إكسير الشمس


قَبْلَ التَّبَرْعُمِ فِي مَراياها
يَبُسَتْ بِجَوْفِ الضَّوْءِ نَجْواها
فِي ذِمَّةِ الطِّيْنِ ابتسامتُها
و شجونُها الوَجْعَى حَناياها
هَلْ كُلَّمَا نَيْسانُ غازَلَها
رَدَّ الهوَى : كَانُونُ يَهْوَاها !
أَتَظَلُّ فَوْقَ ثلوجِهِ حُرَقَاً
بَرْدُ الشِّتَاءِ المُرِّ يَغْشَاها ؟!
كان الذي أغوى الربيعَ بها
لم ينتصرْ لشموخِها أحَدٌ
مِنْهُمْ ، و لا صانوا بقاياها
بل قَصْقَصُوا أهدابَ شُرْفَتِها
و تَخَنْدَقوا في بابِ مَسْراها
و استنفدوا ما في رجولتها
مِنْ نخوة ، و كذا صباياها
حتى إذا فَضَّتْ خَساستُهم
أحلامَها ، تركوا لها الآها
هُمْ هكذا الأغرابُ أوبئةٌ
هُمْ هكذا صِيَغٌ مُعَرْبِدَةٌ
إبليسُ بالنامور غَذَّاها
هُمْ هكذا سُنَنٌ مُطَوَّرَةٌ
مِن ها هنا و هناك مرعاها
هُمْ هكذا قِيَمٌ مُحَيِّرَةٌ
بَلْ أُمَّةٌ كثرتْ خزاياها !!
يا أمة ماتت مروءتها
قاداتها - يا جُمْلَة اتئدي -
: " قُوَّادُهَا " يَرْعوْنَ نَزْوَاها
لو لم تكنْ للبَوْحِ زَلْزَلَةٌ
أخشى عَلَى القُرَّاءِ عُقْبَاها
لفقأتُ بالكَلِمَاتِ عتمتهم
لتضيء للأقمار عيناها !
و زرعتُ في الأشعار عاصفةً
تستنفر الباغي حُمَيَّاها
فيمَ المعاني الحلوة اندثرت
يا مُهْجِتي بالشاعِرِ انْفَطِرِي
و استصرخي قيماً فقدناها
سَقِّي خريفَ الشِّعْرِ من ألَمِي
مِنْ حُزْنِ أنْهَاري وَ شَجْوَاها
كَيْ يَطْلعَ الزَّيْتُوْنُ ، مُتَّشِحَاً
تَبْرِيْحَ أزْمِنَةٍ أضَعْنَاها
كَمْ سامَها ( شَمْعُوْنُ ) فانتَفَضَتْ
مِنْ مَسْجِدِ الأقْصَى سَرَايَاها
و الأُمَّةُ الشَّمْطَاءُ رَاقِصَةٌ
لا تشْغِلُوْهَا عِنْ قَضَايَاها
يا شِعْرُ ، يا ضَحَوَات واحَتِنا
حَوْقِلْ عَلَى آلامِ مَنْ قرأوا
هذي البُرُوْقَ ، و مَن سَيَقْرَاْهَا
مُسْتَصْرِخَاً أشْلاءَ مَنْ صَعَقَتْ
إحساسَهُمْ حِمَمِي بِشَكْوَاهَا
و الحُرُّ أوْجَاعٌ مُلَغَّمَةٌ
و الشِّعْرُ وَهْجٌ مِنْ شظاياها
تَفْدِيْكَ أُمُّ دَمِي وَ جَارَتها
يا شِعْرُ ، فَاسْتَنْهِضْ خَلايَاهَا !
قالوا لنا : تأرِيْخُهَا شَمَمٌ
ماذا ؟! فَهَذِي أرْبَعُوْنَ مَضَتْ
وَ العَارُ يَزْنِي في سَجَاياها !
لا فَرْحَةٌ فِي العُمْرِ واحِدَة
تَسْتَوْقِفُ الأيَّامَ ذِكْرَاها !
سَنَوَاتُ ذُلٍّ ، قَطُّ مَا شَهِدَتْ
أجْيالُنا عِزَّاً ، وَ لَا جَاها !
: " كانُوا رِجالاً " – قُلْتُ يا عَجَبِي
كَيْفَ استَحَالوا اليومَ أشباها !
عَبِثَ الطُّغَاةُ بِكُلِّ طَالِعَةٍ
و إلى الجَحِيْمِ رَمَوْا بِثَوْرَتِنا
وَ إلى أقاصِي الجرْحِ جَرْحَاها
وَ اسْتَغْوَرُوا حَتَّى إرَادَتنا
كَيْ يَسْحَبُوْهَا مِنْ ثَنَاياها
لَكِنَّمَا للبَأسِ فِي دَمِنا
دَيْمُوْمَةٌ رَبِّيْ تَوَلَّاها
سَنَظَلُّ نَنْهَلُ مِنْ عَقِيْدَتِنا
وَ نُحِبُّ مَنْ صَلَّى عَلَى طَهَ
حَتْمَاً سَتُرْهِبُ كُلَّ طاغِيَةٍ
وَ تهدُّ مَنْ لا يَعْرِفُ اللهَ !