|
مُتعلّقٌ بالبيتِ و الأستارِ |
تبكي على الأركان و الأحجارِ |
ثاوٍ على صدرِ الصّخورِ، تبُثّها |
ألمَ الوداعِ، و حُرقةَ الأسفارِ |
فكأنها عطفت عليكَ مُجيبةً |
و رنَتْ إليكَ بآخر الأسرارِ |
كَلِفاً يلوذُ بضمّها و بَرودها |
و يزيدُه ألما شُطونُ مَزارِ |
-و يزيدُه العهدُ القريبُ- كأنّهُ |
يُطفي حرائقَ صدره بالنّار |
يا أيها الباكي المودّعُ بيتَهُ |
تركَ الفؤادَ مُعلّقاً بالدّارِ |
قطرات دمعكَ بالحطيم تدفّقت |
تروي فُصولَ الحبّ للعُمّارِ |
وقفتْ لها عند التّحدُّر حيلتي |
و تقطّرَتْ من طرفيَ المحتارِ |
لا تعجبنّ لمن سعى فأراقها |
في أشهر الإحرام و الإكبارِ |
تلك الشؤونُ لدى المشاعرِ قصّةٌ |
لن يفهموا إخفاتَها و أُواري |
حيثُ المحبُّ مُسلسلٌ في رَحلِهِ |
و نزوحُه خِبءٌ لدى الأقدارِ |
و القلبُ معكوفُ المآربِ، مُدرَجٌ |
فَمشيبُهُ، و تهلّةُ الأقمارِ |
الشوق للبيت العتيق يسوقُهُ |
و يصدُّه ختَرٌ و سوءُ جِوارِ |
أنت الذي أطربتَ دهركَ مُنشداً |
"في عشرة الإخوان" و الأخيارِ |
و صدعتَ في "حجّ القلوب" مُزلزلا |
مُهَجاً على الآفاق و الأقطارِ |
ما كنتُ أحسبُ إذ شرقتَ بمائها |
أنّ الدّموعَ وشيكةُ الإنهارِ |
فتعال فلنبكِ المَنازلَ ساعةً |
لم يُرضِ ساكنَها الوقوفُ بدارِ |
و ابلُ التصبّرَ عن عناق حبيبةٍ |
لازمتَها عمُراً، و شطَّ صِداري |
و خلوتَ ليلكَ عندها متقلّباً |
و خلوتُ أزمنةً أبُلّ خماري |
و لكم حظيتَ بطيبها و شرابها |
و لكم جرعتُ على الشراب مَراري |
فوربّ بيتكَ ما دريتُ بأيّنا |
أذكى فراقا ذائقٌ أم ضارِ |
و اذكر خروجَ اثنين في رحلَيهما |
يوم الكريهة إذ هما في الغارِ |
جادت، و شحّ بنو أبيكَ لمثلها |
بابن الدَّغِنّة مُسكةُ الكفّار |
لم أنتصف و الحادثاتُ بشطرها |
حتى علاني حالقُ الأخبارِ |
أأصوغُ آياتِ العزاءِ و قد همَت |
لُبَدُ الرّدى بالصائغ المِحبار؟ |
توفيقُ أعرِضْ إنما هي بُلغةٌ |
و تحطّ رحلكَ في حمى القهّارِ |
فعسى تعودُ و قد أُمِدّ كما نبا |
سوطُ المهاجر، نِعمَ عُقبى الدارِ |
أو تستقرّ فإن ذلك شرعةٌ |
في المرسلين و سلعةُ الأبرارِ |
عجباً، قُليتَ و أنت تحمل جنّةً |
و تطوفُ بين الناس بالأنهارِ! |