هموم قلب


ليلٌ بهيمٌ ضاعَ فيــهِ رشادي
همٌّ ثقيلٌ جفَّ منـــــهُ مِدادي
النفسُ تألمُ والخطوبُ عظيمةٌ
تنعي زمانَ الخيرِ والأمجادِ
أهوى الحياةَ بهامةٍ مرفوعةٍ
نصرٌ وعزٌ في الحياةِ مرادي
كنّا سُراةَ الأرضِ ننشرُ هَدينا
في كلِّ حاضرةٍ ومنزلِ بادِ
الخيلُ تحتَ الراكبينَ سوابحٌ
والبيضُ قد سلَّتْ منَ الأغمادِ
عرفَ الهوانُ نفوسَنا فتبدلتْ
صرنا شراذمَ في حمى الأضدادِ
كيفَ النجاةُ من التردي بعدَما
أسلمتُ للرهطِ الحقيرِ قِيادي
غدتْ السجونُ منازلاً لكرامِنا
أمّا الرُعـــاعُ فصفوةٌ ببلادي
عبثَ الأراذلُ في مكامنِ عزِّنا
يتوسلونَ رضا الدخيلِ العادي
تركوا الدِّيارَ لكلِّ ذئبٍ طامعٍ
سلبوا الطفولةَ بهجةَ الأعيادِ
هتكَ العداةُ ستورَنا حتى غدتْ
ألوانُهـا مطموســـةً بسوادِ
سودُ العمائمِ قد تبدّى حقدُهم
يتحالفونَ معَ العدوِّ السادي
قدِموا كما الغربانِ قبِّح سعيُهم
طمعاً بنيلِ غنيمةٍ وحصادِ
من كل حدبٍ قد توافدَ جمعُهم
متترِّسيـــنَ بعدةٍ وعتـــــادِ
مردوا على درب النفاق فأصبحوا
أهلَ الضلالِ وملّةَ الإلحادِ
لا جيش معتصمٍ يشتّتُ شملَهم
أو صولة للصّيدِ فوقَ جيادِ
كم من حرائرَ دنِّستْ أعراضُها
حتّى غدا أمراً منَ المعتادِ
كم من نفوسٍ أزهقتْ أرواحُها
تركتْ مرارَ الفقدِ في الأكبادِ
كستْ الدماءُ سهولَنا ونجودَنا
وتحدرتْ تجري بأسفلِ وادي
الشامُ يألمُ والعراقُ بمحنـــةٍ
والقدسُ تبكي سيرةَ الأجدادِ
في ساحِ أولى القبلتينِ مآذنٌ
سئمتْ عقودَ الأسرِ والأصفادِ
في غزةَ الأحرارِ جرحٌ نازفٌ
ما زالَ يلعــنُ خسَّةَ الأوغادِ
أرضُ الكنانةِ ذاتَ غدرٍ أدخلتْ
نفقَ الظلامِ يفيضُ بالأحقادِ
آهٍ على يمنِ السعادةِ قد غــدا
أرضَ التشاحنِ بعدَ طولِ ودادٍ
الصدرُ ضاقَ بهمِّه وجراحِهِ
ولقد سئمتُ إمـــارةَ الأولادِ
يا أمةً أَلِفَ الهوانُ حياضَها
من بعدِ ما سكنتْ ذرى الأطوادِ
هل كانَ للشرِّ العميمِ تجذُّرٌ
لولا الركون لطغمةِ الإفسادِ
أو كانَ للجمعِ المهيبِ مذلَّةٌ
إلا حصــــــادَ تمزقٍ وبدادِ
هل يَحفظَ الشرفَ الرفيعَ تفرقٌ
وتناحرٌ في خدمــــةِ الأسيادِ؟
ما كانَ شأنُ الخيِّرينَ تنصُّلاً
من واجباتٍ أو لزومَ حيــــادِ
آنَ الأوانُ لأن نهــبَّ لرفعةٍ
وإفاقــــةِ من بعدِ طولِ رقــادِ