في هذا الجزء من الحوار المطول مع الإعلامي والكاتب الليبرالي الأستاذ خالد صلاح, نواصل معه استعادة تفاصيل وتاريخ علاقته بالحركة الإسلامية ورموزها.

باحثين معه في الجانبين عن نقاط التوافق والشخصيات الداعمة له, وعن سبيل لغلق نقاط الدائرة على أقرب نقطتين في الوسطية الإسلامية والوسطية الليبرالية – حسب تعبيره ورؤيته -.


متى بدأت القراءة في الفلسفة الوجودية, وإلى أين قادتك؟.

في الفترة التي أعقبت خروجي من المعتقل مباشرة بدأت أقرأ الفكر الوجودي من باب حبي للقراءة.

والحقيقة كل أفكار وأطروحات الوجودية تقودك مباشرة إلى الإيمان بالله, وكنت كلما تبحرت في القراءات الوجودية كنت أتذكر قول الله عز وجل " إِن يَتَّبِعُونَ إِلاَّ الظَّنَّ ".

لأن كل الفلسفة الوجودية التي تنكر الوحدانية مؤسسة على الظن وليس فيها يقين واحد.

طالما ليس فيها يقين, فكيف قادتك إلى الإيمان بالله وبالوحدانية بعقلك؟.

الظن والشك يقوم بالفعل العكسي مع كثير من الأشخاص, وقد أنتج الشك كثير من عظام المؤمنين فهم يتوهمون أن الظن يقود في جميع الأحوال إلى التوهم بأنه لا إله وأن الكون جاء نتيجة انفجار كوني هائل إلى آخر هذه الترهات.

أما أنا فكنت أطالع تلك الظنون وفى أعماقي يقين بوجود الخالق, اليقين الذي يدفعك إلى أن تتأمل في آيات الله في أعماقك وفى وجدانك وفى عقلك وفى كل شيء من حولك.

هذا عن الإسلام والإيمان ماذا عن الفكر الإسلامي؟.

الحقيقة أنا إيماني بالإسلام كدين, وإيماني أيضا ً بالفكر الإسلامي هو جزء أصيل من تكويني حتى في لغتي في مقالاتي, فلم أستطع يوما ً ولا حاولت حتى أن أتخلى عنه لسبب بسيط, أنني أحبه ومؤمن به.

إذا ً أين المشكلة؟.

مشكلتي الوحيدة كانت مع السلوك السياسي للجماعات الموجودة على الساحة الإسلامية, وهو – في تقديري – كان سلوكا ً سياسيا ً خاطئا ً.

وكنا من حيث لا نريد قداسة وعصمة لغير النبي (صلى الله عليه وسلم), كنا نصنع قداسة لأمرائنا وكتبنا وجماعتنا, فكانت الجماعة مقدمة على كل شيء.

أرجو أن تذكر لنا شخصية إسلامية صاحبتها, وكانت نموذجا ً لقيم الحوار والانفتاح واحترام المخالف؟.

الشهيد علاء محيى الدين رحمه الله, وهو من الشخصيات التي يحمل لها قلبي حبا ً كبيرا ً جدا ً, فهو صديقي العزيز.

وقد عشنا سويا ً فترة طويلة جداً وتزاملنا في التواصل مع قيادات مركز الدراسات السياسية بالأهرام الذي كنت أتدرب به, حرصا ً منا على إيصال الصورة الحقيقية للتيار الإسلامي.

وقد قدمت الدكتور علاء رحمه الله للدكتورة هالة مصطفى وهى الباحثة المعروفة في الإسلام السياسي وكانت في ذلك الحين تقوم بإعداد رسالة دكتوراه, وهى من الشخصيات التي أقدرها كثيرا ً, ووقتها أبهرني الدكتور علاء بأدائه.

وكان يوم مقتله يوماً مفجعا ً بالنسبة لي, وهو من الأيام الحزينة في حياتي التي لا أنساها, رحمه الله تعالى فقد كان إنسانا ً غاليا ً وعزيزا ً جدا ً على قلبي .

بماذا تميز الدكتور علاء رحمه الله من وجهة نظرك؟.

أستطيع أن أقول أن علاء محيى الدين كان قيادة "إسلامية ليبرالية", وكان لديه صبر هائل على الإنصات للآخر, وكان يمتلك ابتسامة ساحرة.

وحينما يسمع كلاما ً مخالفا ً قد يصل أحياناً إلى حد الطعن العنيف كان يلاقى مخالفة بابتسامة راقية وديعة, وكانت قدرته على الحوار مذهلة.

وكان رحمه الله في ملبسه وسمته وسماحته وفى قربه من الناس واختلاطه بهم, وفى اطلاعه وثقافته وطلاقة لسانه مثلاً يحتذي.

ماذا تتذكر من مواقف جمعتكما في السجن؟.

أذكر أنه رحمه الله كانت له طريقة مختلفة في قراءة القرآن الكريم, وفى السجن وتحديدا ً في استقبال طرة عنبر ( أ ) الدور الثاني وكان هو في الزنزانة المقابلة لزنزانتي.

وفى أثناء صلاة التراويح كنت تستطيع أن تميز بين كل الهمهمات في العنبر وأن تكتشف همهمات وصوت علاء محيى الدين منشدا ً بالقرآن.

فقد كانت له طريقة مميزة جدا ً في التلاوة تشعرك بأن القرآن قد تحول إلى نغم مع طريقة أدائه رحمه الله, وكان عليه رحمة الله من أروع القلوب وأرقها.

هل تعتقد أن هذه المواهب والقدرات هي التي عجلت باستهدافه وقنصه؟.

أولا ً ليست لدى معلومات كاملة عن عملية اغتيال الدكتور علاء محيى الدين, لكنى أستطيع أن أؤكد بالتعبير الشائع أنه كان "ابن موت".

فقد كان موهوبا ً موهبة خلاقة, وكنت أقول له دائما ً " أنت هتبقى وزير خارجية الدولة الإسلامية ", لأنه كان الوحيد الذي يجيد فن استقبال الناس, وكان أداؤه السياسي رائعاً, وقراءاته وثقافته المتنوعة وأخلاقه السمحة, وقدرته على الحوار والإقناع وإدارة الخلاف عظيمة, بالإضافة إلى حفظه للقرآن وصوته الجميل.

باختصار كان علاء محيى الدين أفضل وأجمل صورة للإسلاميين في هذا التوقيت, وكان اختيارا ً عظيما ً للجماعة الإسلامية وفى منتهى الذكاء.

لأنني أعتقد أنه لم يكن هناك بالتيار الإسلامي كله بجميع عناصره وجها ً ألمعيا وعقلا ً يحتمل المخالفين مثل الدكتور علاء محيى الدين.

هل هناك شخصيات أخرى من الجماعة الإسلامية تعتز بها؟.

طبعا , أنا أحب صفوت عبد الغنى صديقي العزيز, وهو من الأصدقاء الذين أحبهم كثيرا ً, وقد مكثنا سويا ً بالسجن فترة قصيرة.

ولكن قرة عيني في الجماعة الإسلامية هو عزت السلامونى, وهو واحد من القيادات الصعيدية المرموقة, وقد اجتمعنا معا ً في "حبسة" شهيرة, حيث لا أستطيع نسيان تعبيرات وملامح وجهه ونحن نتلقى خبر اغتيال الدكتور رفعت المحجوب رئيس مجلس الشعب أمام باب محكمة باب الخلق.

لا أدرى أن كان عزت قد اطلع مسبقا ً على نية الجماعة في القيام بهذه العملية ولم يبُح هو لي بذلك, وإن كنت قرأت في ملامح وتعابير وجهه بأن خطباً هائلا ً قد وقع, بما يدل على مسئولية كبيرة وخوف من المجهول.

ومن هنا توقعت ساعتها أن الجماعة الإسلامية هي التي قامت باغتيال المحجوب.

وكان عزت من الشخصيات رقيقة القلب, وكنت كلما رأيته تذكرت الصحابي الجليل طلحة بن عبيد الله, أسأل الله أن يجمعهما في الجنة.

تحدثنا عن الشهيد علاء محيى الدين كنموذج, اختر لنا من التيار السلفي شخصية تقدمها كنموذج للحوار واحترام المخالف؟.

الحقيقة تعجبني شخصية الشيخ محمد حسان, لأن الشيخ محمد حسان في اعتقادي أنه أقرب إلى الليبرالية – دعني أفسر كلمة ليبرالي بطريقتي –

فما معنى ليبرالي؟.

الليبرالي في تصوري هو الرجل الذي يستطيع إدراك الخلاف والاختلاف والتنوع في الواقع المُعاش, كما أدركه النبي (صلى الله عليه وسلم).

وإلا فلماذا وقع النبي وثيقة المدينة؟.

ولماذا وقع صلح الحديبية؟.

لأنه يدرك حجم الخلاف, وهذا الإدراك لا ينبغي فصله عن الدعوة, فالرسول صلى الله عليه وسلم يعرف أن الآخر مخالف, ويعرف جيدا ً فنون إدارة الخلاف؛ ليس بالصدام والعنف، وليس بالعمل المسلح، وليس بالقسوة والبطش، وليس بإنكار الآخر وإقصائه وتهميشه, وربنا سبحانه وتعالى يقول لنبيه : " وَلَوْ كُنتَ فَظّاً غَلِيظَ الْقَلْبِ لاَنفَضُّواْ مِنْ حَوْلِك ".

وأرى أن الشيخ محمد حسان يقتفى أثر النبي صلى الله عليه وسلم في فهم وإدراك وإدارة الخلاف.

لذلك ثنى في خطابه الأخير هنا في "مصطفى محمود " بالفتيات القبطيات على الفتيات المسلمات في حمايتهن في المظاهرات فقال: "احموا كل البنات المسلمات والقبطيات ".

هنا عندما تصدر من داعية بحجم " محمد حسان " فلها وقع مختلف على هؤلاء المخالفين الذين يخالفوننا في الدين والذين يشاركوننا في الوطن.

فأنا أحب محمد حسان حبا ً كبيرا ً أحبه في الله, وأحبه كشخص, وأحبه كمثقف, وأحبه كشخص يجيد إدارة وفن الخلاف بسماحة وتجرد.

وأنظر إلى تقدير المخالفين له لمواقفه عندما هب قداسة البابا شنودة بابا الأرثوذكس واقفا ً محييا ً فضيلة الشيخ حسان, تقديرا ً منه لخطابه المعتدل الذي هو في الأساس خطاب الإسلام الذي يجمع ولا يفرق.

والإسلام دين يحفظ العهود ولا يبدأ بالعدوان, ولم ينتشر الإسلام بحد السيف كما يروجون, فلم تكن هناك حرب في تاريخ النبوة إلا بعد عدوان من الطرف الآخر.

وفى تاريخ النبوة كله لم يحدث يوماً أن بادر المسلمون بالعدوان, أما ما حدث مع يهود بني النضير وبني قريظة فمبرر, لأنه حدث بعد خيانة عسكرية منهم.

وفى بدر كان الخروج ردا أيضا ً للعدوان على ممتلكات الصحابة في مكة.

هذه أشياء مهمة جدا, لكننا ننساها ونهملها عندما نشرع في تأسيس فكرنا وخطابنا السياسي, بالرغم من أن الإسلام قد انتشر بهذا الفكر وبهذه الروح وبهذه القيم.

فمن كان يتخيل أن علماء العجم الذين لا يعلمون العربية في نيسابور وبخارى وخراسان وقم وكابول سيصبحون هم نجوم علماء الإسلام بدون معارك ولا تدمير ولا تخريب ولا إكراه.

إنما المعركة الكبرى الوحيدة التي خاضها الإسلام في تاريخه بشرف هي معركة الحوار والإقناع.

وماذا تقول عن د/ ناجح إبراهيم؟.

أنا علاقتي بالدكتور ناجح بدأت بعد خروجه من السجن, لكن قبل ذلك فهو كان بالطبع من الرموز الإسلامية التي كنت أحبها جدا ً, لأنني قلت لك أنني تربيت على كتب وأدبيات الجماعة الإسلامية.

وكان الدكتور ناجح إبراهيم من الشخصيات التي نقدرها ونوقرها توقيرا ً كبيرا ً لدوره في الحركة الإسلامية, وإن كانت بعض التيارات الإسلامية – مثل الجهاد – حاولت تحميل الجماعة الإسلامية وقادتها بعض الأخطاء السياسية واتهموا الجماعة الإسلامية بتسرعها السياسي ، واستعجالها للخروج بالدعوة إلى العلن, مما أضر بالدعوة.

والحقيقة كان هذا رأيي في ذلك الوقت وكنت أشعر بالقلق طول الوقت, لكن تقديري الآن أن الجماعة الإسلامية بانتشارها الكبير قد أعطت زخماً وقوة لتيار الجهاد السلفي.

وأقول الآن باطمئنان:

أنه لو لم تخرج الجماعة الإسلامية بالدعوة إلى العلن, ولو لم تنتشر في المساجد لما سار مشروع التغيير على نفس الوتيرة حتى قيام الثورة.

كيف تربط هنا بين تاريخ الحركة الإسلامية والثورة, وكيف ساهمت فيها؟.

ثورة 25 يناير ليست وليدة اليوم ولا أمس, وليست نتاج مجرد دعوة صغيرة على الفيسبوك, إنما نتاج وحصاد أفكار وجهود متراكمة امتدت لعشرات السنين.

الثورة حصاد نضال الشعب المصري بجميع تياراته المختلفة, نضال اليسار في انتفاضة 19 يناير, ونضال الإسلاميين منذ ثورة يوليو, مرورا ً بعهد السادات وحادث المنصة, ونضال الناصريين في النشاط السياسي في الجامعة ثم الصحف المستقلة, ثم حركة كفاية وعودة اليسار مرة أخرى إلى آخر هذه المسيرة المباركة التي قادت للثورة.

بمناسبة ذكر اليسار, هل ترى أنه بحاجة إلى مراجعات بعد الانتخابات الأخيرة؟.

اليسار متخبط ويحتاج إلى مراجعات كبيرة, فهو لا يستطيع لملمة أشلائه ولم ينجح حتى الآن في صياغة رؤية عصرية للفكر الاشتراكي.

ومن المفارقة العجيبة أنهم عندما فكروا في بدائل بعد سقوط الشيوعية في الاتحاد السوفيتي وبلدان أوربا الشرقية, كان البديل الذي لجأوا إليه هو الطريق الثالث الذي اخترعه "تونى بلير" في لندن بتعلية سقف العدالة الاجتماعية.

من الناحية الاقتصادية, ما سر تميز الفكر الإسلامي؟.

أعتقد أن الفكر الإسلامي أنضج من الفكر الاشتراكي من الناحية الاقتصادية, لأن الفكر الإسلامي أكثر تحررا ً وأكثر إيمانا بالعمل الفردي من الفكر الاشتراكي.

كيف تقيم موقف اليسار من السلطة السابقة ومن الحركة الإسلامية؟.

إلى الآن يقيم اليساريون بينهم وبين الحركة الإسلامية السدود ومن جمودهم أنهم لم يبلوروا رؤية واضحة للتعامل مع التيار الإسلامي.

في حين كان الناصريون الأفضل, ربما لأنهم لم يكن عندهم قوام فكرى متكامل, أما اليساريون فهم يعادون التيار الإسلامي من باب الاحتياط !

وماذا عن التيار الليبرالي أو النخبة الليبرالية؟.

الليبرالية في مصر مفهوم لم ينضج بعد, وهى ليست اعتقادا ً أو فكرا ً قائما ً بذاته, بمعنى أنه يمكنك أن تكون إسلاميا ومنتميا ً إلى حزب النور أو إلى الجماعة الإسلامية أو الإخوان المسلمين.

وفى نفس الوقت تتصف بالليبرالية في وجدانك ومواقفك, كما تحدثنا من قبل عن الشهيد علاء محيى الدين ما أعنيه أن الليبرالية مجرد مفهوم وطريقة للحياة وليست فكرا ً سياسيا ً واحدا ً.

اضرب لنا أمثلة على أن الليبرالية ليست فكرا ً سياسيا ً واحدا ً؟.

في انجلترا على سبيل المثال هناك حزبان كبيران هما حزب المحافظين وحزب العمال, فحزب العمال أقرب للعدالة الاجتماعية بالمفهوم الاشتراكي, وحزب المحافظين يمين متعصب للرأسمالية العالمية, وكلاهما المحافظون والعمال ليبراليان.

بمعنى أن كلا ً منهما يحترم حقوق الخلاف مع الآخر ويحترم نتائج صندوق الاقتراع ولا يفرض رأيه بالقوة, وهذه هي الليبرالية.

إذن ما هو مفهوم الليبرالية التي يؤمن بها خالد صلاح؟.

الليبرالية ألا تفرض رأيك بالقوة وأن تحترم الرأي المخالف, وأن تحترم صناديق الاقتراع.

بالنظر إلى الحالة المصرية, هل هذه مجرد شعارات, أم تطبيق وواقع عملي؟.

هنا في مصر, قلت الليبرالية مجرد مفهوم.

إذن, كيف يتحرك الليبراليون المصريون ومن أي منطلق؟.

كل ذلك مجرد أفكار, فهناك ليبرالية في "الوفد", وهناك ليبرالية في "المصريون الأحرار" وفى "العدل" وفى " الثورة مستمرة ".

فهل معنى ذلك أنهم كتلة واحدة وفكرة واحدة؟.

ما أريد أن أقوله هنا أن استخدام الليبرالية في مصر ليس كاستخدامه في الغرب.

فنحن نستخدم مصطلح " ليبرالي " في مصر تعبيرا ً عن أجواء ومناخات واحترام حرية الخلاف دون قيود أو شروط.

هل يدافع الليبرالي المصري عن حريات الآخرين كما يدافع عن حريته الفردية؟.

طبعا ً, أنا شخصيا ً كتبت مقالاً بالمصري اليوم قبل الثورة أدنت فيه المحاكمات العسكرية, ودافعت عن النقاب وحرية التعبير في سلسلة مقالات.

وقلت أن وجهة نظري هي أن النقاب فضيلة وليس فريضة, لكن من حق كل امرأة في العالم وخاصة المرأة المسلمة أن تختار الاحتشام في مظهرها وأن تساعد من جهتها في الحفاظ على أمن مجتمعها.

بحيث إذا طُلب منها الكشف عن وجهها أو الاطلاع على هويتها في مكان ما فعليها الاستجابة, وفى النهاية لها حرية كاملة في اختيار ما ترتديه مادام هذا قرارها.

لكن تبقى هذه حالة فردية خاصة بخالد صلاح, وبعض ليبراليين يعدون على الأصابع؟.

في اعتقادي أن العدد الأكبر من الليبراليين في مصر مؤمنون بنفس الأفكار, والمهم في القضية أننا مسلمون نحترم الإسلام ونؤدي العبادات ونصلى ونصوم ونحج, فالليبرالي رجل مسلم ومؤمن يصوم ويصلى.

مسألة الاعتقاد وأداء العبادات هذا شيء مفروغ منه, أنت مؤمن بحريات الآخر كليبرالي والإيمان " ما وقر في القلب وصدقه العمل ", فأين تطبيقك لما تؤمن به من حريات الآخرين على أرض الواقع في قضية مثل قضية الدكتور عمر عبد الرحمن, لماذا لا يتحدث الليبراليون عن قضية الدكتور عمر وعن قضايا المعتقلين السياسيين الإسلاميين؟.

أنا شخصيا ً كتبت في قضية الدكتور عمر عبد الرحمن, وعلى التيار الإسلامي أن يعترف أن منظمات حقوق الإنسان التي كان اليسار في مصر فاعلا ً رئيسيا ً في إنشائها وتكوينها كانت تتصدى للدفاع عن المعتقلين الإسلاميين.

أذكر هنا المنظمة المصرية لحقوق الإنسان نموذجا ً والدور الذي لعبه حافظ أبو سعدة.

وأنا شاهد على الدور الذي لعبه في الدفاع عن خالي الأصغر الذي كان متهما ً في قضية " طلائع الفتح ", حيث كان أحد المحامين في هذه القضية.

فكثير من الليبراليين الناضجين يؤمنون بهذه الأفكار ويرفضون المحاكمات العسكرية والحجر على الحريات, وكثيرون منهم مدوا خطوط توافق مع التيار الإسلامي.

وهل منظمات حقوق الإنسان معبرة التيار الليبرالي؟.

نعم, هي جزء من التيار الليبرالي, وهذا يؤكد ما قلته أن الليبرالية ليست عملا ً حزبيا ً إنما مفهوم سياسي.

وهل هناك شروط وقيود مسبقة من الليبراليين أو اليساريين للحوار مع الإسلاميين وللدفاع عن حرياتهم؟.

لا ليست هناك شروط ولا قيود ولا ضمانات, فقط عدم التكفير وعدم رفع السلاح.



وفى الجزء الثالث , يواصل الكاتب والإعلامي المعروف الأستاذ خالد صلاح رئيس تحرير اليوم السابع. تأصيله لمفهوم الليبرالية, محاولاً الفصل بين القيمة المثالية التي يؤمن بها ويتمنى تطبيقها, وبين ما هو شائع في أذهان الناس من ارتباط الليبرالية بالحرية المطلقة وإباحة الشذوذ والعرى, ومؤكدا ً على خصوصية الليبرالية في البلاد الإسلامية.