[غدت لغة العرب بحرفها المتميز والرشيق بعد غمرتها لقرون خلت , جاء القرآن لينقلها من الغمرة إلى الشهرة في غضون سنوات قليلة , دوت في مشارق الأرض ومغاربها , وأصبحت إحدى الخمس لغات الأشهر التي تلهج بها الألسن حول العالم , إن عالمنا العربي الذي مازال في أخرة الصف , العالم الأول يترقى في سلم المكتبة العربية والإسلامية ,فإذا ما صار يرفل في مساحات الثقافة والحضارة , التي كانت يوماً بين أحضاننا بل هي نتاج وجداننا وثمرة العقول التي قادت العربية إلى مرفأٍ آمنٍ بعيداً عن مسقط رأسها , في أقطار متباعدة , منحها الإسلام الحظوة في أن يعتنقوه مع لغته العربية , صعودٌ فصعود ثم وقعة ابيضّ لها جبين الصغير وانتهى الوقت المحدد الذي رزحت فيها الأمة بالتنعم الحضاري والعلمي والسيادة الموزونة بميزان العدل والحق فوق العالم الآخر الذي كان في ليله المظلم , رحلت الوفود لتعود إلى بلدانها مستنيرة بزاد العلوم العربية إلى أوروبا , أوربة التي لم تكتفي بسقوطنا بل تنجح وتكرر ذلك النجاح , في تدمير كلّ ما تبقى بين أيدينا وفي حاضرنا بل وأيضاً حتى مستقبلنا , احتلال من نوع آخر يحلّ في الفكر والعقل لا يعرف سوى الأم التي ارتضع لبنها , وجرى في مجاريها الحضارية تكسب أبناءً جدد , لم ينشأوا في كنفهم ساعة لكنّهم منجذبون بطريقةٍ يكاد الخيال لا يسلم فيها بالحقيقة , نظرة دونٍ للسان العربي العذب الذي لوت لَكنته العجمى , التي أصبحت لغة التقنية والصناعة والفن والجمال , لغة الموسيقى .
وقد عذروا حين لم يجدوا سوى دائرة مغلقة يدور فيها كلّ النتاج العربي القديم من فنون وأدب , إذ لا مكان لجديد بيننا سوى ما ارتضاه لك النهج الذي وضعه الواضعين , وفق خطى بينة لا يحيد عنها , إلأ لا قى من عذابات الدنيا ماالله به عليم , كأننا في أوروبا القرون الوسطى , النظام الإقطاعي الفاسد والعبودية وكلّ أمر هو قطعي إلهي لا يمكن أن يجترأ أحد عليه .
أين السلطة الثقافية في عالمنا ؟
وأين دور المجامع اللغوية ؟
كيف نحيا من جديد ؟