صدق الرسول العربي الكريم صلى الله عليه وسلم إذ قال : " إن من البيان لسحرا "
كنت اقرأ في كتاب الصناعتين لأبي هلال العسكري - رحمه الله - وهو عالم نقدي فذ عاش في القرن الرابع الهجري ... وهذا القرن كما يعلمه أكثرنا ، القرن الذي أطلق فيها العرب رصاصة ابداعهم الأولى في عالم التأليف والنقد والأدب والترجمة والخ مما شاء الله لهم ، إذ زخر بكثير من العلماء الأجلاء والأدباء والشعراء والأطباء الذين قدموا للبشرية ولبني الإنسان ما لا ينكره إلا جاحد
المهم .... كنت اقرأ في فصل حول تعريف البلاغة واستوقفني شاهد أورده العسكري على أن البلاغة أيجاز معنى كبير في لفظ قليل .... استشهد بمقولة لعلي بن ابي طالب - كرم الله وجهه- في وصف الدنيا ... إذ يقول :
" إن أحدا لم يكن منها في فرحة ، إلا أعقبته بعدها ترحة {1} ، ولم يلق من سرائها بطنا ، إلا منحته من ضرائها ظهرا ، ولم تظله فيها غيابة رخاء ، إلا هبت عليه منها مزنة {2} بلاء ، ولم يمس منها في جناح امن ، إلا أصبح منها على قوادم {3} خوف " .
تأملوا يا رعاكم الله في هذا الكلام الذي يشبه الجمان المنضد .... كلام رشيق بليغ يطاول أديم السماء ..... ثم يأت كاتبونا ليقولون إنا بلغاء .... وحظهم من البلاغة كحظ ابليس من الجنة