المشاعر و التغيّر والإبداع
الإنسان صاحب الإحساس المرهف أكثر قدرة على الإبداع ممن لايملك ذلك الإحساس، وقد تحدث تلك القدرة ألما حقيقيا عند المبدع لمعرفته بحقيقة المشاعر عند الناس، و بكل تأكيد فهو يرى أفعالهم و يتوقعها، فغالبا ما تكون " قلوبهم معه و سيوفهم عليه " في معظم الأحوال، وهذا ليس بغريب على الناس في المجتمعات كلها.
المشاعر الخادعة عند المجتمع " أغلب الناس " يشعرون بأن وجود الإنسان المبدع سيسرق منهم الأضواء أو قد يصلوا إلى ما هو أبعد من ذلك في سوء الظن فيما سينتج عن وجود تلك المبدعة أو هذا المبدع بينهم، مما يؤدي إلى الخروج عن التفكير السليم المبني على المنطق ، مما يؤدي لخسارة هؤلاء إلى ما يمكن أن يقدم لهم من خير ينتج عن التغيير الذي طرأ أو سيطرأ كنتيجة لوجود المبدع أو العبقري بينهم.
في مجتمعنا نكره التغير وليس أدل على ذلك من المقولة المشهوة " من تعرفه أفضل ممن ستتعرف عليه " رغم أن التغيير يحدث في كل ثانية تمر و النتائج واضحة نراها أمام أعيننا، والأمثلة على ذلك كثيرة، أقلها التغيير الذي يطرأ على حياتنا نتيجة لتغير الأسعار هبوطاً و صعوداً، ناهيك عن التقدم المعرفي والتكنولوجي الذي نرى أثره في صغارنا ( حيث أننا نرى قدرات الصغار على التعلم الذاتي من خلال استخدامهم للأجهزة الإلكترونية و الهواتف النقالة تحديداً ) وذلك يعني أنهم أذكياء " سريعوا التعلم " لما يحبون من المواضيع، وهذا التغيّر الذي طرأ على صغارنا لم يغيير مشاعرنا بل وحتى طريقة تفكيرنا في التعامل معهم رغم حبنا الشديد لهم، وعندما نشعر بقدراتهم علينا أن نصحح ونطور طريقة تعاملنا معهم و كذلك طريقة التوجيه لهم!!
الكبار عندنا في المجتمع العربي كله لديهم الخوف المتنوع و المتعدد الدرجات، فهم يخافون على صغارهم من كل شيء بما في ذلك السعي لإيصال هؤلاء الصغار للإبداع، و هم يخافون من مشاعرهم " حتى الجميلة منها " لأنها ستحدث تغيّراً واسعاً في حياتهم، حتى أن أحد كبار الباحثين في الإبداع قال " الحمد لله أني لم أتزوج من أحببت في شبابي " ، المشاعر ليست سيئة لكننا نتعامل معها ونراها من منظور غير دقيق فتظهر على أنها ضعف، والحقيقة أننا لا نتعامل مع المشاعر بالشكل المناسب لتصبح سبباً وحافزاً على المزيد من التميز والنجاح بل وحتى الإبداع والعبقرية، و كلمة شاعر واضحة المعنى " صاحب شعور "، أتمنى للكبار والصغار المزيد من التميز في كل أمور حياتهم.
باسم سعيد خورما