاحمة تكتظ بالِحمَمِ |
قَـدْ أسقَطَوا صورة الإرهـابِ في خَبَث |
على رسولِ الـهُدى مِـنْ نقمةٍ بِهمِ |
لم يبـلـغوا مـنه بَـلْ زادوهُ تكـرمة |
على الزمان وتـقديـراً لـدى الأمَـمِ |
مثـل السـماءِ إذا رامَ انتـقـاصـَتَها |
ذوو النعـيبِ مِـن الغِرْبَانِ والرَّخَـمِ |
إرهـابُـهم فاضح سيفٌ يسيل دماً |
يجري من الشـهداء الشُّـم فـي شَـمَمٍ |
يـجري طَـهوراً يفوحُ المسكُ منه شذا |
أُسْدٌ تـنادي فِـداءً سيِّـدَ الحَـرَمِ |
والمـرءُ إنْ يُـبتـلى فـي الدِّين معدنه |
تَظْهَرْ حقيقتُـهُ إنْ كـان مـِنْ خَـدَمٍ |
أو كـان ذا قِيـَمٍ تبـدو مَـعـالـمه |
شَتَّـانَ بين التُّـقى والسَّـافلِ الأثِـمِ |
إن كان ما رَسَـموا جـهلاً بـمنبـِتـه |
فليسألوا الكونَ عن هـادٍ لذي النِّـعَـمِ |
أمّا إذا كـانَ ما خَـطُّـوه مَـكْيَـدَةً |
فالنارُ مـثوى لهم والرَّكْلُ بالقدم |
مُوتُوا بغيْـظكمُ ما قُلْـتمُ لَـغَـطٌ |
حـبُّ الحـبيبِ مزيج الودِّ بالأدَمِ |
ورد يكلله في الطهر منبته |
سجوده خالص لله لا الصّنمِ |
الآن قـد عَرَفُـوا أنَّ الـدُّنا نَـهَضَتْ |
تـفـديه أرواحَـها مَـخـضوبَـةً بدَمِ |
وبـعْدَما خَشِمُوا من وخْزِ ريـحَـتِهم |
صـاروا يدارونـنا من خَوْفِ مُنْتَـقِمِ |
يا ربِّ نـصراً بـهِ نَـجْـتَازُ مِـحْنتنا |
أنت القـديرُ على فَـتحٍ لِمُضْـطَـرِمِ |