وَهَلْ دَرَى؟


عَلى حِدَقي جَاهُ البَلاغَةِ أسْفَرا
وَمِنْ شَفَقِي فَيْضُ الدَّسِيعَةِ أصْدَرا
فَمَا عُدْتُ ألْوي بالمُتُونِ مُفَاخِرًا
فؤادي مَكينٌ ظَلَّ يَهمي مُعَطَّرَا
أَمَا وَالذُّرَى أَسْدَتْ لِقَلبي مَعَابرًا
وَمِسْكَ مَوَدَّاتٍ ، نَهَضْتُ مُعَبِّرا
بِلا سَرَفٍ أتلو الأُصُولَ جَوَاهِرًا
شُعوري أثيلٌ ، لا تُفَلُّ لَهُ عُرَى
ذَرَا خَلْفَهُ تِهْمامَ كُلِّ مُلِمَّةٍ
وَأسَّسَ تِرْياقَ البَيانِ مُصَوَّرا
تَأسَّى بأسْتارِ التَّليدِ رَبيعُهُ
فَصاغَ مِنَ الأَلطافِ وَرْدًا ، وأشعَرا
تُذاكِرُهُ الغِيدُ الحِسانُ أواصِرًا
لِذا كُلَّما أغشاهُ وَحْيٌ تذكَّرا :
بأنَّ اللَّبيبَ الفَرْدَ ، جُلَّ مُناهُ أنْ
يُرَوّضَ أَقباسَ الحَضارةِ نَيِّرا .
فَمَا كُنْتُ في قَوْلٍ أُعَاظِلُ ، إنَّما
أُتَمِّمُ مَا فاتَ الجَمالَ مِنَ القِرى !
ثَريٌّ ، نَقيٌّ ، مُسْتَفيضٌ ضَميرُنا
يُقَبِّلُهُ الدُّرُّ النَّضيدُ تأثُّرا
يُنادِمُ أعْمَاقي سَناءُ عَرَائِسٍ
وبالتِّبْرِ في رِقّ الُّلجَيْنِ دَمي سَرى
وللخَيْلِ في شِعْري صَهيلُ مَعامِعٍ
بِهِ تمنحُ الشِّعْرى الفَضَاءَاتِ مَنْظرا
أُعيذُ مَقامي مِنْ سَبيلٍ جَهِلْتُهُ
تَفَرَّدْتُ رُوحًا حينَ غَيْري تَعَثَّرا
فَإنْ غَابَني غَـــــــــيُّ الزَّمانِ مُعَرْبدًا
فَبَأْوي وَزَهْوي في التَّواضُعِ أقمَرا !
تُسَامِرُني مُزْنُ اليَواقيتِ ، تَنْحني
لِرقَّتِــها الأفكارُ ، والحِسُّ أزْهَـــــــرا
مَتى أحسَنَ المَرْءُ المَقالَةَ مُنْصِفًا
صَفَا حَرْفُهُ باليُمْنِ ، وَاللهُ نَضَّرا
خَوَاطرُنا إنْ مَسَّها خَطَرُ النَّوى
سَأرْسِمُها بالرَّنْدٍ رَوْحًا مُعَنْبَرا
فَهَلْ عَلِمَ الأحبابُ سِرَّ مُدامَتي ؟
وَراعي صَباباتي حَنانَيْهِ هَل دَرَى ؟
حَمَلْتُ إلى هامِ البُدورِ لِواءَهُ
رَفَعْتُ لهُ باسْمِ المُناجاةِ مِنبَرا
عَجِلْتُ إلى رِيّاهُ أشحَذُ هِمَّةً
وَكم زَفَّ لي حُسْنًا ، وَبِشْرًا ، وَكَوْثَرا
تَمَنَّيْتُــــــــــــهُ يَرنو الغِرَاسَ وَقَد نَما
وَيَلْمَسَ إتقانًا بحبِّهِ أثمَرا
خُذيني حَمَامَاتِ الغَرامِ إلى الِّلقا
دَعي عَبَرَ المَعْنى ، وَدَمْعًا تَحَدَّرا
وَأَلقِي جِراحَاتي عَلى عَتَباتِهِ
فَمَا الوَصْلُ إنْ عَزَّ التَّخاطُبُ يُشْتَرى
رَعَى اللهُ ذاكَ العَهْدَ طابَ مَذاقُهُ
فُراتُ عَفَافٍ لا يُخَالِطُهُ المِرا
إذا آذَنَ الضَّعْنُ المَسيرَ مُوَدِّعًا
وَنَيْلُ مَرامِي - يا حَمامُ - تَعَذَّرا
تَرَعْرَعَ لفْظي في فَضاءِ طيوبِهِ
وَأهدى حَسَاسينَ الأرَائِكِ أسْطُرا
تَغَنَّى بها ، يُشْجي البَلابِلَ آسِرًا
كَبَوْحِ " سَميرٍ " يَخْلُبُ الحُورَ في الذّرى
نَهيمُ بأشْذاءِ الوئامِ ، صَفاؤُنا
حِيال الثُّريَّا ، يَسْحَرُ الأفقَ مُبْهِرا
أفِقْ أيُّها الشادي وَبَلِّغْ أمَيْمَةً
وَميضُ بَنيها هَزَّ أفئدَةَ الوَرَى
مَآثِرَ عِزٍّ تَقْتَفيها مَآثِرٌ
على حِدَقي بانتْ ، وَحالي تَثَوّرا
فإن جالَ ما بينَ الأنامِ تناهُبٌ
تواهَبَ عِرْفاني المواهِبَ أبْحُرا
فلا تبْتَئِسْ مَا اعْصَوْصَبَتْ أزَماتُها
فلا بُدَّ مِنْ فَجْرٍ يُطِلُّ عَلى القُرى