|
بُعدانِ يَسْتَعِرانِ في قيظِ المَدَى |
حينَ الوجودُ يذوبُ فيهِ مُجَرَّدَا |
هذا التوَجُّسُ مِن سُعار الوقتِ إذْ |
شَقَّ الكلامُ به سَرابيلَ الصدى |
وهَوَى الكتابةِ إذْ يَشِفُّ كأنَّهُ |
مطرُ الجَوَى ينثالُ مِنِّيَ أسْوَدَا |
يا سَاقِيَ الأحلامِ ويْحَكَ هاتِها |
منْ غُرْفةٍ بُنِيتْ على سُقُفِ الرَّدى |
آمَنتُ أنَّكَ قادِمٌ مُتعَجِّلٌ |
مِن وَشْوشاتِ الليلِ تشْرُد مُفْردَا |
أوْ منْ جنوبِ الريحِ تحملُ دَوْرقًا |
منْ ذكرياتٍ هُنَّ نغْمةُ مَنْ شدَا |
آمَنتُ أنَّ حدودَ خَطِّ الوشمِ في |
جَسَدِ الرتابة أن تشِطَّ بلا هُدى |
أن تكسِرَ الوثَنَ الذي يَمتدُّ في |
صدْرِ المساءِ.. يَمُدُّ للأفُقِ اليدَا |
أوْ في سؤالِ النهرِ حينَ يطِنُّ في |
وعْيِ الترابِ وَمَسْمَعَيْهِ مُرَدَّدَا |
الماءُ ذاتي.. لستُ أدْري كُنْهَهُ |
ما مُنْتهاهُ إذا جرَى؟ ما المُبْتدَا؟ |
يا أيُّها المتجَهِّمونَ بلا رُؤًى |
شاهتْ وجوهُ القاعدِينَ على المُدَى |
صُلِبَ الزمانُ على مشارفِ يوْمِكُمْ |
لا تذكُرُونَ الأمْسَ منْهُ ولا الغدَا |
النهرُ فيكمْ لوْ أضاعَ ضفافَهُ |
أنَّى لِمَجْرَى مائِهِ أنْ يُفْتدَى |
هُنْتُمْ بمْشكاةِ التجَلّيِ مِشْعلا |
خِبْتُمْ بمرآةِ التصَوُّرِ مَشْهدَا |
أوَ حيْثُما وَلـَّيْتُ وَجهيَ لا أرى |
إلا عُيُونًا مُقْفِراتٍ مِنْ نَدى |
أوْ ألْسُنًا قدْ يَغْتسِلْنَ بوابلٍ |
مِن أحْرُفٍ يَذهَبْنَ مِنْ ضَجَرٍ سُدى |
أوْ أوْجُهًا كمُنَغِّصاتِ البحْرِ مِنْ |
عرَقِ الهموم جَبينُهُنَّ تفَصَّدَا |
الحِسُّ أجْمَدُ منْ مَلامِحِ صَخْرةٍ |
تحْتلُّ حقلا مُسْتطيلا أجْرَدَا |
لا نوْرسُ الغاياتِ يُسْكِرُهُ إذا |
غنَّى ولا بَجعُ المسافةِ إنْ بَدَا |
والقلبُ يَسْرقُ بعضَ خُبزِ نهارهِ |
مِن سَلَّة الوَجَعِ الكَنُودِ إذا اغْتدَى |
في كلِّ يوْمٍ يرْتدِي أحْزانَهُ |
ويَظلُّ يسْعى غافلا عمَّا ارْتدَى |