|
سَلي جفنَه المقروحَ يا أُمُ هل اغضى |
وفي جنبِه المجروحِ سيفٌ ولا أمضى |
وعيناكِ نجماه اللذانِ تألّقا |
إذا ما نجومُ الليلِ قد أسبلت غمضا |
أيا وطنًا ما زال حُلمًا يُقضُّني |
ببيداءِ أشتاتي وأنعمْ به قَضّا |
فإن منعوا المشتاقَ أن يجتليْ أرضا |
فمَن يمنعُ الخفاقَ عن حبِّها نبضا؟ |
يهيمُ بقيعانِ السرابِ مُطارَدًا |
وكلُّ صدى الدنيا على حلقِه انقضّا |
يغوصُ من الأشواقِ في ذكرياتِه |
فيا مستجيرًا من لظى الشوقِ بالرمضا |
تمدُّ شعاعًا للشغافِ يشدُني |
يُحلّقُ بي حلْمًا ويطرحُني أرضا |
رضينا بكأسٍ بالوصابِ تشعشعتْ |
ودنياك ليست دونما صِرفةٍ ترضى |
هـــــو الـيــتــمُ لا أُمًـــــا فـــقـــدتَ ولا أبًــــــا |
ولـكــنْ ديارًا لم يزلْ بِرُّها فَرضــــا |
تقاذفُني الأقطارُ لهوَ عواصفٍ |
وترفضُني وحدي مرافئُها رفضا |
ذوو رحِمٍ برّوا أخاهم بقطعِها |
فللهِ أرحامٌ نفى بعضُها بعضا |
أبيتُ على الأسلاكِ مُلقىً كمجرمٍ |
ومَن شاء غيري يفرشُ السهلَ والربضا |
"وظلمُ ذوي القربى أشدُّ مضاضةً.." |
كأن فراقَ الدارِ لم يكْفِه مَضّا |
وكلُّهمُ قد أنشبوا فيَّ مخلبًا |
وكلُّهمُ عضّوا على عنُقي عضّا |
وهم مَن أضاعوني بأولِ نكبةٍ |
وثانيةٍ إذ جمعُهم عنيَ انفضّا |
ولو تركوني دون كيدِ تآمرٍ |
لأبرمتُ راياتي التي خرّقوا نقضا |
كأنك مجذومٌ يفرّونَ عنك؛بل |
لأنت نطاسيٌّ وكلُّهمُ مرضى |
كأنك عبدٌ يكرهونَ لِقاهُ؛بل |
همُ وأنا حرٌّ لذا أمعنوا بُغضا |
كأنك أشقاهم ووحدك معدمٌ |
فرُبَّ غدٍ تمشي على راحِه خفضا |
غدًا ستراهم في بلاطِك سُجّدًا |
ويُبصرُ مِن مَسِّ القميصِ مَنِ ابيضّا |
على زورقِ الأحلامِ جدّفتُ ساريًا |
بيَ الشوقُ يُزجيني فأسبقُه ركضا |
وهذا فتاكِ الكهلُ يُولَدُ ثانيًا |
ليفترَّ مِن طَلِّ اللقا عودُه غضّا |
دعي حبلَه السُّريَّ؛لا تقرضي العُرى |
فإن شقائي كان أولُه قرضا |
خرجتُ كما الموتى بجثمانِ لاجئٍ |
فهيا انفخي في شلوِه ينتفضْ نفضا |