أحدث المشاركات
النتائج 1 إلى 2 من 2

الموضوع: القدس .. ذكرنا يا رمضان

  1. #1
    الصورة الرمزية هشام النجار أديب
    تاريخ التسجيل : May 2013
    المشاركات : 959
    المواضيع : 359
    الردود : 959
    المعدل اليومي : 0.24

    افتراضي القدس .. ذكرنا يا رمضان

    جاء في أحد نصوص "العهدة العمرية" تلك الوثيقة التاريخية التي أعطاها عمر بن الخطاب رضي الله عنه لنصارى القدس عبارة:

    "ألا يساكنهم فيها اليهود"!!

    شرط اشترطه عمر عليهم، وعهد أخذه على نفسه بأن تكون مدينة الأنبياء التي أوصى إبراهيم واسحق عليهما السلام أن يدفنا فيها، والتي تاب الله فيها على داود وسليمان، وسخر فيها لداود الطير والجبال، وكلم فيها موسى، وبشر زكريا ويحيى، وفيها ولد عيسى عليهم جميعاً الصلاة والسلام؛ أن تكون خالية من اليهود الذين خانوا العهد وأساءوا لهؤلاء الأنبياء جميعاً وآذوهم وطعنوا في سيرتهم وحرفوا كتبهم وشوهوا تاريخهم.

    وهذا العهد التزم به المسلمون وتوارثوا المسئولية عنه جيلا بعد جيل، واليوم بعد أن استولى اليهود على المدينة المقدسة وطردوا أهلها منها، وغيروا معالمها، ومحوا تراثها، وطمسوا هويتها، واتخذوها عاصمة أبدية لهم!!

    اليوم بعد اغتصابهم للمسجد الأقصى وسعيهم الدءوب لهدمه لبناء الهيكل الثالث المزعوم مكانه.

    ترى هل يتحمل المسلمون اليوم مسئوليتهم تجاه مسجدهم ومدينتهم؟

    ترى هل يتحركون لإنقاذ مدينة الأنبياء عليهم الصلاة والسلام، ومسرى نبيهم الكريم قبل فوات الأوان؟

    سعى اليهود الدءوب لتهويد القدس وتبديل معالمها ومحو هويتها، في مقابل حيرتنا ونومنا الطويل وغفلتنا وانقساماتنا وفرقتنا ينذر بكوارث لا يعلم توابعها وتداعياتها إلا الله تعالى.

    وفى رمضان نتذكر سويا يوما من أيامه المشهودة عله يحرك فينا شيئاً، ولعل الذكرى تنفعنا؛ فنحن أول المعنيين بالأمر وأول المطالبين بنصرة مقدساتنا، ونحن أيضا ً أول من ستصيبهم الذلة والهوان والانكسار والضياع، إذا حدث ونجح اليهود في تنفيذ كل ما خططوا له على أرض القدس.

    فلنستمع سوياً ولنتأمل فيما يرويه التاريخ:

    بعد موقعة اليرموك الشهيرة التي انتصر فيها المسلمون انتصارا باهراً على الروم، وبعد فتح مدينة دمشق، يأمر خليفة المسلمين عمر بن الخطاب رضي الله عنه قائده المنتصر أبا عبيدة بن الجراح بأن يتوجه بالمسلمين نحو القدس؛ وذلك لنيل شرف فتح المدينة المقدسة.

    وكان كثير من الروم قد فروا إلى بيت المقدس وعلى رأسهم "الأرطبون" بعد الهزيمة القاسية التي لحقت بهم في معركة "أجنادين" التي انتصر فيها المسلمون انتصارا لا يقل أهمية عن انتصارهم في اليرموك.

    تقدم عمرو بن العاص بجيشه، ثم تبعه جيش أبى عبيدة بن الجراح الذي قسمه إلى كتائب؛ كل كتيبة تضم خمسة آلاف جندي، ويفصل بين كل كتيبة والأخرى مسيرة يوم واحد، وكان ذلك في بداية فصل الشتاء.

    وجه قائد الجيش أبو عبيدة بن الجراح رضي الله عنه رسالة إلى أهل القدس، خيرهم فيها بين الدخول في الإسلام، أو دفع الجزية، أو القتال، فرفض بطريرك القدس (صفرونيوس) الإسلام ورفض دفع الجزية، وتحصن بالمدينة ظنا منه أن المسلمين لن يستطيعوا تحمل برد القدس الشديد، وانتظارا لصحوة رومية تنقذ المدينة التي تمثل أهمية بالغة لدى الروم النصارى.

    ولكن خاب أمله؛ فبعد أربعة أشهر من الحصار لم يأت لنجدته أحد، ولم يرسل إليه أحد شيئاً من الإمدادات والمعونات، وصبر المسلمون رغم المشقة والعنت الذي لاقوه، وتحملوا برد القدس القارس وأمطارها الغزيرة، وظلوا على حصار المدينة إلى أن يقضى الله أمرا كان مفعولاً.

    ولما رأى أهل المدينة أنهم لا طاقة لهم ولا مقدرة على تحمل الحصار، طلبوا من البطريرك الصلح مع المسلمين، فأجابهم لذلك، فعرض التسليم والصلح على أبى عبيدة، ولكنه اشترط أن يحضر خليفة المسلمين بنفسه ليتسلم المدينة، وذلك لما كان يسمعه عن عمر بن الخطاب من صفات الوفاء والعدل، فأرسل أبو عبيدة إلى خليفة المسلمين يشرح له ما قاساه المسلمون من البرد الشديد والمشقة، وما قاساه أهل القدس من الحصار الطويل، ثم عرض عليه ما توصل إليه الطرفان، والشرط الذي اشترطه بطريرك المدينة .

    ذهب رسول أبى عبيدة يرافقه وفد من أهل القدس، أرسلهم (صفرونيوس)، وراح الرسول يبحث عن الخليفة وسط دهشة وفد النصارى، حتى وجده أخيرا مستلقيا من الحر، وعجب وفد النصارى؛ كيف أن حاكم المسلمين الذين انتصروا على الروم والفرس ليس له قصر ولا حراس ولا حجاب، وعجبوا من بساطته وتواضعه؛ فقد جلس رسول أبى عبيدة بجانبه على الأرض يبلغه سلام قائد الجيش ويشرح له أحوال المسلمين، وينتظر منه القرار الأخير!

    قرر خليفة المسلمين أن يتحمل مشاق السفر، وأن يذهب بنفسه من المدينة المنورة الى القدس حقنا للدماء ، وتعظيما للمدينة المقدسة وإجلالا لشأنها.

    ويخرج الخليفة فى موكب متواضع بسيط، يصطحب خادمه وبعض الصحابة منهم عبادة بن الصامت والزبير بن العوام والعباس بن عبد المطلب.

    ويصل عمر راكبا بعيره الأحمر إلى مشارف بلاد الشام، ويستقبله المسلمون وعلى رأسهم أبو عبيدة، فيقبل أبو عبيدة على خليفة المسلمين محاولا ً تقبيل يده، فيحاول عمر تقبيل يد أبى عبيدة، فيكف أبو عبيدة ؟، فيكف عمر؟ ، فيتعانقا!

    وعندما رأى المسلمون بساطة موكب الخليفة قدموا لعمر " برذونا " وثيابا بيضاء ليكون مظهره مهيبا ، فرفض عمر الثياب ، وركب البرذون ، فهملج به "البرذون" ، فنزل عنه ، وعاد إلى بعيره ، وقال: "لقد غيرني هذا حتى كدت أتغير وأنسى نفسي"!

    ومن شدة تواضع الخليفة وسمو نفسه ، ما يروى أنه كان يتعاقب هو وخادمه الركوب، فعرضت له مخاضة (وحل)، فطلب منه الخادم أن ينزله ليركب هو، فرفض عمر رضي الله عنه ، وخاض هو بقدميه بعد أن نزع حذاءه، فقال له أبو عبيدة:

    "لقد صنعت اليوم صنعا عظيما عند أهل الأرض"

    فصك عمر أبا عبيدة في صدره قائلا ً: "يا أبا عبيدة إنكم كنتم أذل الناس وأحقر الناس وأقل الناس ، فأعزكم الله بالإسلام".

    وعندما اقترب عمر بموكبه المتواضع من القدس، ورآه أهل المدينة على هيئته ماشيا وخادمه راكب فأكبروه وسجدوا له، فقال :

    "لا تسجدوا للبشر واسجدوا لله وحده".

    وتعجب القسيسون والرهبان وقالوا:

    "والله ما رأينا أحدا قط أشبه بالحواريين من هذا الرجل".

    واستقبل أهل القدس خليفة المسلمين وكان ذلك في شهر رمضان سنة 15هجرية ، وخرج صفرونيوس ومعه الرهبان ووجوه النصارى وكبار الأساقفة ومعهم صلبانهم، واستقبلوه على جبل الزيتون، فكتب لهم عمر رضى الله عنه الوثيقة التاريخية الشهيرة بالعهدة العمرية، يؤمنهم فيها على دمائهم وأموالهم وكنائسهم ، وجاء فيها كما ورد في نص اليعقوبى:

    "بسم الله الرحمن الرحيم .. هذا ما كتبه عمر بن الخطاب لأهل بيت المقدس: إنكم آمنون على دمائكم وأموالكم وكنائسكم، لا تسكن ولا تخرب إلا أن تحدثوا حدثاً عاماً، وأشهد على ذلك شهوداً".

    ثم بعد ذلك دخل يرافقه قادة المسلمين وأربعة آلاف جندي لا يحملون إلا السيوف في أغمادها خوفاً من الغدر، فزار كنيسة القيامة، ورفض الصلاة فيها، وصلى على مقربة منها خشية أن يطالب بها المسلمون من بعده!

    ثم طلب من صفرونيوس أن يدله على مسجد داود عليه السلام الذي أسرى بالرسول (صلى الله عليه وسلم) إليه حيث صلى فيه وعرج به إلى السماء، فطاف به صفرونيوس على عدة أماكن، وعمر ينظر إليها ثم ينكرها لمخالفتها الوصف الذي وصفه لهم رسول الله (صلى الله عليه وسلم)، فلما وصل به إلى ساحة الأقصى ، وكانت مليئة بالزبل، نظر عمر يمينا وشمالا ، ثم كبر قائلا ً:

    " هذا والله مسجد داود عليه السلام الذي وصفه لنا رسول الله".

    فأزال عمر والمسلمون الزبل عن المكان ثم صلى فيه .

    ثم سأل عمر بن الخطاب كعب الأحبار - وكان يهوديا وأسلم - : يا أبا اسحق ، أتعرف موضع الصخرة ؟

    فقال كعب: اذرع من الحائط الذي يلي وادي جهنم كذا وكذا ذراعاً، ثم احفر فانك تجدهاً.

    وعندما حفر عمر ومن معه ظهرت الصخرة، ثم سأله: "أين ترى نجعل المسجد؟"، فقال كعب: اجعله خلف الصخرة، فتجتمع القبلتان، قبلة موسى عليه السلام وقبلة محمد صلى الله عليه وسلم.

    فقال عمر: لقد ضاهيت اليهودية يا أبا اسحق؛ خير المساجد مقدمها، فنجعل قبلته صدره كما جعل رسول الله قبلة مساجدنا صدورها".

    مكانة القدس الشريفة والمسجد الأقصى لدى المسلمين:

    للقدس مكانة خاصة لدى المسلمين ؛ فلا عجب أن يسير خليفة المسلمين إليها بنفسه ليتسلمها، ولا عجب أن يتحمل المسلمون من أجلها المشقة والعنت والبرد القارس والأمطار الغزيرة، ولا عجب من أن يحاصروها بالشهور بل بالسنوات ويقدمون لأجلها الدماء والشهداء وما عز من التضحيات.

    فالقدس ترتبط قدسيتها بمكة المكرمة، والأقصى بالمسجد الحرام؛ فإذا كان إبراهيم الخليل عليه السلام قد رفع قواعد البيت بمكة، فإن جسده الشريف يرقد في الخليل على مقربة من القدس، وإذا كان المسلمون يتجهون في صلاتهم إلى المسجد الحرام ، فأنهم لا ينسون أبدا قبلتهم الأولى التي ربط الله عز وجل بينها وبين القبلة الثانية بحدث تاريخي جليل، فيه كثير من المعاني والإيحاءات التي لا تخفى على أحد وهو حادث الإسراء: " سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلاً مِّنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آيَاتِنَا إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ".

    بالأخلاق نفتح القلوب:

    عندما استقبل صفرونيوس بطريرك القدس عمر بن الخطاب رضي الله عنه، ووجده على تلك الصفة من التواضع والبساطة والرحمة والرأفة والعدل ، بكى وقال: "إن دولتكم باقية على الدهر، فدولة الظلم ساعة ودولة العدل الى قيام الساعة "

    كان لأخلاق المسلمين، وأخلاق قادتهم وتواضعهم ورحمتهم وعدلهم ووفائهم بعهودهم، كان لهذه الأخلاق الفضل الأول في انتشار الإسلام في ربوع الأرض، فهاهم أهل الشام عموما وأهل القدس خاصة عندما خالطوا المسلمين ورأوا خليفتهم الذي شبهوه بحواريي عيسى عليه السلام.

    هاهم يتحولون إلى الإسلام بكامل إرادتهم، ليصبح معظم أهل القدس مسلمين بعد فتح مدينتهم بسنوات قليلة

  2. #2
    مشرفة عامة
    أديبة

    تاريخ التسجيل : Aug 2012
    المشاركات : 21,124
    المواضيع : 317
    الردود : 21124
    المعدل اليومي : 4.94

    افتراضي

    لأنها القدس .. ولأنه المسجد الاقصى المبارك

    لأنه أولى القبلتين .. وثالث الحرمين الشريفين ..

    بقلوب مؤمنة وصافية ومنكسرة لله عز وجل ندعو:
    اللهم انصر المسجد الاقصى ودمر اليهود الغاصبين المجرمين يالله

    اللهم احفظ المسجد الاقصى واعده الى المسلمين وهىء له جندك

    المخلصين يالله ..

    اللهم احفظ فلسطين واهل فلسطين والقدس واهل القدس

    والاقصى واهل الاقصى واربط على قلوبهم وثبتهم

    يارب العالمين اللهم عليك ببنى صهيون انهم لا يعجزونك ,, اللهم شتت جمعهم

    وفرق بينهم واقطع نسلهم وخذهم اخذ عزيز مقتدر

    يالله
    أحسنت القول أيها الأخ الكريم
    وقراءتك للماضي والحاضر راقية ذكية
    ما أروع وأجمل اختياراتك
    تقديري الكبير ـ دمت بكل خير.

المواضيع المتشابهه

  1. يَا غَزَّةُ يَا غَضَبَ اللَّهِ هُبِّي هُبِّي
    بواسطة سالم العلوي في المنتدى فِي مِحْرَابِ الشِّعْرِ
    مشاركات: 22
    آخر مشاركة: 24-10-2023, 03:14 PM
  2. ياَ فَتَاةْ العِشقِْ .. ياَ مَلِيـِحْةْ . .
    بواسطة ياسر مصطفي في المنتدى فِي مِحْرَابِ الشِّعْرِ
    مشاركات: 4
    آخر مشاركة: 22-10-2014, 02:35 PM
  3. إما القدس ..إما القدس .قصيدة شعر .
    بواسطة عبدالغني خلف الله في المنتدى مُخْتَارَاتٌ شِعْرِيَّةٌ
    مشاركات: 5
    آخر مشاركة: 31-07-2011, 12:49 AM
  4. يَا مِصْرُ يَا فَخْرَ العَرَبْ ( بمناسبة فوز مصر بكأس إفريقيا )
    بواسطة محمد سمير السحار في المنتدى فِي مِحْرَابِ الشِّعْرِ
    مشاركات: 12
    آخر مشاركة: 28-06-2008, 02:50 PM
  5. مضى رمضان.. فاجعل عامك كله رمضان ....!!!
    بواسطة ابو دعاء في المنتدى الحِوَارُ الإِسْلامِي
    مشاركات: 4
    آخر مشاركة: 07-11-2005, 11:54 PM