وقفات مع الشيخ الألباني
حول شريط (من منهج الخوارج)
حقوق الطبع محفوظة
الطبعة الأولى
1418هـ -1997م
من
اصدارات الجماعة الإسلامية
بمصر
وقفـات
مع الشيخ الألباني
حول شريط (من منهج الخوارج)
m
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونسـتغفره ونـعـوذ باللـه مـن شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا ، من يهده الله فلا مضـل له ومن يضلل فلا هادي له وأشهد أن لاإله إلا الله وحـده لا شـريك له و أشـهد أن محمـداً عـبـده ورسـوله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلَّم .
وبعد
فـإنَّ الشـيـخ نـاصـرالـديـن الألـبــاني واحــد مــن علمــاء العصـر الـذيـن لا يُنـكِـرُ فضلهـم إلا جاحـدُُ أو مكابر ؛ فقـد خدم الشيخ حفظه الله حـديث رسـول اللـه وعـمـل علـى نشـر السنـة وقمـع البـدعة وإشـاعـة علم السـلف فـي الأمـة نســأل اللـه أن يجـزيـه عــن ذلـك خيـر الجزاء .
ولكـن أبـى اللـه أن تـكـون الـعصمــة لأحـد مــن البشـر إلا لأنبيـائه الكــرام ؛ والشيـخ حفظـه اللـه بشـر يخطـيء ويصيب ؛ ولن يُعدم المتعقب لكتـابات الشيـخ أو أشرطتـه أن يجد خطأ هنا أو زلة هناك .
ولسنـا بحمد اللـه ممـن يتتبـع الـزلات فيـضخمهـا ويكثر مـن الـدندنـة حـولهـا ؛ ولـذا فلـم يـكن مـن ديننـا البحث عن مثل تلك الزلات ؛ ولكن إن قابلنا شيئ منها أثنـاء درسـنا أو بحثنـا أعرضنـا عمـا وجدنـاه من خطأ وعملنـا بالصواب؛ وربمـا نبهنـا علـى ذلـك الخطـأ فـي بـعـض مجالسـنـا بقـول حسـن وأســلوب ليـن دون مــا ضجيج أو تشهير .
بيد أنني سمعت في الفترة الأخيرة شريطاً للشيـخ حفظه الله رأيت أنَّ من حق العلـم علينا المبـادرة إلـى مناقشة بعض ما جاء فيه مناقشة هادئة يعلم الله أنه ليس لي من ورائها قصد إلا بيان الحق ومعرفة الصواب .
والشريط المشار إليه عنوانه " من منهج الخوارج " وقد سجل في 29 جمادى الآخرة 1416 هـ الموافق 23/10/1995 وهو برقم 830/1 من سلسلة " الهدى والنور " كما ذكر في مقدمته .
وفي هذا الشريط يتناول الشيخ ما يحدث في مصر والجزائر من أحداث ويستنكر الخروج على حكام المسلمين اليوم ويفتي في بعض القضايا المتعلقة في هذا الأمر .
وهذه الرسالة التي بين يديك - أخي القاريء الكريم - تتناول موضوعين اثنين لعلهما أهم ما طرح الشيخ في هذا الشريط :
أما الموضوع الأول فهو موضوع الخروج على الحاكم الكافر ؛ إذ يرى الشيخ أنه لا يجوز الخروج على الحكام الآن حتى ولو كانوا من المقطوع بكفرهم .
وأما الموضوع الثاني فهو يتعلق بقضية تكفير الحاكم الذي يشرع للناس من دون الله ويلزم الناس بالتحاكم إلى القوانين الوضعية إذ يرى الشيخ أن هذا الحاكم ينطبق عليه ما جاء عن ابن عباس من قوله - رضي الله عنهما -" كفر دون كفر " .
وفي هذه الرسالة يجد القاريء مناقشة علمية لهذين الأمرين وبيان لوجه الحق فيهما ، ثم إني ألحقت بذلك صفحات أخرى حول موضوعات أخرى متفرقة تتعلق بهاتين القضيتين .
والحق أنه من الأمور التي دفعتني إلى كتابة هذه الرسالة أني وجدت الحديث في مثل هذه الموضوعات قد صار سمة عامة في أحاديث الشيخ ومجالسه ؛ فلو كان الأمر أمر مجلس واحد عرض فيه الشيخ رأيه لهان الأمر ولكنا وجدنا الشيخ على مدى سنوات مضت قد أكثرمن الحديث في مثل هذين الموضوعين ناعياً على القائلين بخلاف قوله جهلهم وتعجلهم مستعملا في ذلك العبارات الشديدة القاسية؛ بينما لا نجد شيئاً من هذه القسوة على الطرف الآخر وهم الحكام العلمانيون الذين هم السبب الأكبر في بلاء هذه الأمة بما اقترفوا في حقها من إبعادها عن كتاب ربها وسنة نبيها r ؛ ومن إجبارها على السير في فلك الغرب الكافر والرضا بمخططات اليهود والنصارى .
ولقد كان مما رأيناه من آثار منهج الشيخ هذا أن كثيراً من الشباب ممن يتبعون الشيخ ويسيرون على نهجه صاروا ينظرون إلى هؤلاء الحكام المغيرين المبدلين لشرع الله على أنهم أولياء الأمور الذين يجب أن نسمع لهم ونطيع وأن الخروج عليهم كالخروج على أئمة المسلمين الأولين ؛ بينما نراهم ينظرون إلى إخوانهم الذين يعادون هؤلاء الحكام على أنهم خوارج مبتدعة لا يستحقون إلا الذم والقدح والتقريع ، بل ربما ذهب البعض إلى ما هو أبعد من ذلك كاستعداء السلطات عليهم وغير ذلك .
ومن هنا فقد رأيت الإقدام على كتابة هذه الصفحات مع ما في ذلك من مشقة بالغة على النفس ؛ فإني لم أكن أود يوما أن أقف من الشيخ ناصر حفظه الله موقف الراد أو المعترض ولكنه الحق الذي علمنا ديننا أنه أحب إلينا من علمائنا ومشايخنا والناس أجمعين.
وبهذه المناسبة فإني أود أن أعلن أننا حين نختلف مع الشيخ في بعض المسائل العلمية فإننا نبرأ إلى الله U من أولئك المبتدعة الذين يعادون الشيخ ويبغضونه لأجل تمسكه بالسنة ودفاعه عن العقيدة الصحيحة ؛ ونسال الله أن يجعل خلافنا معه في إطار أهل السنة والجماعة أهل الحق والعدل الذين هم على ما كان عليه النبي r وأصحابه وأن لا يجعل في قلوبنا غلاً للذين آمنوا إنه رؤوف رحيم وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.
أبو إسراء الأسيوطي
مساء السبت 11 من شعبان 1417 هـ
الموافق 21/12/1996 م